في اليوم العالمي للنوبة.. حكايات الأجداد عن أرض الذهب و"وجع البعاد"

كتب: عبد الله مشالي

في اليوم العالمي للنوبة.. حكايات الأجداد عن أرض الذهب و"وجع البعاد"

في اليوم العالمي للنوبة.. حكايات الأجداد عن أرض الذهب و"وجع البعاد"

في اليوم العالمي للنوبة الموافق 7 يوليو من كل عام، يتذكر الأبناء حكايات الآباء والأجداد عن تاريخ النوبة القديمة، التي ورثوها كنوع من أنواع التخليد لقضية "تحمل معاناة ووجع البعاد" عن مكان الميلاد والنشأة.

ببشرة سمراء ووجه بشوش، تتذكر مروة عبدالله، السيدة الثلاثينية، حكايات أجدادها عن النوبة القديمة على ضفاف بحيرة ناصر، في ذكرى احتفالات أسوان باليوم العالمي للنوبة، الذي يوافق 7 يوليو من كل عام، لأنه يمثل لهم الكثير، مثل "سبوع المولود"، وعدد أيام الأفراح التي تصل إلى 7 أيام وغيرها، قائلة: "أمي وجدتي كانوا يحكون لي أنا وأشقائي الخمسة، عن الحياة في النوبة القديمة، لمدة ساعة يوميا، خاصة قبل النوم، ويؤكدون لنا أن كانت البيوت مفتوحة، وكل واحد يدخل مطبخ التاني، ومن ساعتها بدأت أحس بشيء غريب، وبقيت أحب أقعد وسط كبار السن في قرية قته، عشان أعرف بلدنا ليه مختلفة كدة، وظهر لي ما لم أتوقعه عن البلد القديم، لدرجة كنت أثناء سرد القصص أتخيل البلد القديم وأحس قد إيه المعاناة اللي عاشوها".

وتضيف: "عندما كنت أجلس مع الأطفال في مثل عمري، ويقولون لي يا ريت نسكن عندكم في البندر، وكنت أرد عليهم أنتم هنا أحسن، وفوجئت بأنهم يتمنون ذلك لنقص الخدمات في مركز نصر النوبة، وقتها حسيت بمدى ظلم التهجير، وبدأ حبي للبلد يتحول إلى خوف ورعب، لكن قصص كبار السن تهون علينا، حتى أدمنتها، وتعلمت من خالاتي الأكلات النوبية جميعها، وكنت أحب أكل الجماعة، وكنا نسهر على الرمال قصاد المنزل"، وتتابع: "من القصص التي كنت أسمعها، إن النوبة القديمة بها منازل أمام النيل، وتذهب السيدات لجمع القش من البر الثاني بواسطة فلوكة ومراكب صغيرة، وكانوا يتبادلون الأحاديث في الذهاب والعودة".

وتسرد مروة حكايات الأجداد، وكيف كانوا يذهبون بهجرة مؤقتة للبر الثاني أثناء تعلية المياه، ويذهبون لجمع القش بالغناء، والوقت كان يمر بفرح، فلا توجد بطالة، فالشباب يعملون في الزراعة، وكان النيل وسيلة الري والترفيه، والمرأة تزين منزلها بالأشغال اليدوية التي كانت تصنعها، لكنهم هجروا عبر بواخر محملة بالحيوانات والأهل، وحنفية واحدة فقط في آخر الشارع والمنازل أغلبها مخططة ولا توجد كهرباء وقتها، ووسط الحشرات والحيوانات الضالة.

بملامح شاب أسمر اللون وأصالة الجنوب مرتديا جلباب نوبي أبيض، يجلس ياسر علي حسن، 25 عاما، والمقيم بقرية السيالة التابعة لمركز نصر النوبة، شمال محافظة أسوان، على ضفاف النيل بمدينة أسوان متأملا في الهواء والماء والنخيل، متمنيا أن يعود إلى النوبة القديمة على ضفاف بحيرة ناصر بجنوب محافظة أسوان، يتحدث في يوم النوبة العالمي، قائلا: "إحنا مصريين وحنيننا للعودة إلى قرانا الأصلية على ضفاف بحيرة ناصر حيث النوبة التاريخ والحضارة والقيم والأخلاق والعادات والتقاليد الأصيلة، مشتاقين يا ناس لبلاد الدهب اللي فيها هوانا وذكرياتنا ورفات أجدادنا".

ويروي ياسر حكايات والده وأجداده عن النوبة القديمة، حيث الصفاء والنقاء في قلوب البشر، "فلا يوجد حقد أو غل في القلوب ولا كره بين الناس، وكانت البيوت تفتح للجميع من كثرة الأمانة، المنازل كبيرة، وينطبق عليهم كلمات الفنان النوبي الراحل أحمد منيب: مشتاقين يا ناس لبلاد الدهب، لنبع الحبايب لبلاد النخيل والغيط هيعود اللي غايب، هنزرع نخلة تطرح خير وتعمل ضلة، في الحوش الكبير والرملة جار الساقية في العصرية نحكي حكاوي والأفراح هتملى الناحية والعصافير تلقط غلة، ويا غناوي مشتاقين يا ناس".

ويتذكر حكايات جده: "النوبة دي الجنة في الأرض، واللي اتحرمنا منها، فلا يوجد بيت نوبي مفيهوش نخلة ، وصفاء قلوب النوبيين من صفاء النيل الجاري على ضفاف بحيرة ناصر، وعمرنا مسمعنا في يوم من الأيام عن جريمة قتل واحدة في النوبة القديمة، ونحتاج للعودة مرة أخرى إلى مركز نصر النوبة، وارتباطي كنوبي أكبر بالنيل لأن أجدادي عاشوا في النوبة القديمة، وهاجروا عن طيب خاطر من أجل بناء السد العالي ليعم الخير والرخاء على أرض مصر العزيزة".

 


مواضيع متعلقة