"المُصلِح".. الأب متى المسكين معلم الأنبا إبيفانيوس

كتب: ماريان سعيد

"المُصلِح".. الأب متى المسكين معلم الأنبا إبيفانيوس

"المُصلِح".. الأب متى المسكين معلم الأنبا إبيفانيوس

لو سألتني ما أعظم وصية قيلت في الإنجيل تناسب حالة الإنسان الآن وفي هذا العصر، لما ترددت أن أقول "تمسك بالحياة الأبدية التي إليها دعاك الرب"، رسالة الأب متى المسكين في الجزء الرابع من كتابه "مع المسيح" الصادر عن مطبعة دير أبو مقار العامر ببرية شيهيت، وجهها لتلاميذه وقبلها الأنبا إبيفانتوس المتنيح أمس الأول.

"المصلح" كما لقبوه تلاميذه، هو متى المسكين أو يوسف إسكندر، ولد عام 1919 بمدينة بنها بمحافظة القليوبية، وتخرج في كلية الصيدلة جامعة القاهرة عام 1944 وظل بالمهنة حتى عام 1948، وتتلمذ على يده العديد من الرهبان منهم الأنبا إبيفانتوس رئيس دير أبو مقار.

"اذهب وبع كل مالك وتعال اتبعني"، وصية المسيح التي نفذها متى المسكين حرفيا،  ففي عام 1948 باع كل ما يمتلكه وتوجه إلى الرهبنة بدير الأنبا صموئيل العامر بجبل القلمون، لأنه كان أفقر دير وأبعد دير عن العمران وأكثرهم عزلة، حسب ما جاء عن سبب اختياره للدير على موقعه، وفي عام 1950 ترك الدير وتوجه إلى وادي الريان للتوحد، وانضم إليه 7 رهبان آخرين في عام 1960، وزاد العدد إلى 12 راهبا في عام 1964.

ورسم قسا في دير السريان باسم متى المسكين، وبعدها توحد في مغارة 3 سنوات، ودعي للذهاب إلى الإسكندرية وكيلا للبطريركية للبطريرك الأنبا يوساب الثاني ورفض مرتان وقبل في الثالثة، وعاد للدير بعد بعض الخلافات وظل هناك 3 سنوات.

وفي 1960 عزله البابا كيرلس السادس من الرهبنة والكهنوت لمدة 9 سنوات، فتوجه هو وتلاميذه إلى صحراء وادي الريان وحفروا مغارات عاشوا بها هذه المدة، وكان بعض المعارف يرسلون لهم طعامًا كل شهرين على قوافل جِمال، وفي تلك الفترة أعلن الأنبا ثاؤفيلس أسقف دير السريان في جريدة الأهرام تجريد هؤلاء الرهبان من رتبهم وأسمائهم الرهبانية، وفي  1969 طلبه البابا لإجراء المصالحة وإعادته للرهبنة، وكانت في حضور القمص صليب سوريال والأنبا ميخائيل مطران أسيوط، وعليه إلحاقهم بدير القديس أنبا مقار، وذلك في حضور الأنبا ميخائيل مطران أسيوط ورئيس الدير؛ حيث كان البابا كيرلس قد سلَّم نيافته مسؤولية بَعْث الحياة الرهبانية في الدير وتجديد وتوسيع مبانيه.

و"حياة الصلاة الأرثوذكسية" واحد من أهم كتبه وترجم إلى العديد من اللغات منهم الفرنسية والإيطالية والإنجليزية، وله مجموعة من الكتب والعديد من العظات، والمقالات لكن دائما ما كان يثير الجدل بأفكاره فنجد كتبه محل رصد ونقد من العديد من الآباء وعلى رأسهم مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث، حيث ناقش البابا شنودة الثالث في مجموعة "اللاهوت المقارَن" كتبه، ونشر سلسلة من الردود على بعض أفكاره، فضلا عن كتاب "بدع حديثة". 

وقال البابا شنودة في إحدى عظات الأربعاء التي كان تنظم أسبوعيا في الكاتدرائية المرقسية في العباسية، في ردهُ على سؤال "لماذا لا تحكم عليه كنسيًّا"، "نحن لا نحارب شخصًا، بل نحارب فِكرًا". ومرة أخرى علق على كتاب حياة الصلاة بأنه غير مسؤول إلا عن النسخة التي قدمها في عام 1954 كما جمع الأنبا بيشوي مطران دمياط قائمة بالعديد من كتبه وأفكاره، ورد عليه في كتاب وتمت ترجمة بعض كتبه إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية والإيطالية.

وللأب متى المسيكن أكثر من 180 كتابا بخلاف ما ينشره من مقالات في مجلات وجرائد دورية "أكثر من 300 مقالة، وله 16 مجلدا للشرح الأكاديمي والتفسير الروحي واللاهوتي للعهد الجديد، فضلا عن مجلده عن القديس أثناسيوس الرسولي وآخر عن الرهبنة القبطية في عصر القديس أنبا مقار، وغيرها من المجلدات، وترجم له العديد من الأعمال إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية والروسية واليونانية والإسبانية والهولندية والبولندية.

وتنيح في يوم الخميس الموافق 8 يونيو لعام 2006، عن عمر ناهز 87 عامًا، ودُفِنَ في مغارة في صخرة ضمن الأسوار المُحيطة بأرض الدير، كان قد اختار مكانها قبل نياحته بثلاث سنوات.


مواضيع متعلقة