«جن وار».. أول قرية لـ«النساء فقط» فى الشرق الأوسط

«جن وار».. أول قرية لـ«النساء فقط» فى الشرق الأوسط
- أشجار الزيتون
- أعمال البناء
- ألواح طاقة شمسية
- إزالة الخوف
- اجتماع اليوم
- الأدوات المنزلية
- الأعمال اليدوية
- الأكثر فقرا
- الاكتفاء الذاتى
- آبار
- أشجار الزيتون
- أعمال البناء
- ألواح طاقة شمسية
- إزالة الخوف
- اجتماع اليوم
- الأدوات المنزلية
- الأعمال اليدوية
- الأكثر فقرا
- الاكتفاء الذاتى
- آبار
«فى الحقيقة إننى أقول عنها شخصية ضائعة، فلماذا المرأة فى راهننا غير معروفة؟، ولماذا تقول نعم لكل شىء؟، إذ إنَّ تنظيم العلاقات هنا لا يتم بناءً على رغبة أحد الأفراد بمن فيهم (أنا)، فهناك ضياع لتاريخ نزير، نريد تحويله إلى تاريخ للحرية، وهناك مستقبل جعلوه قاتماً ونحن نسعى لجعله ساطعاً منيراً، فهل هناك قيمة لأى مواقف أخرى مقارنة مع هذا؟»، هكذا كان يحدثهن زعيمهن «أوجلان» فى كتاباته التى أثرت بعمق فى شخصيتهن وسياستهن وحياتهن اليومية، حتى جعل من النساء الكرديات رموزاً بطولية لمشاركتهن فى الحرب، إلى جانب الرجال ويحصلن على حقوقهن فى كل مكان يكنَّ فيه.
أصبحن قادرات على التفوه بكلمة «لا» فى وجه ما يرفضنه، أصبحن قادرات على لفظها فى وجه المجتمع الذكورى الذى يراها سلعة ومتعة ويجردها من حقوقها، أصبحن قادرات على كتابة تاريخ جديد لهن، حيث أردن أن يبرهن للعالم أنهن قادرات على الحرب، وأصبحن أيضاً قادرات على التخلى عن المجتمع بما يشتمله من قوانين وأفكار وثقافات لا تناسب حريتهن، فقررن بناء مجتمعهن الخاص الذى اخترنه بلا رجال وبلا قوانينهم، ويصغن له دستورهن الخاص داخل قرية لهن يمنع فيها الرجال، وسميت بـ«قرية المرأة».
هذه القرية التى تسيطر عليها نون النسوة، اجتمع عدد من النساء الكرديات فى مارس من العام الماضى، ورقصن الرقصة الأولى لتدشينها، بعد أن اخترن لها سهلاً منبسطاً بالقرب من مدينة الدرباسية فى شمال سوريا على الحدود التركية، زارتها «الوطن» لتعايش يوماً مع تلك الفتيات اللواتى قررن أن يهجرن مجتمعهن ويعشن حياة بسيطة فى قلب الطبيعة.
{long_qoute_1}
على مقربة من مدينة الدرباسية الواقعة فى الشمال السورى والملاصقة للحدود التركية، وبينما تسير باتجاه مدينة قامشلى الواقعة على الشرق من الدرباسية، تتناثر قرى موجودة على جانبى الطريق، كقرية سرى كانى وقرية عطيشان، وقرى أخرى جميعها تتسم بالبساطة والبدائية، حيث يعتمد أهلها على الزراعة لجمع محاصيل منها وتربية حيواناتهم، الطريق إلى القرى مفتوح بممر كبير يسمح للسيارات بالدخول فى الطريق الملتوى الذى يأخذك مباشرة إلى تبة مرتفعة قليلاً، يمكن ملاحظتها من مسافة بعيدة، لتقترب منها وتجد البيوت الطينية البدائية التى تتخذ شكلاً هندسياً واضحاً فقد رسمت على شكل مثلث فى طريقه للاكتمال.
وعبر مدق يخرج من الطريق يأخذك إلى بوابة هذا المكان الذى يبدو غريباً، لتجدها مفتوحة بينما لافتة كبيرة مكتوب عليها كلمة كردية «JIN WAR»، أو قرية المرأة، الباب المفتوح سمح لنا بالدخول بسيارتنا لنلاحظ عن بعد مجموعة من النسوة يتحاورن، بينما أخريات ينهمكن فى العمل، على اليسار حيث حقل صغير تمسك فيه سيدة أربعينية فأساً وهى تخفى يديها تحت جوارب حمراء لترفع الفأس وتنزل به على الأرض، وأخرى ترش المياه على حوائط مبنى اتضح لنا بعد أن اقتربنا منه أنه مقهى أو مجلس للسهر والسمر، وثالثة ترمى الطعام لطاووسين يزينان هذه القرية وهما داخل قفص وضع فى منتصف ذلك المثلث الكبير الذى تعد البيوت الطينية البدائية أضلاعه غير المكتملة، لم تمر سوى دقائق حتى تأتى إلينا فتاة عشرينية، تلقى علينا تحية الصباح باللغة الكردية «روج باش» -صباح الخير- نرد السلام ثم تبدأ فى الحديث مع أحد المرافقين الذى جاء معنا خصيصاً للترجمة.
الفتاة تدعى نوجين، هى ألمانية كردية جاءت إلى شمال سوريا قبل عام فى جولة سياحية تهدف منها رسم اللوحات للمناظر الطبيعية، لكنها قررت أن تبقى فى شمال سوريا للمشاركة فى بناء القرية، بعدما علمت بأمر بناء قرية ستضم النساء فقط، خاصة اللواتى استشهد أزواجهن وقتلوا خلال المعارك السابقة بأى حرب دارت فى سوريا، هرباً من عنف المجتمع فى الخارج ولتعود إلى الطبيعة التى كانت عليها النساء فى الماضى، حيث كانت هى الأساس لأى مجتمع -بحسب قولها- لتعلق: «تركت أهلى فى ألمانيا حيث كنت أعيش فى ميونيخ أحببت القرية واسمها والحياة البسيطة التى سنعيشها، خاصة أنه لن يعيش بيننا رجال ولن تحكمنا القوانين التى وضعت فى الخارج وتسلب منا حريتنا»، هذه الفتاة لم تنقطع عن أسرتها المكونة من أب وأم وشقيقتين، فهى تتواصل معهم عبر وسائل التواصل الاجتماعى للاطمئنان عليهم وإخبارهم بما يجرى فى هذه الحياة البدائية، وما تنجزه من رسومات على حوائط وجدران القرية.
«نوجين» التى تبلغ من العمر 27 عاماً والتى تعد متطوعة جاءت لتشارك فى بناء القرية التى لم تكتمل بعد وتعيش فيها، ترى أن مساندة الفتيات الكرديات اللواتى حصلن على حقوقهن بصعوبة بالغة أمر مشرف، لأنهن لجأن إلى ساحات المعارك ليثبتن لأنفسهن وللعالم أنهن يستحققن الحرية والاحترام وصياغة قوانين خاصة بهن، لتقول: «هنا ستكتسب النساء الخبرات والمهارات التى تجعلها قادرة على الاستغناء عن الرجال وعن جشعهم وعن المجتمع الرأسمالى الذى يحول الإنسان إلى ماكينة تدور دون توقف وتستهلكه، بينما هنا نبذل جهداً طوال اليوم حتى نؤمن لأنفسنا أبسط الأشياء، إنها حياة بسيطة لكنها هادئة وممتعة، وأنا أفضل العيش فى الحياة البدائية عن عصر الماكينات الألمانية»، جاء إليها إيمان كامل بأن المرأة قادرة على العيش وحيدة دون الرجل، بعدما رأت الفتيات الكرديات يقاتلن بشراسة على جبهات القتال وحملن السلاح وحققن نفس النتائج التى حققها الرجال، خاصة بعد ما روت بعض القصص الخاصة ببطولات قامت بها النساء خلال الحرب الجارية وأنها سمحت لها بأن تظهر بقوة أمام العالم بعدما ظهرت قصصهن التى أكدت عنادهن وعدم استسلامهن فى الحرب معلقة: «لم نر أو نسمع عن أسيرة كردية وقعت فى يد العدو».
تعد نوجين هى الفتاة التى لم تغادر القرية منذ أن جاءت والتحقت بها كمتطوعة للمساهمة فى بنائها، فهذه الفتاة لم يكن لديها أى مكان آخر تذهب إليه، فأسرتها التى تسكن على بعد 3.5 ألف كيلومتر فى ألمانيا، لا يمكن الذهاب إليهم لزيارتهم بسهولة، ولم تر هذه الفتاة الحياة مملة طوال شهور قضتها هنا فى القرية، فتشير إلى أنه لم يمر يوم كالذى سبقه، حيث يبدأ يومها بالاستيقاظ عند الساعة 5 ونصف صباحاً لتمارس تمارين رياضية مع بعض الفتيات الموجودات معها، ويبدأن باجتماعهن الأول عند الساعة 8 لأخذ الفطور وإجراء الاجتماع اليومى الذى سيقررن فيه المهام التى سينجزنها، وهى أعمال تشارك فيها متطوعات يترددن على القرية إلى جانب مجموعة من العمال الذين جلبنهم لمساعدتهن فى أعمال البناء لـ30 منزلاً مقرراً أن تحتويها القرية، مشيرة إلى أنه بُنى فقط 22 منزلاً بينما بقى 8 منازل أخرى لم يتم بناؤها بعد، إلى جانب 8 بنايات أخرى مقرر بناؤها للخدمات. {left_qoute_1}
هذه القرية التى تتسع لنحو 3 هكتارات تقريباً -30 ألف متر مربع- تحيطها تلال خضراء من كل جانب، بينما يمر فوقها خطوط الكهرباء التى تغذى المدن الواقعة على الحدود التركية، وفيها تحفر الآبار لأعمال الزراعة، حيث حفرت بئر واحدة فى القرية لرى المنطقة الزراعية بالقرية ويجرى حفر البئر الثانية للاستخدام المنزلى، خصصت مساحات فى هذه القرية لزرع الخضراوات والفواكه كخطوة أولى لعزل القرية عن المجتمع المحيط، ولكى لا تحتاج النساء إلى الخروج منها وأن يكتفين ذاتياً بما لديهن من أطعمة زرعنها بأنفسهن، معلقة: «نزرع الطماطم والخيار والفلفل والزيتون والكوسة وكذلك فواكه مثل المشمش والرمان»، موضحة أن باب القرية مفتوح لكل امرأة ترغب فى العزلة عن المجتمع أو اللواتى يعشن حياة مأساوية مع عائلاتهن ويتعرضن لعنف أسرى، قائلة: «نحن سنحتضن الفتيات اللاتى يعانين من نظرة مجتمعية خاطئة، تراها جسداً وسلعة وتمارس سلطة جشعة عليها، وإذا عدت إلى ألمانيا فسوف أقيم قرية مثل هذه وأجلب الفتيات اللواتى يعانين من المجتمع حولى لإنجاحها».
لم تكن فكرة إنشاء قرية للمرأة حديثة العهد بل كانت الفكرة موجودة منذ سنوات طويلة، حيث استوحت منظمات نسوية فى شمال سوريا فكرة القرية من كتابات عبدالله أوجلان -مؤسس حزب العمال الكردستانى- الذى كرر فى كتاباته أن المرأة كان لها الدور الأساسى فى المجتمعات البدائية وإدارتها، فجاءت فكرة بناء القرية كتجربة لمحاولة الحياة الطبيعية بعيداً عن التطور التكنولوجى والقوانين الوضعية والأنظمة الرأسمالية التى تستهلك الإنسان وتحوله إلى سلعة وآلة، بحسب قول مايا حسن، فى العقد الثانى من عمرها، هى هنا فى القرية تعمل كمسئولة للإعلام تأتى كل يوم لتحصل على مجموعة من الصور وتسجل كل مرحلة تمر بها القرية لوضعها فى أرشيف خاص بالقرية، توضح أن القرية لم تقتصر على الفتيات الكرديات فقط، بل ستفتح أبوابها للنساء من كل المكونات، بل إن القرية لا تزال فى طور بنائها وسيتم افتتاحها واستقبال السيدات بعد الانتهاء من أعمال البناء وتجهيز القرية.
وتضيف «مايا» الفتاة الكردية من مدينة المالكية -أقصى الشمال الشرقى لسوريا- أن القرية لن تزيد على 30 منزلاً وأن المنازل قسمت فى مساحتها ما بين صغيرة ووسط وكبيرة، والمنازل الكبيرة تضم 4 غرف، بينما المتوسطة 3، أما الصغيرة فغرفتين فقط، مع صالة فى كل منزل، موضحة أن القرية سيقام فيها مستشفى خاص بالطب البديل -طب الأعشاب- ومدرسة لتعليم أبناء النساء اللواتى استشهد أزواجهن ولديهن أطفال، بالإضافة إلى أكاديمية للعلوم النسائية يتم فيها تدريس تاريخ المرأة وبطولاتها على مدار التاريخ، بالإضافة إلى متحف يضم كل ما يتعلق بتاريخ المرأة من أعمال وصور وقطع أثرية وستُلهم المرأة الساكنة فى القرية الطرق التى يجب أن تعيش بها، مؤكدة أن المنخرطات فى التجربة سيعتمدن فى الاقتصاد على ما ينتجنه بأنفسهن وما يزرعنه وينتجنه من الأعمال اليدوية والحرف التى يعملن فيها، لأن القرية لن تضم فقط منازل ومدرسة ومشفى، بل ستضم محالاً أيضاً للخياطة ولعمل المنتجات اليدوية والألبسة، وسيكون لها منفذ لبيعه للقرى المجاورة، ويتم استخدام الأموال التى تجمع فى الإنفاق على القرية وتلبية احتياجاتها التى لا يمكن توفيرها داخل القرية.
وعن إمكانية وجود الرجال داخل القرية، تشدد «مايا» على أنه لن يكون هناك مجال للرجال فى القرية بعد الانتهاء من إقامتها، لكن لاحقاً سيظهر بعد سنوات طويلة فى القرية رجال، وهم أطفال النساء اللواتى جئن مع أطفالهن، حيث سيكبر الأطفال فى هذه القرية، وسيكونون متفهمين للذهنية الجديدة والدستور الذى وضعناه فى القرية بعيداً عن سلطة الذكر وذهنيته التى تستعبد المرأة وتراها جسداً ومتعة وسلعة، موضحة أنه بعد الانتهاء من عمل القرية سيفتحن الباب أمام النساء اللواتى يردن هجرة المجتمع للعيش هنا بالقرية، وستكون الأولوية لأرامل الشهداء فى الحرب والنساء الأكثر فقراً واضطهاداً من مجتمعهن.
وتضيف مسئولة الإعلام بـ«جن وار» أن القرية تحصل على الأموال من خلال الإدارة الذاتية التى تدير الحكم فى شمال سوريا، ولم تقبل أى أموال من المنظمات النسائية التى تأتى لزيارة القرية، متوقعة أن تمتلئ القرية بمجرد فتحها أمام النساء، مبررة ذلك بأن النساء عانين من اضطهاد وحرمان من الحقوق قبل الثورة، ولكن الآن ستكون أمامها الفرصة لتختار الحياة التى تريد أن تعيشها.
لا يزال هناك نشاط محموم على الجهة الشرقية من القرية فلا تزال مجموعة من العمال الذين يعملون فى الوحل لصبه فى قوالب خشبية، هذه القوالب الكبيرة هى التى تبنى منها المنازل فى القرية، بينما ينهمك أحد الرجال وهو يجلس القرفصاء فى تشكيل تمثال من الطين، لم يكن هذا الشاب من أحد العمال المأجورين لإنجاز بناء المنازل المتبقية كما ظننا فى البداية، بل هو أحد الجيران الذين يسكنون قرية عطيشان الملاصقة لـ«جن وار»، يدعى حميد على خليف، 25 عاماً، جاء لمساعدة الفتيات فى قرية المرأة وتقديم هدية لهن من خلال استخدام هوايته فى تشكيل التماثيل، بالاقتراب منه اتضحت ملامح التمثال الملقى أمامه وهو يقوم بتشكيله بيديه ورش على بعض أجزائه المياه لكى يتمكن من تشكيل ملامحه كما يريد، إنه تمثال لسيدة تحمل رضيعاً لا يزيد طوله على 35 سنتيمتراً، لكنه يعد بتشكيل تمثال كبير يتم وضعه فى منتصف القرية، معلقاً: «أنا جارهم ولما أكون فاضى آجى أساعدهم فى عمل طوب ونقله من مكانه إلى مكان المنازل، أنا بدى أساعد الناس، أى حد محتاج مساعدة أنا أساعده».
{long_qoute_2}
ويشير «حميد» الذى يتحدث العربية جيداً، إلى أن القرية منذ أن بدأت فى البناء وهو يرى فيها مشروعاً كبيراً وحياة جديدة ستكون مختلفة للفتيات والسيدات، وأنه كان يتمنى أن يعيش هذه العزلة عن المجتمع والعيش فى الحياة البسيطة البدائية التى لا تقع تحت سلطة المجتمع أو سلطة أفراد وضغوطات الحياة، معلقاً: «يعنى كنت أتمنى أعيش متلهم لكن ما يصير»، مشيراً إلى أنه كان يدرس الحقوق فى دير الزور لكن الحرب دمرت كل مستقبله، وأصبح يعيش فى قريته مزارعاً وقضت على رغبته فى إكمال مستقبله على النحو الذى خطط له، قائلاً: «الحرب دمرت المستقبل اللى كنت بريده وما عاد لى أمل وبدى أعيش وحدى متل هون».
وعلى بعد نحو مائة متر فقط وخلف أشجار الزيتون تنحنى «سهام على» بردائها الأزرق وشالها المطرز وهى تقبض على «كوريك» -أداة زراعية لحمل التراب- وتحرك به التراب فى الأرض لتجميعه حول بعض سيقان ثمرة الطماطم التى تبدأ فى النمو، لم تتوقف عن العمل رغم ذهابنا إليها ولم تفهم حديثنا، فالسيدة التى تبلغ من العمر 40 عاماً لم تتحدث سوى اللغة الكردية، فجميع النساء والفتيات الموجودات فى القرية هن كرديات، ننتظر حتى تنتهى من عملها لنبدأ الحديث بعد أن حضر المرافق للترجمة، لتقول: «لن أترك القرية إلا وهى تعج بالفتيات والصبايا، ما راح يكون أصعب علينا من الجبهات، بناتنا حاربوا فلن يكون هناك أصعب من الحرب»، مشيرة إلى أن مهمتها فى القرية تتلخص فى أعمال الزراعة التى تعلمتها حديثاً، حيث كانت تعمل بالرعى مع زوجها وبناتها الست، لكن الحرب لم تتركهن فقد أخذت منها 3 فتيات فى قوات حماية المرأة الكردية، بينما لديها 3 فتيات أخريات يعشن معها وزوجها فى إحدى القرى المجاورة.
وتضيف «سهام» أنها أقنعت زوجها بالعمل معها فى القرية حتى تدشين القرية، حيث تقوم هى وزوجها بالمناوبة على حراسة البوابة ليلاً ومع عدد من الفتيات أيضاً، مشيرة إلى أنها لو لم تكن متزوجة لكانت انخرطت فى هذه التجربة التى تراها مناسبة لتثبت للعالم أن النساء قادرات على العيش وحدهن، بقولها: «لو ما كنت متزوجة لكنت معهن فى القرية طوال حياتى، وإذا كانت بناتى يثبتن أنهن أحرار ويقاتلن الدواعش، فأنا وبناتى نثبت أننا قادرات على تخليص العالم من الإرهاب والعيش وحدنا فى سلام من دون مساعدة»، مشيرة إلى أنها تقوم بزراعة البصل والثوم والكثير من الأصناف بالإضافة لتربية الدواجن والأغنام حتى تؤسس حظيرة توفر الألبان للأطفال أبناء النساء اللواتى سيلتحقن بالقرية، وكذلك البيض من الدجاج، مؤكدة أنه بمرور الوقت لن تحتاج القرية للمجتمع الخارجى.
أما دالين عثمان، إحدى الفتيات اللواتى يعملن بالقرية كمحاسبة مالية، فتؤكد أن القرية سيتوافر لديها موارد مالية وليس الاكتفاء الذاتى فقط نتيجة وجود ورشات للأعمال اليدوية إلى جانب تربية الحيوانات والزراعة، موضحة أنها كانت ترى القرية قبل أن تتخرج من المعهد المصرفى التجارى بالحسكة، حيث كانت تدرس المحاسبة، ولم يمر عليها سوى 3 شهور فقط، وأن عملها هو دفع الأجور لعمال البناء وتنسيق الفواتير وحفظها، لافتة إلى أن القرية تمتلك سيارتين إحداهما لجلب المواد من الأسواق وأخرى شخصية يتم نقل الفتيات المتطوعات فى القرية بها.
وعن مدى تجهيزات المنازل من الداخل ومصادر الطاقة والمياه، تقول: «بالنسبة لمصادر المياه نقوم بحفر بئر أخرى غير الموجود، بينما سنقوم بنصب ألواح طاقة شمسية حتى تغذى المنازل، وبمرور الوقت سنعمل على تجهيز المنزل بالتلفاز والأدوات المنزلية التى تماثل الحياة فى الخارج»، موضحة أن العمال أنهوا بناء المنازل من الداخل، حيث تم لصق البلاط ولم يبق كثير حتى يتم بناء بقية الأبنية الخاصة بالمدرسة والمستشفى والمعهد والمتحف، مشيرة إلى أن القرية ستفتح مجالاً لأن يكون بها صندوق مالى يدر دخلاً من أعمال السيدات داخل القرية، نافية أن تزيد مساحة القرية على الرسم الهندسى المرسوم لها بأن تشمل 30 منزلاً فقط، موضحة أن هذه القرية هى الوحيدة فى منطقة الشرق الأوسط التى تبنى لهذا الغرض فقط وتمنع الرجال من العيش فيها، مشيرة إلى أن هناك قرية أقيمت منذ فترة طويلة فى كينيا وتضم النساء فقط ولكن هذه فى العقود الماضية.
وتضيف أن الفتيات المتطوعات فى القرية الآن فى ظل عدم اكتمالها لا يخشين البقاء وحدهن، لأن الهدف من القرية هو عدم الخوف من الوحدة وأن السيدة أو الفتاة قادرة على إزالة الخوف وحدها ومن دون مساعدة رجال، وبإمكانها الحياة من دون أى عوائق حتى بدونه، نافية وجود موعد محدد لفتح القرية، لأن اللجنة المشرفة على بناء القرية والمكونة من 15 عضوة لم تحدد بعد، وتنتظر حتى انتهاء القرية بشكل كامل، قائلة: «ستكون قبلة للفتيات الأحرار الجريئات اللواتى لديهن الجراءة على الوقوف فى وجه المجتمع الذكورى الاستبدادى وتقول له لا».