من خفايا الحرب السورية
- أسلحة كيماوية
- أشكال مختلفة
- إسرائيل ب
- إسرائيل ت
- إسقاط الدولة
- الأزمة السورية
- الأعمال الإنسانية
- الإعلام الوطنى
- الاستخبارات البريطانية
- الجماعات الإرهابية
- أسلحة كيماوية
- أشكال مختلفة
- إسرائيل ب
- إسرائيل ت
- إسقاط الدولة
- الأزمة السورية
- الأعمال الإنسانية
- الإعلام الوطنى
- الاستخبارات البريطانية
- الجماعات الإرهابية
للحروب الأهلية قواعد ومفارقات وفضائح وأسرار، بعض هذه الأمور يظهر مع تطورات الحرب الأهلية ذاتها وتتم التعمية عليه، والبعض الآخر تظهر كوامنه الصادمة مع نهاية الحرب الأهلية أو مع اقتراب هذه النهاية، وفى كل الأحوال تظهر الحرب الأهلية على حقيقتها، ويتحدد الفارق بين العملاء والوطنيين، ومن هم الخونة ومن هم الشرفاء، الحرب الأهلية فى سوريا ليست استثناء من هذه القاعدة العامة، هى الآن تقترب من نهايتها المحتومة والممثلة فى كلمة واحدة، وهى انتصار الدولة ومؤسساتها على كل القوى الخارجية وعلى كل العملاء وعلى المنظمات الإرهابية وامتداداتها المختلفة، الحديث الجارى الآن عن قيام إسرائيل بنقل عدد 800 أو أكثر من منتسبى ما يعرف بمنظمة «الخوذ البيضاء» إلى الأراضى الأردنية لفترة محدودة ثم انتقال هؤلاء لاحقاً إلى عدد من الدول الغربية كألمانيا وكندا وهولندا والولايات المتحدة وغيرها كملاذ آمن للعملاء والخونة، يعبر بوضوح عن حجم الأكاذيب التى تم ترويجها عن هذه المنظمة باعتبارها تعمل على إنقاذ الأبرياء فى المناطق التى كانت تحت سيطرة المعارضة المسلحة، أو بالأحرى تحت سيطرة الجماعات الإرهابية كالنصرة والقاعدة وحركة نور الدين زنكى وغيرهم من الذين كانوا وما زالوا يعتمدون على التمويل الغربى وبعض الخليجى والتسليح والتدريب والدعاية.
هذه المنظمة ذات الغرائب والشبهات من حيث النشأة على أيدى أحد ضباط الاستخبارات البريطانية السابقين فى أنقرة 2013، والتدريب على أيدى منظمة إسرائيلية، والحصول على جوائز وهمية غربية تحت مسمى أعمال إنسانية تطوعية، وخروج رؤساء حكومات ودول غربية للإشادة بهم بين الحين والآخر، باعتبارهم ذوى أهداف إنسانية سامية، والاعتماد على رواياتهم الزائفة بشأن استخدام الجيش السورى أسلحة كيماوية لقتل الأطفال فى الغوطة الشرقية وغيرها لتوجيه اتهامات للحكومة السورية، ومن ثم التمهيد لقرارات دولية لإنشاء مناطق حظر طيران تخرج عن نطاق سيطرة الدولة لصالح القوى الغربية، كل ذلك وغيره كان مفضوحاً ومكشوفاً، وفى الآن نفسه كان يتم تجاهله إعلامياً على النطاق الدولى، حتى لا تفشل مهمة وخطط إسقاط الدولة السورية وتقسيمها إلى عدة كيانات تسيطر عليها جماعات إرهابية بالمعنى الحقيقى للكلمة.
منظمة «الخوذ البيضاء» هى مثال بارز على حجم التضليل والتدليس فى المعلومات الذى مارسته وتمارسه كل الدول التى تدخلت بأشكال مختلفة فى الأزمة السورية، وهى مثال بارز على حجم الخديعة التى تم الترويج لها تحت غطاء من الأعمال الإنسانية الزائفة، وهى فى الأصل أعمال عدوانية وحربية من طراز رفيع، هنا تثور أسئلة كثيرة لا حصر لها، أبرزها لماذا تلجأ إسرائيل بطلب من الولايات المتحدة وكل من ألمانيا وكندا وهولندا إلى تهريب هؤلاء إلى دول أخرى؟ ثم لماذا تفتح إسرائيل حدودها لأناس تعرف جيداً أنهم مرتبطون بجماعات إرهابية كالقاعدة والنصرة وغيرهما؟ ولماذا يتم حماية هؤلاء على وجه التحديد؟ الإجابات ليست عصية على من يتابع تطورات الأزمة السورية، فإسرائيل تدخلت فى الحرب السورية وفق أكثر من أسلوب مباشر وغير مباشر، ولها عملاؤها المباشرون، وتتعاون مع الولايات المتحدة وقطر فى تمويل وتدريب الإرهابيين وتوفير ملاذ آمن لهم عند الضرورة، وتقديم الخدمات الطبية لمن يصاب منهم خاصة إذا كان فى مواقع قيادية، إنها العمالة فى أدنى صورها. التدخلات العدوانية الإسرائيلية هى جزء من التدخلات الغربية والأمريكية تحديداً، المراجعات التى قامت بها إدارة الرئيس ترامب بشأن وقف أو تجميد التمويلات المقدمة لمن يسمون بالمعارضة السورية المسلحة لأسباب اقتصادية بحتة وليست فكرية أو قيمية، أكدت أن سياسة الولايات المتحدة ليست براجماتية وانتهازية وحسب بل أيضاً فاقدة لأدنى القيم الإنسانية، يتحدثون عن مكافحة الإرهاب، ويطالبون العالم بتمويل حملتهم على المنظمات الإرهابية، وهم فى الأصل ينشئون تلك المنظمات ويمولونها ويسلحونها ويقومون بالدعاية لبعضها وكأنها منظمات بريئة براءة الذئب من دم يوسف، الحالة السورية هنا فضحت من هم الإرهابيون الأصليون ومن هم الإرهابيون العملاء.
الشىء بالشىء يذكر، لقد حصلت منظمة «الخوذ البيضاء» على جوائز مباشرة أو غير مباشرة، مثل جائزة الأوسكار عن فيلم توثيقى قصير، باعتبارها منظمة تعمل فى مجال الإغاثة الإنسانية، كما تم ترشيحها لجائزة نوبل للسلام، كانت عملية ترويج للمنظمة ومن ثم إضفاء الجانب الموضوعى الخادع على كل ما تقوم به، لا سيما إضفاء مصداقية على اتهاماتها للحكومة السورية وجيشها، الفكرة هنا ليست فى الحصول على الجوائز، ولكن فى تسييس تلك الجوائز، وفى الأصل إنشاء منظمات مدنية شكلاً تخضع للاستخبارات وتعمل على رفع مكانة منظمات أنشأتها فى الأصل أجهزة الاستخبارات كجزء من إخضاع المتلقى بقوة الحجة ومن ثم التماهى مع الأفكار التى يتم الترويج لها ضد الآخر، وفى هذه الحالة فالآخر هو الدولة السورية التى صمدت وعانت كثيراً ولكنها انتصرت، هذا النموذج يقدم لنا الحجة القوية فى الحذر الشديد من كل ما يروج له الغرب والولايات المتحدة، الفرز هنا مطلوب، بالقطع هناك جهات ومؤسسات محترمة تعمل فى المجال الإنسانى والفكرى، بيد أن توجهاتها دائماً تخدم القيم والمصالح الغربية والأمريكية، ليس كل ما تقدمه تلك الجهات بريئاً أو يهدف إلى مصلحة الإنسانية، فرز المفاهيم والسياسات أيضاً بات مهمة مطلوبة فكرياً وسياسياً، وتلك مهمة مراكز البحوث الوطنية والإعلام الوطنى والمفكرين الذين يؤمنون بالإنسانية وبشعوبهم دون انتظار جائزة من هنا أو إشادة من هناك.
دروس الحرب فى سوريا كثيرة، لن تقتصر على أبنائها وحسب، بل تمتد إلينا فى مصر وفى كل الدول العربية وفى كثير من بلدان العالم، الصمود يبدأ من الذات ومقروناً بالإيمان الصلب بصحة الموقف الذى يتم الدفاع عنه، وفى المقابل هؤلاء الذين سقطوا فى الاختبار سواء العملاء المباشرون الذين باعوا أنفسهم للشيطان للإضرار ببلدانهم مقابل دولارات معدودة، أو الإرهابيون الذين فقدوا قدرتهم على التعقل والتفكر الصحيح واستباحوا دينهم من أجل مصالح دنيوية بخسة، والمروجون لأفكار وقيم يدركون خطورتها على مجتمعاتهم وبلدانهم ولكنهم أصروا على مواقفهم وأضروا أنفسهم وأضروا شعوبهم، والذين لا يرون فى أنفسهم سوى أنهم تابعون مغيبون يفعلون ما يُؤمرون به دون ذرة من عقل، هؤلاء وغيرهم مصيرهم معروف مسبقاً، ليس فقط مزبلة التاريخ حسب العبارة الشهيرة وإنما الفضيحة والجرسة وخسارة الدين والدنيا معاً، فهل يذكر التاريخ عميلاً أو خائناً لوطنه بشرف وكرامة؟ هؤلاء كثر عبر التاريخ وكلهم نكرات نجسة.