«التموين».. الملايين يتجرعون «العذاب» على «شبابيك الدعم»

«التموين».. الملايين يتجرعون «العذاب» على «شبابيك الدعم»

«التموين».. الملايين يتجرعون «العذاب» على «شبابيك الدعم»

طوابير طويلة أمام نوافذ تحيط بها أقفاص حديدية، أشبه بزنازين أقسام الشرطة، وأوضاع غير آدمية لا حصر لها، مشاهد متكررة داخل وخارج العديد من مكاتب التموين فى مختلف المحافظات، لسان حال المتعاملين معها يشكو بمرارة مردداً: «نتجرع العذاب على شبابيك الدعم»، بعدما أصبحت عاجزة وغير لائقة لتقديم الخدمات التموينية لملايين المواطنين من مستحقى الدعم شهرياً، رصدت «الوطن» جانباً من تلك الأوضاع داخل عدد من مكاتب التموين بمحافظة الإسكندرية، خاصةً الفرعية منها فى مناطق «محرم بك، وطوسون، وسيدى جابر، وعزبة سعد، والدرايسة، والهانوفيل، والمتراس، وسيدى بشر قبلى».

«نستقبل أكثر من 1000 مواطن يومياً»، هذا ما أكده أحد الموظفين بمكتب تموين «محرم بك أول»، طلب عدم ذكر اسمه، مشيراً إلى أن المكتب يقع وسط سوق الخضار، أسفل كوبرى «محرم بك» على طريق «قناة السويس»، الأمر الذى يحول دون قضاء الكثير من الأهالى مصالحهم بالمكتب، بسبب الزحام، مما يضطرهم إلى الاستعانة بأحد «الكتبة» ممن يقفون أمام المكتب، لإنجاز طلباتهم، مقابل مبالغ مالية يحصلون عليها بطرق غير قانونية، ولا يجد الأهالى أمامهم مفراً منها.

«سلمى حسن»، 24 سنة، محامية، قالت لـ«الوطن»، بينما كانت تنتظر دورها خارج المبنى: «أتوجه يومياً إلى مكتب التموين للسؤال عن وصول البطاقة الخاصة بأسرتى، التى نسعى لاستخراجها كبدل تالف، إلا أن الموظفين يتعاملون معنا بشكل سيئ»، وتابعت بقولها: «غرف المكتب سيئة ومظلمة وبدائية للغاية، تملأها الحشرات، ويجبرنا الموظفون على الوقوف تحت أشعة الشمس الحارقة، وكلما شكونا يقولون: احمدوا ربنا إننا هنخلص لكم طلباتكم»، وأمام مكتب تموين «الدخيلة»، قالت «أم على»، 39 سنة، ربة منزل: «نضطر نقف هنا بالساعات، وسط تلال القمامة ومياه المجارى التى تحاصر المكتب، وتنبعث منها روائح نتنة، تصيب الكثيرين من المترددين بأمراض الحساسية وغيرها، أحياناً نضطر إلى الوقوف لساعات طويلة بسبب الزحام، نشعر كأننا فى مفرمة حقيقية، من أجل الحصول على نصيبنا من الدعم».

{long_qoute_1}

ووسط درجة الحرارة المرتفعة، وبينما كان يحاول تجفيف العرق الذى يتصبب من جبينه، وقف «محمد نبيل»، موظف بأحد مكاتب التموين غرب الإسكندرية، ليحاول تنظيم الطوابير العشوائية التى تشكلت أمام المكتب نتيجة زحام المواطنين، الذين صاح فيهم قائلاً: «لو سمحتم خلصونا علشان نخلصكم»، وتحدث لـ«الوطن»، قائلاً: «أشفق على الناس بسبب سوء ظروف المكتب، ودرجة الحرارة المرتفعة، والزحام الشديد، ولكننا كموظفين لا نملك تحسين تلك الأحوال، وكل ما نملكه هو محاولة التخفيف عليهم، وتسهيل الإجراءات فيما لا يخالف القانون»، وتابع بقوله: «طالبنا الوزارة كثيراً بتطوير مكاتب التموين، على غرار مكاتب البريد، التى أصبحت مميكنة ومكيفة، وتحترم كرامة المواطنين المتعاملين معها».

ومن جانبه، قال وكيل وزارة التموين ومدير الرقابة التموينية بالإسكندرية، محمد سعدالله، إن «المديرية ومكاتبها الفرعية تبذل قصارى جهدها لتقديم خدماتها للمواطنين، سواء فى إضافة المواليد إلى البطاقات التموينية، أو استخراج البطاقات الجديدة، وحذف وإضافة أشخاص، أو إصدار بطاقات بدل فاقد أو تالف، بأيسر شكل ممكن، للتسهيل على المواطنين، وذلك رغم الضغط الكبير فى أعداد المتعاملين مع مكاتب التموين»، مشيراً إلى أن عدد مستحقى الدعم التموينى بالإسكندرية يبلغ نحو 3 ملايين و500 ألف مواطن، يحصلون على خدمات الدعم من 24 مكتباً تموينياً موزعين على جميع أنحاء المحافظة، وأضاف «سعدالله» أن عدد المواليد، الذين يقعون ضمن المرحلة العمرية المستهدف ضمها، يتراوح بين 700 ألف ومليون مولود جديد، ممن لم يتم ضمهم منذ عام 2008، ويتم ضمهم على 3.5 مليون مواطن يستفيدون حالياً من الدعم شهرياً، وهو ما يشكل ضغطاً حقيقياً على المكاتب الفرعية، واختتم تصريحاته لـ«الوطن» بقوله: «نعمل بأقل الإمكانيات، ولدينا خطط للتطوير الشامل للمكاتب الفرعية نسعى لتنفيذها فى كل المناطق، لتقديم خدماتها للمواطنين بالشكل اللائق».

وفى أسوان، ورغم حرارة الصيف الحارقة، التى تتجاوز فى كثير من أوقات النهار 48 درجة مئوية، يتزاحم مئات المواطنين أمام مكاتب التموين المنتشرة بمختلف مراكز ومدن وقرى المحافظة، وغالبيتها عبارة عن مكاتب صغيرة داخل شقة أو شقتين، بالكاد تكفى لاستيعاب الموظفين العاملين بها، ومع انطلاق عملية إضافة المواليد الجدد، بدايةً من عام 2006 وحتى نهاية 2015، على البطاقات التموينية، التى بدأت فى الأول من أغسطس الحالى، تسابق المئات من الأسوانيين لحجز دورهم مبكراً أمام الشبابيك الخارجية لمكاتب التموين.


مواضيع متعلقة