معركة الفتوى بين «الأزهر والأوقاف»: الوزارة ترفض الإقصاء.. و«كبار العلماء»: الأئمة ضعاف
طايع ومهنا
جدد مشروع قانون الفتوى، الذى تناقشه اللجنة الدينية بمجلس النواب، الصراع بين الأزهر وهيئة كبار علمائه، من جانب، ووزارة الأوقاف من جانب آخر، حول الحق فى الفتوى، بعد رفض مشيخة الأزهر إعطاء إدارة الفتوى فى الوزارة حق إصدار الفتاوى، رغم توصية اللجنة الدينية بالبرلمان بالإبقاء على لجنة الفتوى بالأوقاف كمصدر للإفتاء، ووصل الخلاف بينهما إلى اتهامات بالسعى للإقصاء وأخرى بنشر التطرف والعجز عن تغطية طلبات الفتوى. «الوطن» تجرى مواجهة بين الدكتور محمود مهنا، عضو هيئة كبار علماء الأزهر، والشيخ جابر طايع رئيس القطاع الدينى بالأوقاف. حيث أكد «مهنا» أن «الأوقاف» ليست مسئولة عن الفتوى، وأن بعض الأئمة غير قادرين على الإفتاء فلا فتوى لأحد لم يتعلم على يد علماء المشيخة، خصوصاً أن العالم يعتبر الأزهر المؤسسة الأولى فى العالم الإسلامى، فيما رأى «طايع» أن أى إقصاء للأئمة يفسح المجال لفتوى غير المتخصصين، وأن الفتوى حق أصيل لإمام المسجد الذى يختلط بالسائلين يومياً فى الصلوات والدروس الدينية، وأن هناك 50 ألف إمام لن يفرّطوا فى حقهم.
رئيس القطاع الدينى بـ«الأوقاف»: الفتوى حق أصيل لأئمة المساجد وإبعادهم يُفسح المجال لأدعياء الدين
قال الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الدينى بالأوقاف، إن أى إقصاء للأئمة يُفسح المجال لفتوى غير المتخصصين وأدعياء الدين من المتطرفين. مؤكداً، خلال حواره مع «الوطن»، أن الفتوى حق أصيل لإمام المسجد، وإذا فرطت فيه الوزارة فإن 50 ألف إمام سيرفضون.. إلى نص الحوار:
كيف ترى رفض هيئة كبار علماء الأزهر السماح لأئمة المساجد بالإفتاء فى مشروع قانون تنظيم الفتوى الجديد؟
- نرفض سياسة إقصاء الأئمة، فـ«الأوقاف» جزء لا يتجزأ من المؤسسات الدينية الرسمية بالدولة، وخاضت معركة كبرى طوال الخمس سنوات الماضية لتطهير المساجد والمنابر من المتطرفين، ومنع صعود أى شخص صاحب فكر شاذ للحديث بين المصلين، وسنخوض معركة الفتوى وسننتصر فيها بإذن الله، فنحن لدينا 50 ألف إمام وهم قادرون على إصدار الفتوى الشرعية والإجابة عن أسئلة عامة الناس فيما يتعلق بالعبادات والمعاملات، أما الفتاوى فى القضايا الكبرى كالحدود والطلاق، والقضايا التى تحتاج لأحكام قضائية، فهذه أمور لا ينازع أحد فيها دار الإفتاء المصرية وهيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية، فهم المرجع فى ذلك، لكن فيما يتعلق بالحياة اليومية من صيام وصلاة وزكاة ووضوء وطهارة، فلدينا كفاءات من الأئمة قادرون على تلبية حاجات الناس، ومنع هؤلاء من أداء واجبهم يعد إقصاء وفرض وصاية غير مقبولة.
«طايع»: لدينا 50 ألف إمام وهم قادرون على إصدار الفتاوى الشرعية
لماذا الإصرار على منع الأئمة من الفتوى؟
- لا أعرف صراحة، فإقصاء الأئمة سيفتح المجال واسعاً أمام الآخرين من أدعياء الدين من المتطرفين الذين يريدون السيطرة على الساحة، فنحن الوزارة الوحيدة التى تدعم الزى الأزهرى، وتدعم بقاءه فى الشارع وانتشاره أمام أعين الناس، وننفق 6 ملايين جنيه فى العام لدعم هذا الزى، وكما حررنا المنابر من أيدى أدعياء الدين سنحرر الفتوى، وماضون قدماً فى هذا الأمر، ولدينا رؤية للفتوى تثبت أننا قادرون على العطاء فى هذا المجال.
الوزارة قدمت لمجلس النواب المستندات والحجج والأسانيد التى تؤكد حق علمائها وأئمتها فى الفتوى
وما الذى حدث فى اللجنة الدينية بمجلس النواب فى هذا الشأن؟
- الوزارة قدمت للجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس النواب المستندات والحجج والأسانيد التى تؤكد حق علمائها وأئمتها فى الفتوى، وأن المصلحة الشرعية والوطنية معاً تقتضيان عدم إقصاء الأئمة، وأن أى إقصاء للأئمة يفسح المجال لفتوى غير المتخصصين، كون الأئمة هم الأقرب إلى الناس بحكم معايشتهم لهم على مدار اليوم ببيوت الله عز وجل، ويهرع إليهم الناس فى كل ما يحتاجون له من الدين، فى القرى والنجوع والحضر على حد سواء، إضافة إلى مئات الأئمة الذين ينشرون الفكر الوسطى ويقومون فعلاً بعملية الإفتاء فى المراكز الإسلامية بمختلف دول العالم، وفى المساجد الكبرى على مستوى الجمهورية، ويعدون نماذج مشرفة للأزهر الشريف وسفراء هداية وسلام لمصرنا الغالية، فالأصل هو الإتاحة والسعة وليس الإقصاء أو التضييق، لأننا لو أقصينا أهل العلم من علماء الأوقاف وأئمتها، وهم الذين يشغلون الساحة الدعوية ويعمرون بيوت الله علماً وفقهاً، لكانت الفرصة أوسع أمام عناصر الجماعات المتطرفة.
ومن أيّد موقف الأوقاف؟
- لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس النواب، ودار الإفتاء، ولا يمكن أن ينكر أحد دور إدارة الفتوى بالوزارة فى الفتوى إلا من فى عينيه رمد، فالفتوى حق أصيل لإمام المسجد ولا نفرط فيه، ولو نحن فرطنا، أعتقد أننا سنصطدم بـ50 ألف إمام سيرفضون ذلك.
عضو «كبار العلماء»: «الأوقاف» ليست مسئولة عن الفتوى.. وتفعيل القانون يُقصى المتطرفين
انتقد الدكتور محمود مهنا، عضو هيئة كبار العلماء، أداء بعض أئمة الأوقاف، وقال إن أئمة الأوقاف «غير قادرين على الإفتاء»، حسب قوله، وأوضح «مهنا»، خلال حواره مع «الوطن»، أن حق الفتوى مقصور على 3 جهات فقط، هى دار الإفتاء ومجمع البحوث الإسلامية وهيئة كبار العلماء. واعتبر أن إقصاء الأئمة من الفتوى لا يفتح الباب أمام المتطرفين بحسب ما يروج كثيرون.. وإلى نص الحوار:
لماذا ترفض هيئة كبار العلماء إعطاء حق الفتوى لأئمة الأوقاف؟
- الأئمة بهم الضعفاء، غير القادرين على الفتوى، فالضعيف لا يعتد به، فالإمام الشافعى كان لا يأخذ العلم إلا من أكابر العلماء، فحق الفتوى سيكون لهيئة كبار العلماء ودار الإفتاء المصرية ومجمع البحوث الإسلامية، فهى ثلاث هيئات فقط لا غير يحق لها الإفتاء، وليس لأى مؤسسة رابعة حق لتُفتى، فالهيئة طالبت بأن يكون المفتى لديه دراية بـ25 أمراً علمياً.
لكن «الأوقاف» حذرت من تصدر المتطرفين للفتوى حال عدم وجود أئمة المساجد..
- هذا الكلام غير صحيح بالمرة، فالمتطرفون ليس لهم دور إطلاقاً حينما يتم تفعيل قانون الفتوى، على أن يقوم ولى الأمر فى الدولة بتطبيق القانون بكل صرامة على من يخالف، ولن يكون هناك متطرف، فالرئيس عبدالفتاح السيسى يؤيد هيئة كبار العلماء والأزهر، وسيؤيد تقنين الفتوى، لأن الأزهر لديه علماء متخصصون فى علم الكلام والحديث والفقه وأسباب النزول وعلم المواريث ومنهم من يجمع بين علوم مختلفة، لذا وجب الاعتماد على علماء الأزهر فى أمور الفتوى.
«مهنا»: الأزهر يستطيع تغطية الفتاوى على مستوى الجمهورية
ولماذا الإصرار على إقصاء الأوقاف؟
- هيئة كبار العلماء هيئة منشأة بقرار جمهورى، وهى المسئولة عن الأمور الدعوية والفتوى جزء من مسئوليات الدعوة، وعلى الجهات التنفيذية بالدولة، احتراماً للوطن ومنعاً للإرهاب، أن تنفذ القرار الذى ستصدره الهيئة فى هذا الشأن، فقراراتنا ناشئة لحماية الدين والوطن ونسعى للحفاظ على البلاد والعباد.
عدد أعضاء هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث ودار الإفتاء لن يكون كافياً لمواجهة الكم الكبير من الفتاوى.. كيف ستواجهون ذلك؟
- ليس صحيحاً، فالأزهر قادر على تغطية الفتوى بجميع أنحاء الجمهورية، سواء إعلامياً أو ميدانياً، ورجاله قادرون على الرد على الشبهة التى يقوم بها بعض المتحدثين فى الدين بغير علم.
العالم يعتبر الأزهر المؤسسة الأولى فى العالم الإسلامى لذلك فلا فتوى لأحد لم يتعلم على يد علمائه
وهل انتهت الهيئة من رؤيتها لمقترحات تعديل قانون الفتوى؟
- لم ننته بعد، وقمنا بتشكيل لجان داخلية لمراجعة القانون بالكامل وعرض رؤانا فيه، ومنها على سبيل المثال رفع قيمة الغرامة على من يفتى دون تصريح من 5 آلاف جنيه إلى خمسين ألفاً.
وماذا عن مواجهة السلفية والإخوان فى فتاواهم؟
- سنواجه المتصدرين للفتوى من غير أهل العلم، فقد قال الله تعالى «ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً»، فهيئة كبار العلماء ترى أن الفتوى لا تحل إلا لمن اتصف بالشروط الإسلامية، من قرآن وسُنة وإجماع واستحسان ومصالح مرسلة وفقه واقع ودراسة على أيدى علماء أجلاء، كما كان السلف الأول يفعل، فالصحابة تتلمذوا على يد رسول الله، والتابعون تتلمذوا على يد الصحابة، وكذلك من جاء بعدهم، والعالم اليوم يعتبر أن المؤسسة الأولى فى العالم الإسلامى هى الأزهر، لذلك فلا فتوى من غير التعلم على يد علماء الأزهر.