اقتصاد الأرجنتين ينكمش إثر فضيحة "دفاتر الفساد"

كتب: حسن رمضان

اقتصاد الأرجنتين ينكمش إثر فضيحة "دفاتر الفساد"

اقتصاد الأرجنتين ينكمش إثر فضيحة "دفاتر الفساد"

تشهد الأرجنتين ثالث قوة اقتصادية في أمريكا اللاتينية، حاليا انكماشا، وكذلك صعوبة في إنهاض اقتصادها بالرغم من لجوئها إلى "صندوق النقد الدولي" الذي منحها في يونيو الماضي قرضا بقيمة 50 مليار دولار.

وتعاني "بلاد التانجو"، من تدهور كبير في سعر صرف عملتها الوطنية "البيزو"، وكذلك تشهد الأرجنتين فضيحة "دفاتر الفساد"، والتي تم فيها توجيه الاتهام رسميا إلى رئيسة الأرجنتين السابقة كريستينا كيرشنر، وهذه الفضيحة هزت البلاد منذ أسابيع، ووصل الأمر بالقاضي إلى طلب توقيفها على الرغم من الحصانة البرلمانية التي تتمتع بها وتمنع ذلك، ووتتعلق القضية برشاوى بقيمة 160 مليون دولار.

واحتجت مجموعة من الصحفيين العاملين في وكالة "تيلام"، على فصلهم من الوكالة الأرجنتينية، وذلك بحضور زملائه من القناة السابعة في الأرجنتين والذين دافعوا عنزملائهم في "تيلام"، وطالبوا المساواة في المرتبات في التليفزيون الحكومي.

وكان الرئيس الرئيس الأرجنتيني، ماوريسيو ماكري، اضطر في وقت سابق لإعادة التفاوض على اتفاق الصندوق، طارحا سياسات تهدف إلى التخلص من العجز في ميزانية البلاد العام القادم، مقابل صرف أموال من صندوق النقد بمعدل أسرع من المخطط، فيما توقعت إدارة الرئيس الأرجنتيني، أن يبلغ العجز هذا العام 2.6% من الناتج المحلي الإجمالي.

وكانت موجة بيع "البيزو" بدأت، مايو الماضي، مدفوعة بارتفاع التضخم وشكوك بشأن قدر "المركزي" في الأرجنتين على سداد ديونه المتنامية القصيرة الأجل.

وانزلق الاقتصاد منذ ذلك الحين إلى الركود، مع وصول التضخم إلى أكثر من 34%، وكان "البيزو" الأرجنتيني، خسر في أغسطس الماضي، حوالى 20% من قيمته إزاء الدولار، ما أرغم "البنك المركزي على رفع نسبة فائدته الرئيسية إلى 60%، وهي من أعلى المستويات في العالم.

وبذلك تكون العملة الأرجنتينية خسرت، منذ مطلع 2018، أكثر من 53% من قيمتها بالنسبة للدولار، في مواجهة أزمة ثقة حادة.

وذكرت وكالة "فرانس برس" الفرنسية، أن "البيزو"الأرجنتيني، في 31 أغسطس الماضي، أكبر هبوط خلال يوم واحد منذ تولي "ماكري" مهام الرئاسة في نهاية 2015، متراجعا 13,52%.

وأشارت الوكالة الفرنسية، إلى أنه في ظل توقعات سنوية للتضخم تتخطى 30%، اتخذ "المركزي الأرجنتيني"، الشهر الماضي، خطوة هامة بزيادة نسبة فائدته الرئيسية 15 نقطة من 45 إلى 60%، سعيا لوقف تراجع قيمة العملة الوطنية.

وأمس، أغلق "البيزو" الأرجنتيني مرتفعا 2.9%، في انعكاس لتفاؤل المستثمرين بأن البلد الذي يعاني ركودا سيتوصل إلى اتفاق جديد على تمويل مشروط من صندوق النقد، بهدف ضمان قدرة الحكومة على الوفاء بديونها، وجرى تداول العملة الوطنية، عند 38.25 مقابل الدولار الأمريكي في نهاية الجلسة.

وكشفت الحكومة الأرجنتنية، الإثنين الماضي، عن مقترحها لميزانية عام 2019، عارضة تخفيضات في الإنفاق وزيادات في الضرائب على الصادرات كوسيلة للوصول إلى التوازن في الميزانية.

وكان "الاتحاد العام للعمل" في الأرجنتين، عارض بقوة طلب الرئيس الأرجنتيني ماوريسيو ماكري، حزمة المساعدات من "صندوق النقد"، خوفا من التراجع الاقتصادي وفرض مزيد من التقشف وازدياد الفقر في البلاد.

فيما أعرب مستثمرون عن قلقهم بشأن ما إذا كانت الأرجنتين ستفي بالتزامات ديونها في عام2019، وهو ما دفع الحكومة إلى طلب دعم من الصندوق، بينما قال متحدث باسم "صندوق النقد الدولي"، أمس، إن تقدما مهما تحقق في محادثات بين الصندوق وحكومة "بيونس آيرس"، لتعزيز اتفاق قرض مشروط بقيمة 50 مليار دولار أُبرم في يونيو الماضي.

وشهدت عدة مدن في الأجنتين، في وقت سابق، مظاهرات احتجاجا على ارتفاع الأسعار، وقام المتظاهرون بالقرع على آنية مطبخ كما في 2001 حين شهدت البلاد أزمة اقتصادية واجتماعية خطيرة، اقترنت بأكبر تعثر في السداد في تاريخها.

بدورها، أشارت قناة "فرانس 24" الفرنسية، إلى أن تراجع سعر صرف "البيزو" الأرجنتيني، مقابل الدولار، انعكس إيجابا على السياح في الأرجنتين الذين باتت رحلاتهم أرخص بكثير من المتوقّع، بينما كان الحال معاكس لدى الأرجنتينيين الراغبين بالسياحة في الخارج.

وقالت القناة الفرنسية، إن الشركات السياحية تخوفت من تدهور حركة السياح الأرجنتينيين إلى الدول المجاورة، ولا سيما إلى تشيلي وأوروجواي حيث سجّل فعلا انحسار في الأعداد، بينما قرّرت "أوروجواي" التي يقصدها الكثير من الأرجنتينيين في فصل الصيف الجنوبي، أن تعمل مجددا بمبدأ إعفائهم من الضريبة على القيمة المضافة البالغة 22 %، لجذب أكبر أعداد منهم.

ومنذ انتخابه في 2015، أدخل الرئيس الأرجنتيني، تغييرات على اقتصاد بلاده عبر تحريره، في سياسة كانت لها آثار سلبية في البداية قبل أن ينتعش النمو الذي بلغت نسبته 1,6% في النصف الاول من 2017.

{left_qoute_2}

وكان رئيس بلدية "بوينس أيرس"، الرئيس الحالي للأرجنتين ماوريسيو ماكري، تعهد في وقت سابق، بأن يتخلص من نظام التحكم في الأسعار المثير للجدل الذي يُطبق في الوقت الراهن على أكثر من 400 سلعة تُباع في المتاجر في جميع أنحاء البلاد.

وقال في خطاب تليفيزيوني في وقت سابق: "لقد أخبرنا العالم أننا نعيش بما يتجاوز إمكانياتنا".

وفي سياق آخر، تم الكشف عن فضيحة "دفاتر الفساد"، في أغسطس الماضي، بعد نشر مضمون دفاتر دون فيها روبرتو باراتا سائق نائب وزير التخطيط، بدقة أماكن وتواريخ تسليم أكياس من المال إلى أعضاء في إدارة رئيسة الأرجنتين السابقة، كريستينا كيرشنر، والتي تولت الرئاسة من 2007 إلى 2015، من رؤساء شركات في قطاع الأشغال العامة.

وتستهدف تحقيقات كيرشنر في 5 قضايا أخرى من اتهامات بالتلاعب بأسعار العملات إلى توقيع اتفاقية مع الحكومة الإيرانية حمت إيرانيين مشتبه بهم في اعتداء استهدف المركز اليهودي في العاصمة الأرجنتينة في 1994، بينما قالت الرئيس الأرجنتينية السابقة، إنها أصبحت ضحية للملاحقة بسبب آرائها ومواقفها السياسية.

واشتبه القاضي المكلف في القضية، أن كيرشنر كانت مسؤولة مع زوجها الرئيس الأرجنتيني الأسبق نستور كيرشنر والذي تولي الرئاسة من 2003 إلى 2007، عن نظام فساد كان مسؤولو شركات يدفعون فيه ملايين الدولارات نقدا إلى موظفين في الحكومة مقابل الحصول على صفقات.

فيما أشار ملف الاتهام، إلى أن تواطئ بين موظفين ورؤساء شركات بين 2003 و2015 سمح بإقامة نظام توزيع للرشاوى على الموظفين، وأوضحملف الاتهام أن رؤساء الشركات، أدعوا أنهم تعرضوا لضغوط سياسية. وكان القاضي الأرجنتيني طلب في وقت سابق، توقيف 17 موظفا سابقا ورؤساء 13 شركة، ووافق 5 من الموظفين و9 من رؤساء الشركات على التعاون مع القضاء وسيبقون أحرارا، بينما تم توجيه الاتهام الاتهام إلى 11 مشتبها به آخرين بدون توقيفهم قيد التحقيق.

من جانبها، ناشدت النائبة الأرجنتينية، العضو في حزب "الجبهة من أجل الانتصار" المعارضة، مايرا ميندوسا، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المساعدة بسبب الملاحقة القضائية لرئيسة الأرجنتين السابقة.

وقالت أمس الخميس: "نجحت في الاقتراب من بوتين وتسليمه الوثيقة التي تتحدث عن تدهور السلطة القضائية والأزمة التي تسبب فيها، وكذلك غياب دولة القانون في الأرجنتين واستخدام الآليات القانونية ضد الخصوم السياسيين للرئيس الأرجنتيني الحالي، ماوريسيو ماكري وقبل كل شيء ضد كيرشنر وأسرتها، مؤكدة أنه لفتت أنظار بوتين بكلماتها أن بلادها تحتاج إلى المساعدة".

{left_qoute_1}

 

 

البنك المركزي الأرجنتيني

 

رئيسة الأرجنتين السابقة كريستينا كيرشنر

 

رئيسة الأرجنتين السابقة والنائبة البرلمانيةكريستينا كيرشنر تدلي بكلمة أمام الكونجرس في بلادها

 

رئيسة الأرجنتين السابقة كريستينا كيرشنر أثناء خروجها من محكمة في العاصمة "بيونس آيرس"

 

مؤيدون لكيرشنر يتظاهرون خارج محكمة في "بيونس آيرس"

مؤيدون لكيرشنر يتظاهرون خارج محكمة في "بيونس آيرس"

 

 


مواضيع متعلقة