رئيس «جنايات القاهرة» السابق: المحكمة توازن بين الأدلة الفنية والقولية.. والاعتراف لم يعد «سيدها»

كتب: هيثم البرعى

رئيس «جنايات القاهرة» السابق: المحكمة توازن بين الأدلة الفنية والقولية.. والاعتراف لم يعد «سيدها»

رئيس «جنايات القاهرة» السابق: المحكمة توازن بين الأدلة الفنية والقولية.. والاعتراف لم يعد «سيدها»

تمر أى قضية بعدة مراحل تبدأ من محضر الشرطة مروراً بتحقيقات تجريها النيابة العامة لتصدر فى النهاية قراراً إما بحفظ التحقيقات فى القضية، أو إحالتها لمحكمة الموضوع التى تشمل دوائر الجنايات والجنح.. تبدأ بعدها المحكمة فى طرح الدعوى على بساط البحث والتعمق فيها وتحقق فيها من البداية، حيث تشرع فى سؤال المتهم ومواجهته بالاتهامات المنسوبة إليه فى أمر الإحالة، ثم توازن المحكمة وتقدر الأدلة المقدمة لها، ولها أن تعتد بشهادة شاهد وتلتفت عن شهادة آخر وهو من حقوقها الأصيلة خلال نظر الدعوى، وبعد إصدار حكمها النهائى تودع المحكمة أسباب حكمها، تذكر فيها رداً وافياً على الدفوع التى أبداها المحامى خلال الدفاع عن المتهم وأسباب إدانته ومواد القانون التى استندت إليها فى إنزال العقوبة على المتهم.

{long_qoute_1}

المستشار حسن حسنين، رئيس محكمة جنايات القاهرة السابق، أجاب عن عدة تساؤلات فى طبيعة عمل المحكمة وكيفية تقدير الأدلة الفنية والقولية وكيفية الموازنة بينها للتوصل فى النهاية إلى يقين تستند إليه المحكمة فى إصدار حكمها ببراءة أو إدانة المتهم.

وقال «حسنين»، لـ«الوطن»: «حين تُحال الدعوى الجنائية للمحكمة فإنها تكون قائمة على أدلة فنية وقولية، وتشمل الأولى تقارير لجان متخصصة طبية أو هندسية أو حسابية، والمحكمة لا تفصل فى الأمور التى تحتاج لمتخصصين وتنتدبهم كونهم أهل الاختصاص ولها الحق فى الأخذ بما ورد بتقاريرهم من عدمه كونها (الخبير الأعلى فى الدعوى). أما الأدلة القولية فتشمل أقوال المتهم، منذ فَجر الدعوى، فى محضر الشرطة أو تحقيقات النيابة أو أمام المحكمة ذاتها. وأوضح «حسنين» أن الاعتراف لم يعد هو سيد الأدلة، ففى حال اعترف المتهم يجب أن يكون ذلك مُؤيَّدا بقرائن أخرى، وكل ذلك يخضع فى النهاية لتقدير المحكمة وتأخذ ما تطمئن إليه فقط.

{long_qoute_2}

وأشار رئيس جنايات القاهرة السابق إلى أن الفيصل فى الدعوى هو اطمئنان المحكمة ووجدانها دون غيرهما، وذلك فيما يخص الأدلة بنوعيها، موضحاً أنه بالنسبة للأدلة الفنية فهى لا تستطيع الفصل فيها إلا بعد الرجوع للجان مختصة، وإن كان هناك تناقض فى التقرير تنتدب المحكمة لجنة أخرى للفصل فى التقرير المقدم لها.

وعن إعادة التحقيق الذى تباشره المحكمة، قال «حسنين» إنه يحق للمحكمة إعادة التحقيق فى الدعوى الجنائية لكنها ليست لزاماً عليها، وقد تضطر المحكمة لإعادة التحقيق مع المتهم إن اكتشفت قصوراً فى تحقيقات النيابة العامة، حيث تستدعى الشهود وتستمع لهم مرة أخرى بغية الوصول إلى الحقيقة المجردة، وتقدّر بين أقوالهم فى النيابة وأقوالهم أمامها، ولها الحق الكامل فى أن تأخذ بأقوال شاهد ما فى أى مرحلة من مراحل الدعوى سواء فى محضر الشرطة أو النيابة، دون غيره، وتبدأ فى مقارنة الشهادة بباقى الأدلة، فإن اطمأنت لها ترفض ما عداها.

وشرح «حسنين» أن المحكمة غير مُلزَمة بإبداء أسباب اطمئنانها إلى شاهد دون آخر، وإن سطرت تلك الأسباب فى حيثيات حكم فإن كل ما تكتبه يكون تحت سلطة المحكمة الأعلى وهى محكمة النقض، والتى تتلقى طعون المتهم على حكم إدانته خلال 60 يوماً من صدور حكم الجنايات، وتصدر النقض حكمها بإلغاء إدانة المتهم وإعادة محاكمته أو تأييد الحكم ورفض الطعن المُقدم منه.

{long_qoute_3}

ويقول «حسنين» إن المحامى الحاضر مع المتهم يبدى دفوعاً شكلية وأخرى موضوعية، ويجب على المحكمة أن ترد على الدفوع الشكلية أولاً، وتتمثل فى الدفع بعدم اختصاص المحكمة أو عدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها من غير ذى صفة، وهناك دفوع موضوعية تتعلق بموضوع الدعوى كالدفع ببطلان القبض أو بطلان التحقيقات، وترد المحكمة على الدفوع الموضوعية وفقاً للقانون، وبعدما تبحث عن أساسه بقانونى الإجراءات الجنائية والعقوبات، ففى حال أبدى المحامى دفعاً ببطلان القبض على موكله المتهم تبحث المحكمة عن تاريخ تحرير أمر الضبط والإحضار وهل هو سبق القبض على المتهم أم بتاريخ لاحق، ودائماً ما يكون الرد على الدفوع من أدلة الدعوى وأوراقها، وقد تلتفت المحكمة عن الدفع ببطلان أقوال الشهود حال اطمأنت لأقوال شاهد ما.

وعن الأحكام التى تستوجب إجماع آراء جميع أعضاء المحكمة، أشار القاضى السابق إلى أن حكم الإعدام هو الوحيد الذى يصدر بإجماع الآراء وبعد أخذ رأى المفتى من الناحية الشرعية، كون الإعدام عقوبة إزهاق روح لا رجعة فيه والقانون يُلزم المحكمة بهذا الشرط، وقلما تُخطئ المحكمة فى تطبيق أحكام الإعدام بدرجة تكاد تكون منعدمة. وأوضح أن حكم الإعدام يصبح باتاً واجب النفاذ بعد مرور أوراق الدعوى على 16 قاضياً 6 منهم فى محكمة الجنايات و10 فى محكمة النقض.


مواضيع متعلقة