"الصحفيين" عن اقتراح "عابد" بشأن "عضوية النقابة": العبرة بالموهبة

كتب: أحمد البهنساوى

"الصحفيين" عن اقتراح "عابد" بشأن "عضوية النقابة": العبرة بالموهبة

"الصحفيين" عن اقتراح "عابد" بشأن "عضوية النقابة": العبرة بالموهبة

رفض عبد المحسن سلامة، نقيب الصحفيين، مبدأ تعديل قانون النقابة، وذلك ردا على اقتراح علاء عابد، رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، الذي أعلن عن تقديمه بدور الانعقاد المقبل للبرلمان، ويقضي بـ"قصر الانضمام لنقابة الصحفيين على خريجي كليات الإعلام فقط".

وقال سلامةـ لـ"الوطن": إن "التعديل لابد أن يكون من داخل النقابة، ولا يصح أن يكون من خارج مجلسها"، مشيرا إلى أن مجلس النقابة بصدد إعداد مسودة لتعديل القانون الحالي.

{long_qoute_1}

المقترح أثار أيضا حفيظة عدد كبير من الصحفيين وشيوخ المهنة، منهم خريجي كلية الإعلام، معتبرين مهنة الصحافة تعتمد على الموهبة وليس الشهادة الدراسية فقط.

وأوضح عدد من الصحفيين ، بينهم النقيب السابق، والذين تحدثوا لـ"الوطن"، أن رموز المهنة التاريخيين ليسوا خريجي كليات الإعلام، ومنهم محمد حسنين هيكل، خريج كلية التجارة والجامعة الأمريكية، والذي كان يطمح لأن يصبح طبيبا، لكن ظروفه لم تسنح له بغير الدراسة في مدرسة التجارة المتوسطة، وقرر لاحقا مواصلة دراسته في القسم الأوروبي بالجامعة الأمريكية.

وأشاروا إلى أن جلال الدين الحمامصي، والذي تخرج في كلية الهندسة، وكل من أحمد بهاء الدين وعبد الرحمن الشرقاوي وموسى صبري، خريجي كلية الحقوق، فضلا عن عبد العال الباقوري، الذي وافته المنية أمس، والذي درس الاقتصاد والعلوم السياسية، بخلاف مصطفى أمين، ومحمد التابعي الملقب بأمير الصحافة.

وسبق أن أوضح النائب علاء عابد، أن التشريع سيعدل البند الرابع من قانون ‏نقابة الصحفيين، والذي حدد مجموعة من الشروط للانضمام للنقابة، والتي كانت ت‏نص على: "أن يكون حاصلًا على مؤهل دراسي عال"، لتكون بعد التعديل: "أن يكون حاصلًا على مؤهل دراسي عالي من إحدى كليات الصحافة ‏والإعلام الحكومية ذات التخصص، أو الكليات الخاصة ذات التخصص، أو الكليات الدولية ذات التخصص فقط".

وأوضح يحيى قلاش، نقيب الصحفيين السابق، أن قانون النقابة الحالي، معمول به منذ 50 سنة، وبالتالي لا يجب أن ننتقي بعض المواد لتعديلها أو نقوم بعملية "ترقيع" له، كما أن هذا القانون، تشريع، يصدر عن البرلمان، ونحن نحترم الأدوات التشريعية، لكنه في النهاية يخص نقابة مهنية لها جمعية عمومية، وهذا القانون بالتحديد لا بد أن يصدر بإرادة الجمعية العمومية التي تقدم المشروع الذي يحل المشاكل الحالية، ويتطلع للمستقبل".

وأشار إلى أنه وعلى الرغم من تقادم القانون، إلا أنه يحتوي على بعض الضمانات التي يجب أن نعظم منها.

وبشأن قَصْر عضوية النقابة، على خريجي كليات الإعلام، قال "قلاش" إن هذا كان من اقتراحات بعض النقابيين، لكنهم طالبوا بحصول غير خريجي كلية الإعلام على "دبلومة في الإعلام" وليس منعهم من الالتحاق بشكل مطلق، موضحا أن البرنامج الدراسي في كلية الإعلام غير عصري، ويحتاج لمراجعة، حتى يكون الخريج مؤهلا لممارسة المهنة.

وتابع نقيب الصحفيين السابق،: "هذا الأمر يمهد لفتح موضوع تعديل قانون النقابة، بعيدا عن إرداة الجمعية العمومية، فنقيب النقباء كامل زهيري، ظل يناقش مشروع قانون لمدة عام ونصف، وأتسائل هل هذا هو الوقت المناسب؟ وهل يعكس إرداتنا في مشروع قانون انتظرناه لمدة 50 سنة، كما أن إبراهيم نافع في سنة 93، صاغ مشروع قانون أطلق عليه أعضاء الجمعية العمومية حينها القانون اللقيط، لأنه تمت صياغته بعيدا عن الجمعية العمومية حتى سقط مشروع القانون واعتذر إبراهيم نافع،".

واختتم قلاش: "قانون النقابة هو البقية الباقية، وحائط الصد للحفاظ على المهنة".

من جانبه قال نبيل زكي، رئيس مجلس إدارة جريدة الأهالي ورئيس تحريرها السابق، "ده كلام فارغ والرد عليه بأن هناك عمالقة في عالم الصحافة ليسوا خريجي إعلام، وبالتالي لا أستطيع أن أمنع المواهب من الالتحاق بالنقابة، كما أن هناك مبدعين في المهنة وقد تخرجوا من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية".

وأوضح زكي أن الموهبة الصحفية لا تقتصر على خريجي كلية الإعلام، لأن هناك صحفيين من خريجي كليات أخرى يطورون مواهبهم، ويدرسون ما صدر من كتب عن "الصحافة وأدب المقال والخبر، وكيفية كتابة الخبر وصياغته، وفن كتابة الأعمدة" ويبدعون في هذا النشاط الصحفي.

وقال إن النائب علاء عابد، ينسى أن الصحفي الناجح لا يشترط فقط أن يكون خريج إعلام، ولكن لابد أن تكون لديه ثقافة موسوعية بمعنى أن يكون متحدثا بلغة أجنبية على سبيل المثال، وبالتالي فإن الموهبة والمهنية والثقافة الموسوعية هي الفيصل، لكي يعرف الصحفي ما يجري في العالم، ويعلم الفرق مثلا بين نظم الحكم، وماذا تعني التعددية والمواطنة والاقتصاد الرأسمالي والاشتراكي، والتنمية المستدامة، والفارق بين دساتير الدول، لكي يكون صحفيا ناجحا.

وتابع: "عملت مع كبار كتاب الديسك، منهم فهمي عبد اللطيف في مؤسسة الاخبار، كان يدسك الخبر بلهجة يفهمها كل من يستطيع أن "يفك الخط" بالمعني الدارج".

وفي ذات السياق، قال الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز، إن هذا الاقتراح غير ملائم، ولا يعبر عن طبيعة العمل الإعلامي ومتطلباته، لافتا إلى أنه من الواضح أن هناك حسن نية كبير لدى النائب علاء عابد للإصلاح، فهو يرى أن كلية الإعلام أكثر قدرة على تأهيل المنتمين إليها أكثر من أنماط التعليم الأخرى، لكنه غير منطقي وغير لائق، لأن كثيرا من الصحفيين النابغين ليسوا من خريجي تلك الكلية.

وتابع عبد العزيز: "على الرغم من أنني خريج كلية الإعلام، لكنني أرى في المجال، كثير من الصحفيين الموهوبين، بصرف النظر عن نوع دراستهم، كما أن هناك ميزة لخريج الكلية بأنه يحصل على عضوية المشتغلين، بعد مرور سنة واحدة فقط بجدول تحت التمرين، بخلاف الحاصلين على شهادات أخرى، فإنهم يحصلون على عضوية المشتغلين بعد عامين".

وطرح حسين الزناتي، سكرتير عام مساعد نقابة الصحفيين، عدة تساؤلات، قائلا: "أولا ما هي علاقة لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، بقانون نقابة الصحفيين، وثانيا، القانون، الأولى به النقابة ومجلسها الذي يمثل الجمعية العمومية للنقابة، وثالثا، مش معقول كل واحد عايز شو إعلامي يتحدث عن الصحفيين وقانونهم، كما أن أي تعديلات للقانون، فنحن الذين نحدد هذا".

وقال، إنه من حيث المضمون، فالصحافة بشكل عام، "موهبة، وقدرة على الإبداع"، متابعا: "أنا أصلا خريج إعلام القاهرة، والمفترض أن أتحيز، لكنني لست مع هذا الطرح".

وقال عضو مجلس النقابة، محمد سعد عبدالحفيظ، إن من يعلم طبيعة العمل الصحفي ويعلم كيف تدار صالات التحرير وغرف الأخبار، يعلم أن خريجى كليات "الألسن والسياسة والاقتصاد والآداب والفنون الجميلة والوثائق والمكتبات ودار العلوم"، هم جزء أصيل من العمل الصحفي، وقانون النقابة الحالي يوضح ذلك.

وأشار إلى أن ما يحدث من تجاوزات ومغالطات معلوماتية ومهنية في السنوات الأخيرة، ليس له علاقة بقانون النقابة، ولا بالتخصص الأكاديمي للصحفيين، على قدر ما هو مرتبط بإغلاق المجال العام، ومحاولات السيطرة على الصحافة وحصارها وتقييد استقلالها، قائلا "لا العقاد ولا التابعي ولا هيكل ولا روز اليوسف كانوا حاصلين على مؤهلات متخصصة في الصحافة، بل منهم من لم يحصل على مؤهل عال من الأساس".

من جانبها، أعلنت لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة، في بيان لها، اليوم، رفضها القاطع، للمقترح البرلماني، بتعديل قانون نقابة الصحفيين، بما لا يسمح للقيد بالنقابة لغير خريجي كليات الإعلام، وأقسام الصحافة بالكليات الأخرى.

وقال بشير العدل، مقرر اللجنة، إن مهنة الصحافة، تختلف عن غيرها من المهن ذات التخصص، فهي تعتمد في الأداء على تراكم خبرات، وقدرات خاصة، ما بين "القدرة على التعبير، وحسن الصياغة، والتفكير، والخلق، والإبداع، بجانب الثقافة العامة"، وهى سمات لا تقتصر على خريجي كلية الإعلام وحدهم دون غيرهم من الحاصلين على مؤهل عال من الجامعات المصرية.

وأشار إلى أن تاريخ المهنة، وقبل التفكير في إنشاء نقابة للصحفيين، وقدامى النقابيين، وأعلام المهنة، لم يكونوا من خريجي كليات الإعلام، أو أقسام الصحافة بالكليات الأخرى، وقد ارتقت بهم الصحافة، وارتقوا بها بشهادة التاريخ.

وأكد العدل أن قصر القيد بالنقابة على خريجي الإعلام، يحرم المهنة، من مواهب وقدرات في مختلف المجالات، موضحا أن مهنة الصحافة، في حاجة إلى التخصص بمختلف المجالات العلمية، بجانب القدرات اللغوية، والفنية، فهناك الحاجة إلى المدقق الإملائي، والمصور الفوتوغرافي، والمترجم، وغير ذلك من التخصصات التي لا تتوافر بكليات الإعلام، مشددا على أن تعديل قانون النقابة، شأن الجماعة الصحفية، فهي أدري بشعاب المهنة.


مواضيع متعلقة