"السلفية والأشاعرة".. صراع أزلي على لقب "أهل السنة والجماعة"
![جانب من مؤتمر الشيشان](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/4685939351472238897.jpg)
جانب من مؤتمر الشيشان
تصاعدت نيران الحرب بين التيارات السلفية في مصر والأشاعرة بالأزهر و"الأوقاف" من جديد، حول لقب أهل السنة والجماعة، وذلك علي إثر تحركات وزارة الأوقاف لمنع الفكر السلفي من صعود المنابر، كان آخرها منع القيادي السلفي المدخلي محمد سعيد رسلان من الخطابة.
واعتبر الشيخ محمود لطفي عامر، الداعية السلفي ورئيس جماعة أنصار السنة بدمنهور، سابقا، تحرك الدكتور محمد مختار وزير الأوقاف، ضد التيارات السلفية آخرها السلفي محمد سعيد رسلان، بأنها حملة من الأزهرين على السلفيين، سببها الخصومة القديمة والمستمرة بين الأشاعرة الصوفية التي تمثلهما المدرسة الأزهرية، والسلفية، فهذه "هي العلة الحقيقية".
واعتبر رئيس جماعة أنصار السنة بدمنهور سابقا، وفقا لبيان صادر عنه، «السلفية» هم أهل السنة والجماعة، وأن «الأشاعرة والماتريدية» فرق «مذمومة»، مضيفا: «الأوقاف ترى وتسمع مخالفات في أصول الدين من خطباء مساجد كبيرة ولا تحرك ساكنا، بل تشارك في موالد أصحاب الاضرحة ولا تنكر ولا تمنع، ولا أعتقد أن رسلان وغيره أخطأ مثل أخطاء شيوخ الموالد الأزهريين، بل استمع الأزهر إلى زندقة أو جهالة مصطفي راشد الأزهري، ومحمدعبد الله نصر الأزهري، ولم يحرك ساكنا، ولو بسحب الشهادة الأزهرية منهما، وكذلك استمع الأزهر لآراء سعد الدين الهلالي الشاذة، ولم يحرك ساكنا، ومظهر شاهين وأحمد كريمة، وغيرهم ومع ذلك تركوا رغم أن أخطاءهم أكبر بكثير من مخالفة السلفية».
وتابع: «السلفية الحقيقية لها رب يحميها ولسنا نحن الذين نحميها وإنما نحن الذين نحتمي بالسلفية، فالسلفية الحقة هي أول من تصدت للتكفيريين والإرهابيين وهي أول من وقفت مع الدولة حينما كادت أن تسقط، وقفت مع الدولة ليس في مخالفاتها، وإنما وقفت مع الدولة ضد الفوضي، لو كان في مصر منصفين وباحثين صادقين، لقالوا للناس إن الذي تصدي للإخوان ومنذ نشأتهم السلفية، أما الأزهر، فمنذ ظهور حسن البنا وحتي قبل سقوط الإخوان، لا يوجد في أروقته العلمية البحثية الأكاديمية أي أبحاث تنقد فكر الإخوان، بل لو دققنا البحث لوجدنا أطروحات بحثية أزهرية علي خطى الإخوان».
من جانبها قالت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر: "هذه تصنيفات عتيقة لم يعد لنا حاجة بها"، مضيفة: "أتمنى أن يعود الفريقان لرشدهم، وأن يتحد الجميع لنصرة الإيمان الذي يضيع بسبب مثل هذه المعارك التافهة، فمن يرى حال المسلمين وصراعاتهم لن يجد إلا سوء، فعلى الجميع الرشد فقد انهكت هذه الخلافات والصراعات الأمة من قبل ولم يعد هناك قدرة أو طاقة على تجديدها".
وقال عبدالغني هندي، عضو المجلس العلوي للشؤون الإسلامية، إنه "لا يوجد شيء اسمه سلفية وإنما هو مصطلح ظهر على حين غفلة من الزمان وآن لها أن تنتهي، فلم يميز السلف أنفسهم بتسمية وإنما سلوك لا يطبقه الآن سوى الأزهر، ومهما نسبوا هؤلاء أنفسهم للسلف فهو منهم براء لأنهم مجرد مدعين".
وأضاف: "العجيب أن كل الأئمة الذين يدعون أنهم قيادات مذهبهم المدعي ذلك ما بين أشعريين أو أزهريين، وليس لهم سوى ابن تيمية الذي ثبتت كوارثه في العصر الحديث".
وأوضح: "مصطلح أهل السنة والجماعة أطلق منذ بدأ التمييز بين السنة والشيعة في مطلع التاريخ الإسلامي على الأشاعرة وحدهم، وما دونهم كانت لهم ألقاب أخرى، وكان السلفيين المتشددين الآن يطلق عليهم الحشوية والمجسمة لأنهم طائفةٌ تمسَّكوا بالظواهر، وذهبُوا إلى التجْسيم في وصف الذات الإلهية، ولم يكن لهم وجود يذكر، ولولا ما حصلوا عليه من أموال خلال العقدين الأخرين لما سمنعا لهؤلاء صوتا».
وكان الفريقان المتنافسان حول لقب أهل السنة والجماعة قد تجدد الصراع بينهما عقب مؤتمرين سابقين، الأول كان في أغسطس 2016م، تحت مسمي مؤتمر «من أهل السنة والجماعة» تم عقده في الشيشان بحضور أكثر من 200 عالم ومفتٍ من مختلف الدول العربية والإسلامية والغربية، وعلى رأسهم الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وبمشاركة أبرز علماء السنّة فى العالم، الذين أعلنوا فيه أن مصطلح أهل السنّة والجماعة لا ينسحب على السلفية «الوهابية».
وفي نوفمبر من نفس العام أصدر شيوخ سلفية الخليج بياناً خلال مؤتمر عقدوه بالكويت، للرد على مؤتمر «جروزنى»، أكدوا فيه أن جعل مذهب السلف مكوِناً من مكونات أهل السنّة والجماعة خطأ محض، بل هم فقط أهل السنّة والجماعة، وما عداهم من الفِرق ممن خالفهم فى الأصول أو تدثّر بشعارٍ غير شعارهم، فِرق ذمها رسول الله، كمن قدّم العقل البشرى على الكتاب والسنة، وجعله حاكماً عليهما، أو عطّل الله عن صفاته الواردة فى الكتاب والسنة وحرّف معانيها فصرفها عن حقائقها، أو فوّضها، بدعوى التنزيه عن مشابهة الخلق، أو نفى استواء الله على عرشه، أو علوه على خلقه، أو غلا فى الوعيد، وكفّر بالذنب، وخرج على جماعة المسلمين وأئمتهم، أو قسم الدين إلى حقيقة وشريعة، وباطن وظاهر.