عن الإعلام

حازم منير

حازم منير

كاتب صحفي

حتى الآن لم ينتقل الإعلام من دائرة الفشل والانهيار المُتهم بهما إلى واقع التحديث والتطوير والنجاح المرجو، وما زالت كل التحركات تتم فى إطار التجربة والخطأ دون الوصول إلى نتائج محددة، والعنصر الوحيد المتواصل هو تبادل الاتهامات بين كل المعنيين بالأمر حول المسئولية عن هذا الانهيار سواء كانت لأسباب مهنية أو سياسية، والحاصل فى المقابل تحول كبير وانتقال الناس إلى إعلام التواصل الاجتماعى والاعتماد عليه بكل إيجابياته وسلبياته فى المعرفة بديلاً عن الإعلام التقليدى، وإذا كنا نعانى من غياب دراسات وبحوث علمية ترصد لنا حقيقة هذا التحول وما إذا كان يمثل أغلبية إلا أن هناك دلائل أخرى مساعدة على معرفة الواقع، فهناك مؤشرات وانطباعات المدركات العامة لاستخدام الناس «الإنترنت» سواء فى وسائل النقل العام أو فى الطرقات أو على المقاهى والكافيتريات أو أماكن العمل أو الدراسة أو داخل المنازل وأحياناً أثناء قيادة السيارات وكلها تدلل على الانتشار والاشتباك الواسع بين الناس وبين إعلام التواصل الاجتماعى.

طيب إذا كان الأمر كذلك فلماذا حصل ذلك؟ هل كثرة الانتقادات والاتهامات التى تم توجيهها للإعلام فى الآونة الأخيرة تسببت فى تجريس سمعته بصورة لم يعد ممكناً تجاوزها وتلوثت سمعته بشكل مزمن، أم أنه فشل فى إقناع الناس واستعادتهم رغم كل التغييرات التى لحقت به؟

ظنى أن الإقبال على مواقع التواصل الاجتماعى يرجع إلى حيوية المجال الذى تتحرك فيه ويتسم بالتنوع والمنافسة والصراع والمواجهات والنفى والتأكيد والاتهام ورد الاتهام بين المُروجين للقصص والأحداث، وهو مجال يجذب الناس لتلمس المعلومات والأخبار بكل ما تحمله من جوانب صحيحة أو كاذبة، ولا يمكن مواجهة هذا المجال الحيوى بآخر خامل يفتقد التنوع والمنافسة.

فى بلاد حديثة النشأة والتكوين يلجأ القائمون على التغيير لقاعدة التجربة والخطأ، أما فى البلاد المستقرة ذات التاريخ والخبرة العميقة فلا مجال لذلك، وإنما التطوير يتم بالرجوع إلى العلم والقواعد المهنية فى التعامل مع المظاهر والأحداث بدلاً من السقوط فى تجربة ودخول غيرها ثم الارتداد عنها وهكذا.

عن قريب سينتشر فى بلادنا الإعلام البديل عبر الإنترنت وهو موجود منذ فترة لكنه سيقتحم المجال واسعاً بمحطات إذاعية خاصة بالأحياء بل ربما فى كل شارع على حدة وشاشات وصحف وخلافه.

النائب أسامة هيكل، رئيس لجنة الإعلام بالبرلمان، قال أثناء مناقشة قوانين الإعلام «لم يعد الإعلام الحديث قابلاً للسيطرة وهو غير قابل للمنع وغالبية الإعلام الإلكترونى غير قابل للضبط».

استعادة الناس تتطلب التزام القاعدة الجوهرية التى تقول «إذا لم تحترم احتياجات المُتلقى لن تنجح فى اجتذابه».