صيادون مصريون يروون واقعة إنقاذهم لـ70 يونانيا من حرائق الغابات

كتب: ماهر هنداوي

صيادون مصريون يروون واقعة إنقاذهم لـ70 يونانيا من حرائق الغابات

صيادون مصريون يروون واقعة إنقاذهم لـ70 يونانيا من حرائق الغابات

عرض أشرف فؤاد، المستشار العمالي في تقرير أرسله إلى محمد سعفان، وزير القوى العاملة، وصفا تفصيليا لعملية إنقاذ أجراها صيادون مصريون يعملون باليونان لـ70 يونانيا كادوا يغرقون في مياه البحر عقب اشتعال النيران في الغابات بمنطقة "أتيكا" المحيطة بالعاصمة أثينا.

وأكد أن شجاعة عدد من الصيادين المصريين العاملين على مراكب الصيد باليونان، وسط مشاهد الموت وألسنة اللهب الممتدة إلى السماء  تجلّت في إنقاذ أهل القرية المنكوبة الفارين من النيران إلى البحر.

وجاءت انطلاقة الاستغاثة الأولى من فيديو بث مباشر أطلقه الصياد المصري محمود السيد موسى، يستنجد خلاله بمراكب الصيد الموجودة بالمنطقة القريبة من القرية لمساعدته في إنقاذ عشرات الأهالي، بعد أن تلقى صاحب المركب الذي يعمل على متنه ويملكه الصياد اليوناني "كوستاس أرفانيتي"، استغاثة من أحد اليونانيين يطلب منه مساعدته في العثور على زوجته المفقودة في البحر، فارتدى ملابس البحر وأحضر عوامات الإنقاذ وانطلق هو وصاحب المركب اليوناني في طريقهما إلى القرية المنكوبة دون خوف من الموت.

وروى الصياد محمود موسى تفاصيل ما حدث قائلا: "أخرجنا عشرات الأفراد من عمق البحر في غضون ساعات قليلة بعد أن تحولت قرية "ماتي" اليونانية، التي تقع على بعد 29 كيلومترا شرقي أثينا، الاثنين قبل الماضي، إلى كتلة من ألسنة اللهب المشتعلة وصل ارتفاعها عشرات الأمتار في الجو، اكتست السماء على أثرها بسحابة من الدخان الكثيف، وخلفت الكارثة مشاهد مأساوية لعائلات متفحمة، وأطفال لفظوا أنفاسهم الأخيرة في أحضان آبائهم، وغرقى على سطح البحر بعد أن فروا إليه خوفا من الموت حرقا.

 

وأضاف: "كنا هنحتفل في بيت صاحب المركب بعيد ميلاده وفجأة جاتلي مكالمة منه بطلب أن أقابله لإنقاذ أهل قرية ماتي المنكوبة".

واستكمل موسى في عرضه لتفاصيل عملية الإنقاذ مع المستشار العمالي قائلا: تصادف يوم الحريق الذي اندلع نحو السادسة مساءً من الاثنين قبل الماضي، مع ذكرى ميلاد صاحب المركب اليوناني إلا أن الاحتفالية تحولت إلى مهمة إنسانية لإنقاذ أرواح العشرات من أهل القرية المنكوبة.

وتابع الصياد المصري: "كلما اقتربنا تجاه القرية ارتفع الدخان الأسود حتى غطى سطح البحر وحجب عني الرؤية تماما، حتى وجدت نفسي أمام خيار صعب، إما خوض التجربة لإنقاذ الأهالي من الغرق والموت خنقا بدخان الحريق الذي غطى السماء وحجب الرؤية في عرض البحر، وإما التراجع والنجاة بروحي".

واستكمل: "لم أفكر في نفسي، فإنقاذ الأهالي من الغرق، كان أول ما فعلهته لحظة الوصول لموقع الحدث فأطلقت بثا مباشرا من المكان عبر صفحتي على موقع "فيس بوك" للاستغاثة بأصحاب المراكب والصيادين في المناطق المجاورة وهذا ما جرى التقاطه من قبل مكتب التمثيل العمالي، حيث إنه من الأصدقاء على "فيس بوك" مشيرا إلى أنه اعتمد في رحلته على ضوء الكشافات فقط حتى يتمكن من رؤية الغرقى.

وقال اعتمادنا الوحيد في إنقاذ الناس كان على تتبع الأصوات: "كل ما نمشي وسط الدخان نسمع صريخ الناس والأطفال الحقونا الحقونا"، هكذا وصف الصياد المصري ابن عزبة البرج بمدينة دمياط المشهد في عرض البحر.

وأكد أنه كان يطلق عوامات مربوطة في حبل بالمركب بأماكن صوت الاستغاثات ويسحبها ويجد شبابا ونساء ورجالا عالقين بها يضعهم على متن المركب حتى وصل عددهم في أول دفعة 23 فردا و4 كلاب، وجرى توصيلهم إلى البر وعاد لينقذ المزيد من الأفراد.

واستطرد: "كنا بنمشي ورا صوت صريخ الناس بس ومش شايفين أي حاجة"، حسب تعبيره.

وعن أصعب موقف تعرض له "موسى" قال لحظة استخراج طفل لم يتجاوز الخمس سنوات من عمره من وسط البحر وفور إنقاذه عانقني: "أول ما طلعته اتعلق في رقبتي وكان بيحضني ويبوسني من فرحته".

وأضاف أن مركب الصيد الأول الذي شارك في عملية إنقاذ أهل القرية المنكوبة ما زال يحوي آثار الفاجعة: "عندنا في المركب بقايا هدوم بعض الأطفال اللي أنقذناهم مع أهاليهم".

وتحدث الصياد المصري الثاني ويدعى هاني الخميسي، والذي يعمل على مركب صيد شنشلا قائلا: "عثرنا على جثة رجل عجوز فضل ماسك إيد بنته لحد ما خرجناها على الشط.. وكانت هي عايشة وبعد وقت قليل بدأ عدد من اللنشات البحرية التابعة للسواحل اليونانية ومراكب الصيد التي تعمل في المنطقة المجاورة للقرية المنكوبة تتوافد إلى عرض البحر بعد أن شاهدوا فيديو الاستغاثة على "فيس بوك".

وأشار إلى أنه كان على متن إحدى مراكب الصيد، التي جاءت لتلبية الاستغاثة التي أطلقها "موسى"، وحضر بصحبته 7 صيادين آخرين، وفور وصولهم مكان الحادث نحو الثامنة مساء فوجئ الجميع بظلام تام ودخان أسود يحجب الرؤية تماما في عرض البحر، على حسب قول هاني.

وتتبع الصياد "الخميسي" ومن معه أصوات نداءات الغرقى واعتمدوا على ضوء الكشافات ليتمكنوا من الرؤية، وكان أول الناجين على يد "الخميسي" فتاة في السابعة عشرة من عمرها: "البنت كانت في المنطقة الغريقة في آخر البحر أول ما طلعناها قالت أنا مش مصدقة إني لسه عايشة.. عمري ما أنسى شكلها كانت فرحانة إزاي.. الروح حلوة"، حسب تعبيره.

تمكن "الخميسي"، الذي يعمل باليونان منذ 11 عاما، من إنقاذ 20 فردا من عمق البحر هو وأصدقائه البالغ عددهم 7 على متن المركب، وحسب وصفه كان من بين الأفراد جثة رجل مُسن لقي مصرعه غرقا وظل متشبثا بيديه في يد ابنته وزوجته اللاتين ما زالتا على قيد الحياة: "فضل ماسك في إيد بنته حتى بعد ما طلعناه على سطح المركب وهو ميت".

وأوضح أنه لم تقتصر مهمة الصيادين المصريين على إنقاذ أهل القرية الفارين من الحريق إلى البحر فقط، بل قدموا لهم المياه وبعض الأطعمة الخفيفة، حتى جرى تسليمهم إلى رجال الإسعاف اليونانيين في إحدى الجزر المجاورة، وبعد أيام قليلة من يوم الحادث حاول بعض الناجين الوصول إلى الصيادين المصريين لشكرهم على شجاعتهم التي أنقذت حياتهم.

ويقول "الخميسي": "معظم الناجين كل يوم بيكلمونا يشكرونا على اللي عملناه معاهم.. بس ده واجب قمنا بيه تجاه ناس منكوبة".

من جانبه وجه أشرف فؤاد، المستشار العمالي التابع لوزارة القوى العاملة بالسفارة المصرية بأثينا الشكر لكل من الصيادين  حسن الخميسي ومحمد الزرقاوي وحسن طبنجات وحسن الشربيني وأشرف البرولسي، الذين كانوا يعملون على مركب صيد شنشلا وشاركوا أيضا بعمليات الإنقاذ.

وكان محمد سعفان وزير القوى العاملة، قد كلف مكتب التمثيل العمالي التابع للوزارة بالسفارة المصرية بأثينا - اليونان ، بلقاء الصيادين المصريين الذين ساهموا في عملية إنقاذ الناجين من حرائق الغابات بمنطقة "أتيكا" المحيطة بالعاصمة أثينا، وتقديم الشكر والتقدير لهم على ما أظهروه من شجاعة وجسارة في عملية الانقاذ، في الوقت الذي تلقي فيه الوزير تقريرا عبر المستشار العمالي باليونان أشرف فؤاد، أشار فيه إلى أنه زار الصيادين المصريين الذين أسهموا في عملية الإنقاذ للناجين من الحريق، في مدينة نياماكري.

 


مواضيع متعلقة