قضايا الرأى العام.. عندما يصبح الجمهور «القاضى والجلاد»

كتب: سامى عبدالراضى

قضايا الرأى العام.. عندما يصبح الجمهور «القاضى والجلاد»

قضايا الرأى العام.. عندما يصبح الجمهور «القاضى والجلاد»

جرائم القتل نوعان.. الأول قد ينتهى فى أيام معدودة بظهور الأدلة والبراهين وبالاعتراف، وتكون قضايا عادية لا يمكن وصفها بـ«قضايا الرأى العام» إلا من خلال خبر أو تغطية صحفية فى موقع أو صحيفة.. النوع الثانى قضايا عنوانها «الجدل» وطريقها ملىء بـ«الروايات» وتفاصيلها «مغزولة» بـ«حكاوى» الجيران أو أهل القرية أو المدينة أو حتى الشارع الذى وقعت به.. قد يصدمهم اسم «من قتل».. أو قل من اتهم بالقتل.. وهذا يحدث مع غالبية القضايا الكبرى والمسماة بـ«قضايا الرأى العام».. هذه القضايا تفرض نفسها بقوة على الشارع وتكون حاضرة فى التغطيات الصحفية والتليفزيونية لفترة طويلة، ويتسابق الجميع ما بين معلومات دقيقة أو أخرى «مدسوسة» هدفها إثارة الجدل. قضية «ميت سلسيل» ليست آخر هذه القضايا.. تظاهر أقارب وجيران المتهم وأهل المدينة رافعين شعاراً واحداً فقط: «محمود برىء».. فى الوقت الذى اعترف فيه المتهم بأنه قتل طفليه، والأدلة كانت كثيرة.. هنا كاميرات رصدته بـ«اليوم والساعة والدقيقة».. وهناك تتبع جغرافى للهاتف المحمول أكد أنه موجود فى مسرح الجريمة.. رغم ذلك.. زادت الروايات وتناقلها الكثير: «أيوه برىء.. ومش ممكن يقتل ولاده.. أيوه»، وغير ذلك من جمل رددها الكثير دون «تعقب» لمعلومة أو «تعقل» لرواية.

{long_qoute_1}

هل الرأى العام هو الذى يحدد «القتلة»؟.. أم النيابة والشرطة؟ هل الأدلة والبراهين، والاعترافات، والمشاهدات هى «الفيصل»؟.. أم المظاهرات والهتافات على مواقع التواصل؟.. هل الرأى العام عليه أن يتابع فقط أو يشير ويقول: «ده برىء.. ومش متهم»؟.. أم عليه أن ينتظر المحاكمة ويصمت ولا يصنع جدلاً أو يشارك فيه؟ كثير من قضايا الرأى العام حسمتها المحكمة وخالفت «هوى» الرأى العام.. ومن بينها قضية مقتل 10 فى بنى مزار على يد شاب.. وبرأته المحكمة.. رغم أن أهالى القرية جميعاً وأسر الضحايا قالوا: «لقد قتل».. نفس المحكمة ونفس القاضى، المستشار محمد عبدالرحيم إسماعيل، هو الذى عاقب المتهم بقتل «هبة ونادين» بـ«الإعدام»، وفى الحكمين كانت الأدلة والبراهين طريقه للوصول إلى الحقيقة، ولم ينصت الرجل أو يلتفت لضغوط «الرأى العام».


مواضيع متعلقة