«فجنون».. مدرسة فى «كفر حكيم» لتعليم الحرف والترفيه «ضحك ولعب وإبداع»

كتب: سارة صلاح وأحمد ماهر أبو النصر

«فجنون».. مدرسة فى «كفر حكيم» لتعليم الحرف والترفيه «ضحك ولعب وإبداع»

«فجنون».. مدرسة فى «كفر حكيم» لتعليم الحرف والترفيه «ضحك ولعب وإبداع»

«تحرر من أى قيود وأطلق لنفسك العنان حتى تبدع».. شعار وضعه الفنان التشكيلى محمد علام، 52 سنة، منذ تأسيسه لمدرسته الفنية البسيطة «فجنون» أو سبيل «أم هاشم» كما يسمونها.. هنا فى تلك المدرسة التى تقع فى قرية «كفر حكيم» على بعد 12 كيلومتراً من طريق المريوطية، يترفه الأطفال بممارسة عدة أنشطة تتنوع ما بين الرسم والنسج والتلوين والفخار، كما يتعلم فيها الشباب والفتيات بعض الحرف التى تعتمد على التفكير والإبداع، حيث يوجد بها ورشة للحدادة وأخرى للنجارة بجانب ورشة للحفر على الخشب.

بمجرد أن تخطو البوابة الحديدية على مدخل المدرسة، تجد بعض الشباب يعملون داخل ورشة النجارة التى تقع على يمين البوابة، وآخرين منهمكين فى الحفر على خشب يجمعونه من الأشجار لعمل أبواب منها، أما الفتيات اللاتى تجاوز عددهن 25 فتاة فيجلسن على مقاعد خشبية وأمامهن كراسى حديدية يزينها بخيوط تشبه الخيوط المستخدمة فى نسج السجاد لعرض بعضها فى معرض تابع للمدرسة وتصدير قطع أخرى إلى دول أوروبية.

{long_qoute_1}

حُب «علام» الشديد للفن واهتمامه بالطفولة دفعه للتفكير فى إنشاء مكان يجمع الترفيه والتعليم، وبدأ تنفيذ فكرته فى الثمانينات بمنطقة كفر حكيم، بالجيزة وحققت نجاحاً فكرياً وتربوياً كبيراً لمدة 5 سنوات لكنها فشلت اقتصادياً، على حد قوله، ورغم ذلك أصر على تحقيق حلمه، واشترى قطعة أرض تجاوزت 5 أفدنة بطريق المريوطية لهدوئه وبعده عن زحام القاهرة، ثم أسس عليها مدرسته التى بناها من الخشب حتى تناسب البيئة الريفية من حوله وليسهل عليه تغيير نظامها بين الحين والآخر.

وعن اختيار «فجنون» كاسم للمدرسة، يوضح «علام» أنه أطلقه عليها ليجمع كلمتى الفن والجنون، فهو مكان مخصص للعائلة تختار فيه ما تريد فعله بحرية لأن الهدف منها، بحسب كلامه، أن تكون مبهجة وممتعة للطفل ولذلك من أهم شروط دخولها عدم إعطاء الأطفال أى أوامر وتركهم بحريتهم ليبدعوا فى عمل منتج يختارونه ما بين الأنشطة المتاحة ويحصلون عليه فى نهاية يومهم.

إتاحة الفرصة للتصميم بحرية دون قيود سواء للزوار أو للعاملين مع «علام» كانت من أهم المميزات داخل المدرسة بالنسبة لـ«أمنية نجيب»، 22 سنة، إحدى العاملات بالمدرسة، التى أكدت أن «فجنون» مبنية على الحرية وفعل كل ما تريده، لذلك فى بداية عملها بها تعلمت كافة الأنشطة حتى أتقنتها باستثناء بعض الحرف الثقيلة كالنجارة والحدادة: «جيت من 12 سنة، اتعلمت كل حاجة وبقيت أعلم أى حد جديد معانا الأنشطة، المكان هنا واسع والأطفال بتيجى تطلع كل طاقتها هنا حتى الكبار لأن فيه مكان مخصص ليهم للعب بالطين وبالألوان».

وعن الأنشطة الموجودة داخل المكان، توضح «أمنية» أن بعضها متاح لكافة الأعمار كالفخار، والبعض الآخر للطفل من سن 3 سنوات لأنها تحتاج إلى تركيز وفهم كالتلوين على الزجاج والسيراميك، إذ يقوم الطفل فى بداية دخوله للمدرسة بدفع 60 جنيهاً للحصول على تذكرة شاملة الدخول وممارسة أى نشاط يختاره، وفى حالة إضافة نشاط آخر يدفع 40 جنيهاً، بحسب كلامها: «كل الخامات بتكون متوفرة عندنا والطفل بيختار النشاط اللى عايزه بعد ما بنعرفه كل الأنشطة المتاحة ولو اختار حاجة صعبة عليه بنحاول نساعده، بخلاف إن فيه ساحة كبيرة للعائلات ومتاح ليهم دخول أكل أو عصائر معاهم عشان يحسوا إنهم فى بيتهم وكمان فيه حيوانات موجودة الأطفال بتأكلها وتلعب معاها».

{long_qoute_2}

لكل عامل يعمل فى مدرسة «فجنون» اسم يختاره له «علام» بمجرد أن يبدأ فى العمل معه، بحسب كلام «منة» أو «منوش» كما تحب أن يناديها زملاؤها والأطفال داخل المدرسة، ورغم أنها لم تلتحق بالمدرسة منذ فترة طويلة إلا أنها تعلمت بسهولة كل نشاط موجود داخل المكان بجانب التعامل مع الأطفال.

وتتابع «منة» التى حصلت على دبلوم صناعى قسم الزخرفة حديثها، قائلة: «باجى يومياً من 9 لـ5، لو مفيش طلبة أو أسر بشتغل فى تزيين الكراسى لأنها مطلوبة مننا وبنصدرها لأمريكا، ولو فيه أطفال بنفضل معاهم طول اليوم وبنعلمهم إزاى يتعاملوا مع الفرشاة والألوان وإزاى يقصوا السجاد من على النول».

داخل ورشة «النجارة» بالمدرسة، يقف «أحمد خشبة» 34 سنة، أمام آلة «الدبابة» المخصصة لصنفرة الخشب قبل دهانه، يعمل بانهماك لإنهاء «الطلبية» المطلوبة منه من قبل إحدى الشركات، يروى لـ«الوطن» طبيعة عمله داخل المدرسة، قائلاً: «بنعمل أثاثات سواء كانت كراسى أو دولاب أو مكاتب، وكل شغلنا بالخشب المصرى باستثناء الخشب الموسكى اللى بيستخدم فى البناء»، مستخدماً بعض الأدوات البسيطة التى يوفرها له «علام» ومن بينها «المنقار» و«الصاروخ» والمنشار».

20 عاماً قضاها «خشبة» داخل المدرسة، تعلم فيها حرفة أصبحت مصدر رزق له، كما تعلم بها أيضاً طريقة الكلام وكيفية التعامل مع الآخرين، على حد تعبيره: «أنا ما تعلمتش القراءة والكتابة لكن هنا اتعلمت كل حاجة حتى الكلام، ولما حد بيسألنى انت متخرج منين بقول له من مدرسة فجنون».


مواضيع متعلقة