داليا زيادة: الدولة لديها موارد محدودة لتمويل المنظمات الحقوقية

كتب: سلمان إسماعيل

داليا زيادة: الدولة لديها موارد محدودة لتمويل المنظمات الحقوقية

داليا زيادة: الدولة لديها موارد محدودة لتمويل المنظمات الحقوقية

قالت داليا زيادة، مدير ومؤسس المركز المصري لدراسات الديمقراطية الحرة، إن مصطلح التمويل الأجنبي ليس جريمة لكنه اكتسب سمعة سيئة من إساءة استخدام بعض المنتفعين.

وأضافت زيادة في حوارها لـ"الوطن"، أن الدولة لديها موارد محدودة لتمويل المنظمات الحقوقية وهناك منظمات كثيرة توقفت عن العمل بسبب عدم وجود تمويل كافي لممارسة نشاطها، وأشارت إلى أن قانون الجمعيات الجديد أتاح الفرصة للدولة للتدخل بشكل إشرافي بين المانح الأجنبي والمؤسسة المحلية، بما يضمن عدم تكرار إساءة استخدام التمويل مرة أخرى، وفيما يلي نص الحوار..

{long_qoute_1}

* هل التمويل الأجنبي شر في المطلق؟

- التمويل بوجه عام هو شريان الحياة لأي مشروع، سواء كان مجتمع مدني أو حكومي أو خاص، لكن مصطلح التمويل الأجنبي اكتسب سمعته السيئة من رافدين، أولهما إساءة استخدام بعض المنتفعين بالتمويل الأجنبي له، وبالتالي إعطاء صورة سلبية عنه، وثانيها إساءة تناول بعض وسائل الإعلام الغاضبة بعد ثورة يناير لمسألة التمويل الأجنبي.

ولكن التمويل الأجنبي ليس شراً وليس جريمة، بالعكس فإن فيه خيراً كثيراً للمجتمع المدني والاقتصاد المصري بشكل عام لو أحسن استخدامه، وتم توجيهه إلى الروافد الصحيحة، الدولة نفسها تتلقى تمويلاً أجنبياً لبعض المشروعات المتعلقة بالصحة والتعليم، وهذا يساهم بشكل كبير في تيسيير وتعجيل خطة الحكومة الموضوعة للتطوير في هذين المجالين، والتمويل الأجنبي أيضاً لا يجرمه القانون، بل هو فعل مشروع في قانون الجمعيات القديم والجديد أن تتلقى المنظمات والمؤسسات المستقلة العاملة في المجتمع المدني تمويلاً من جهات أجنبية، كل الفرق أن المسألة كانت مفتوحة في القانون القديم، وحتى المؤسسات التي لم تخضع للقانون وقتها لأنها كانت مسجلة كشركات مدنية، كانت تستفيد بالتمويل الأجنبي وتتلقاه دون أي رقابة سواء على أوجه المنح أو أوجه الصرف، وهو ما تغير مع القانون الجديد الذي أتاح فرصة أكبر للدولة للتدخل بشكل إشرافي وليس رقابي لضبط العلاقة بين المانح الأجنبي والمؤسسة المحلية بما يضمن حق المانح ويحميه، وأيضاً متابعة أوجه الصرف بما يضمن عدم تكرار إساءة استخدام التمويل في غير الأغراض المخصصة له.

{long_qoute_2}

* كيف ترين خطورة التمويل الأجنبي على عمل المنظمات الحقوقية في مصر؟

- التمويل هو شريان الحياة بالنسبة للمنظمات، وغيابه يعني الموت البطيء للعمل المدني في مصر بشكل عام، منظمات المجتمع المدني الخيرية تعتمد بدرجة كبيرة على التبرعات الداخلية من مواطنين وأفراد ورجال أعمال، لكن المنظمات الحقوقية لا تتمتع بنفس الرافد المهم، أي تبرعات الأفراد وقطاع الأعمال، نظراً لغياب هذه الثقافة لدينا، وأيضاً بسبب السمعة السيئة التي لحقت بالمنظمات الحقوقية في فترة ما بعد ثورة يناير بسبب الهجوم الإعلامي الذي لم يفرق بين الطيب والخبيث منها، كما أن الدولة لديها موارد محدودة جداً لتمويل المنظمات الحقوقية أو تخصيص برامج ومنح مشاريع لها مثلما هو الحال في أوروبا وأمريكا مثلاً، لهذا فإن المصدر الوحيد الذي كانت تعتمد عليه هذه المنظمات كان هو التمويل الأجنبي من مؤسسات أمريكية وأوروبية، وفي ظل غياب هذا التمويل الآن توقفت الكثير من المنظمات عن العمل تماماً.

{left_qoute_1}

 

* وإلى أي مدى يتعلق التمويل بالأمن القومي؟

- لو تم كل شيء في إطار القانون لن يكون هناك خطر على الإطلاق، لأن القانون يضبط تماماً مسألة استخدام التمويل الأجنبي أو المحلي في توجيه أو التأثير على مجريات الحياة السياسية داخل الدولة لتحقيق مصالح أطراف خارجية.

وقد رأينا هذا بوضوح أثناء فترة إزدهار جماعة الإخوان المسلمين وسيطرتها على القطاع الأضخم من مؤسسات المجتمع المدني الخيرية، وكذلك تسللهم إلى المجال الحقوقي، حيث استغلوا التمويل القادم للمنظمات المدنية التي كانوا يريدونها في عمل حملات انتخابية لمرشحيهم في البرلمان، وعمل حملات مناصرة في الخارج للتأثير على السياسة الداخلية في مصر، ولم نفق لهذه الكارثة إلا بعدما وصل الإخوان للحكم في 2012.

* هل تشكل القضية 173 رادعًا لكل من يحاول استغلال التمويل في غير العمل الحقوقي؟

- هذا ما كنا نرجوه، لكن استمرار فتح القضية طيلة ست سنوات حتى الآن دون أي حكم نهائي وحاسم فيها، للأسف أضر بالصالحين بدلاً من أن يعاقب المخطئين.

بمعنى أخر، فإن القضية كان هدفها ملاحقة كل من تلقى تمويلاً أجنبياً بشكل غير شرعي وأساء استخدام هذا التمويل في الإضرار بالأمن القومي المصري، وتم بالفعل إجراء تحقيقات ومحاكمات مع عدد كبير من المنظمات المشتبه بها، وتم إدانة بعضها إعلامياً فقط وليس قضائياً، لأن القضية ما زالت مفتوحة ولم يقل فيها القضاء كلمته، وترتب على ذلك إن أصبح المواطن ينظر إلى كل المنظمات الحقوقية سواء المدرجة في القضية أو تلك الملتزمة بالقانون على أنها شيء واحد سيء ومرفوض، وهذا ضرب مصداقيتنا جميعاً في أعين عوام المواطنين للأسف، لهذا يجب اتخاذ موقف واضح في القضية والحكم فيها بشكل نهائي لتبرئة البريء وإدانة المدان، وبالتالي يستطيع الشرفاء في العمل الحقوقي والمدني العودة لممارسة أعمالهم مرة أخرى في ظل قبول مجتمعي.

* وكيف تضمن الدولة عدم استغلال هذا التمويل في دعم الجماعات الإرهابية؟

- تطبيق القانون والتزام الجميع به هو المفتاح، قانون الجمعيات الجديد به ما يضمن ذلك تماماً، كما أن تمويل الجماعات الإرهابية في الحقيقة لا يأتي عبر التمويل الأجنبي فقط، بل إن الجزء الأكبر منه يأتي من خلال تبرعات داخلية من مواطنين مخدوعين في الخطاب الديني والخيري الذي تستخدمه هذه الجمعيات للترويج لنفسها.


مواضيع متعلقة