يوم النوبة العالمى.. يوم مصرى مشهود (3-3)

حجاج أدول

حجاج أدول

كاتب صحفي

تنوع الحضور فى أمسية اليوم النوبى العالمى كان رائعاً، الحفل امتلأ بالشخصيات المهمة المتنوعة، فمن لجنة الخمسين حضر كل من أ. مسعد أبوفجر ود. عبلة عبداللطيف ود. أحمد خيرى وكاتب السطور، ومن الخمسين الاحتياطيين الأستاذة صفاء زكى مراد والفنان سامح الصريطى، وهو فى نفس الوقت مندوب نقابة الممثلين. والأب بولس جرجس راعى الكنيسة الكاثوليكية بشرم الشيخ، والأب بطرس دانيال رئيس المركز الكاثوليكى للسينما، وأ. منى منير ممثلة لـ«المصريين الأحرار»، وأ. أحمد رمضان ممثلاً لحزب الدستور، والمستشار محمود الخولى مدير مركز العقد الاجتماعى، ومسئول عن مؤسسة النيل للدراسات الأفريقية والاستراتيجية. وحضر د. شاكر عبدالحميد وزير الثقافة الأسبق، واثنان من أشهر المشاركين فى النضال الوطنى المصرى أ. محمد هاشم صاحب دار النشر «ميريت»، وكان مقر «ميريت» بركان نضال وطنى وما زال. وأ. جورج إسحاق الذى حضر منذ سنوات احتفالاً نوبياً كبيراً فى أسوان، وألقى كلمة هائلة فى الجموع النوبية، فكان نجم الحفل ونال من الاستحسان أكثر من الذى نالته القيادات النوبية التى حضرت اللقاء وألقت كلماتها. ومن رجال الإعلام البارزين أ. مجدى الجلاد، وأ. خيرى رمضان. وحضر أ. مجدى الشريف، ود. حسن شرشر، والأديبان حمدى أبوجُليِّل وأشرف عبدالشافى، والأستاذة آمنة فزاع عن «اللجنة القومية للاتحاد الأفريقى»، وشرف الحفل الأستاذ خالد الشيخ قنصل عام السودان الشقيق، والمسئول الثقافى لإريتريا. كتابة كل هذه الأسماء لها أهمية وأكثر من دلالة، فكما رصدنا من قبل أناساً وأفكاراً سلبية ضد النوبة والنوبيين، وإن غضبنا ونغضب ونحن نؤكد أن بالوطن شرائح عنصرية كارهة للتنوع، وقطاعات بها استعلاء على النوبة وتعمل بكل طاقتها على تذويب النوبيين، ومنع تحقيق حلم عودتهم المشروعة إلى موطنهم، وتسىء بإصرار للنوبة فى مجالات عديدة - فيجب علينا أن نرصد التجمعات الإيجابية مع النوبة والنوبيين، ونؤكد أن بالوطن قطاعات عريضة تحب النوبة وتقدرها وتعمل بكل طاقتها على استرجاع حقوق النوبيين ومنها حق عودتهم. ليس فقط لأن هذه حقوق مواطنة وحقوق إنسانية، بل يضاف لها أن الاعتراف بحقوق التنوعات الثقافية هو تماسك للأمن القومى الداخلى، الذى دونه يضعف الأمن القومى فى الخارج. من شعارات ثورتنا التوأم 25/30 «كرامة إنسانية»، ومن أهم آلام النوبيين كرامتهم التى يتم المساس بها كثيراً؛ بالسخريات من اللون (تم تجريم التمييز ضد اللون فى الدستور)، وتارة الاتهام بالانفصالية، والتشكيك فى كل من يطالب بحقوقه النوبية واتهامه بأنه يعمل ضد مصر! ومحاربة العودة النوبية وعدم معاملة النوبيين مثلما تم التعامل مع مهجَّرى قناة السويس، وتسكين الغير فى مناطقهم، وتجاهل التاريخ النوبى فى مراحل التعليم، وانتزاع دائرتهم الانتخابية... إلخ، لذا نفسياً فرح النوبيون أن يومهم تم الاهتمام به بهذه الطريقة الوطنية الراقية؛ حفل فى الأوبرا وتتم إذاعته لساعات فى قنوات cbc مباشرة! حضور تلك الشخصيات القوية. هذا جانب من بدايات رد الاعتبار للنوبة والنوبيين، جانب طيب يقول لنا لا تنظروا فقط للسلبيات التى تعاندكم، فنحن معكم ونحن الأقوى إن شاء الله. ومثلما احتشدت مصر لتحتفل بنوبتها، على النوبة أن تحتشد مع غيرها لتحتفل بأعياد سيناء والصعيد البعيد ومرسى مطروح والاحتفالات المسيحية، علينا كنوبيين مصريين أن نعمل بقوة مع الجميع، كتلة واحدة لصد هجمة التطرف التى لا تكل ولا تهمد لإشعال النيران بيننا كمسلمين ومسيحيين، وأذكر خلال مشاركتى فى الحشد لاستفتاء دستور 2014 بأسوان أن ذهبنا وفداً نوبياً لزيارة كنيسة الملاك وتهنئتها بأعياد الميلاد، استقبلتنا الكنيسة وروادها استقبالاً بالغ الود، وهم الذين ذكَّرونا بأن النوبيين كانوا الحماية الشعبية الأساسية للكنيسة حين هاجمها المتطرفون لحرقها بعد فض «رابعة»، وأنهم استمروا فى الحماية حتى وصلت قوات الشرطة، ووقت أزمة كنيسة «الماريناب» بإدفو تظاهر المسيحيون فى أسوان، وحاولت جماعة تدعى أنها إسلامية الهجوم على المظاهرة، فتصدى لها النوبيون ودافعوا عنها وأعلن القياديان النوبيان أبوالسعود حمدته، رئيس لجنة المتابعة النوبية بأسوان، وهانى يوسف، رئيس الاتحاد النوبى العام بأسوان وقتها، أن النوبيين سيتصدون لأى اعتداء سواء على المظاهرة السلمية أو على المسيحيين عامة. وخلال اجتماعات لجنة الخمسين، كنت مع «أبوفجر» مقيمين فى فندق، ويومياً كانت وفود من أنحاء مصر تقابلنا لتشرح لنا قضيتها، بداية من شباب أدباء الصعيد والواحات ومن مرسى مطروح وطبعاً نوبيون وسيناويون، وأيضاً من النيابات والرياضيين ومجموعات من المهتمين بحقوق الإنسان والمهتمين بالصناعات الصغيرة... إلخ، فأنا و«أبوفجر» وغيرنا لا نمثل قطاعاً مغلقاً، بل نحن نمثل مصر كلها، وبعد الانتهاء من مشروع الدستور، استمرت اللقاءات مع جماعات من شتى أنحاء مصر. فهكذا يجب أن نكون، فالجزء لا يكون ضد مجموعه الكلى، ولا الأغلبية باسم الكل تعمل ضد التنويعات الأصغر عدداً أو الأبعد مكاناً أو المختلفة اعتقاداً، وكل هذه التخوفات تم علاجها بطريقة جيدة فى دستور 2014. أنهى مقالى الذى طال قليلاً باعتذار لمن نسيت ذكر أسمائهم، وأعلن تفاؤلى لوطنى المصرى كله ولنوبتى، تفاؤلى مبنى على أن التغيير الذى حدث بثورتنا 25/30 له تأثير عميق جداً، ويواجهه تيار داخلى يحاول إفشال تلك الثورة، وحروب خارجية لنفس الغرض. أتفاءل رغم خطورة التحديات وعمقها ومؤامرات الخارج والداخل المستمرة، لكن قالها الشابى: إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر