رغم الانتصار.. الأهالى مرعوبون من عودة أشباح أبوبكر البغدادى للانتقام.. ومدنيون: نخشى خلاياهم النائمة

رغم الانتصار.. الأهالى مرعوبون من عودة أشباح أبوبكر البغدادى للانتقام.. ومدنيون: نخشى خلاياهم النائمة
- الثورة السورية
- الجيش الحر
- الدولة الإسلامية
- العراق والشام
- تنظيم «داعش»
- ثوار الرقة
- دير الزور
- الرقة السورية
- الرقة
- سوريا
- داعش
- الثورة السورية
- الجيش الحر
- الدولة الإسلامية
- العراق والشام
- تنظيم «داعش»
- ثوار الرقة
- دير الزور
- الرقة السورية
- الرقة
- سوريا
- داعش
فى مدينة الرقة نكشف ما عاشه الأهالى من أيام قاسية خلال الحرب، لم نكن نبحث فى هذه الجولة عن الخراب الذى حل بالبنايات المفجرة، بل أردنا أن ندخل فى نفوس ساكنيها وعن أرواحهم وحياتهم التى شوهها تنظيم «داعش» ورحل، بعض هؤلاء الضحايا لم يكن سعيداً لأنه نجا من الحرب، بل إنه حتى لا يمكن نسيان ما جرى وما زال الخوف يسكن فى نفسه، بعد محاولات عدة مع الأهالى، لا أحد يرغب فى الكلام، لا أحد يريد أن يخاطر، ما زال الخوف يكتم أفواه من نجوا فى هذه الحرب، أصبح هذا البلد صامتاً.
محمد العبدالله، 24 عاماً، أحد أبناء مدينة الرقة، هو أحد المواطنين الذى رافقنا فى الجولة والذى تحلى بشجاعة الحديث معنا، فهو أحد ضحايا المدينة من حكم داعش، الذى منعه التنظيم من استكمال تعليمه الجامعى وأجبره على البقاء فى المدينة ليظل بها شاهداً على حكمهم، ويعود بعد الحرب ليساعد فى نجدة أبناء بلدته بالعمل موظفاً فى مجلس الرقة المدنى.
نتجول فى المدينة بالمرور على الميادين الرئيسية ثم نتجه إلى آخر حصن للدواعش فى المدينة فى الملعب الأسود، ويروى «العبدالله» خلال طريقنا قائلاً: «أول ما جتنا داعش جتنا بزى الإسلام الصحيح، لكن خدعونا وطردوا الجيش الحر اللى قالوا عليهم كفار وحرامية، وفى بدايتهم كان اسمه دولة الإسلام فى العراق والشام ولا يتعدون 50 شخصاً كان لهم حاجز قرب الرقة كفصيل صغير جداً، بلشوا شوية شوية، وفى يناير 2013 أعلنوا الحرب على الكفار الجيش الحر»، مشيراً إلى أنهم منحوا الحرية فى بداية أيامهم فقط لكن بعد مرور شهر نزلوا قوانينهم وهو لبس النقاب للنساء وإطلاق اللحى للرجال ومنع الحلاقين: «بدأوا فى مضايقة الناس، ونزلوا كتيبة الخنساء أهميتها مراقبة النساء بحيث يقتادون أى سيدة مخالفة إذا عيونها ظاهرة وياخدوها على مقراتهم.. كان لهم 3 مقرات بالمدينة، يجلدوا المرأة ويبلغوا زوجها وأبوها ويدفع غرامة 23 ألف ليرة».
{long_qoute_1}
يضيف «العبدالله» أن أول مشهد للإعدام رآه كان إعدام 7 أشخاص من عناصر الجيش الحر برصاص فى الرأس، وهم من لواء ثوار الرقة قائدهم كان يدعى أبوعيسى، معلقاً: «طلعت بالليل على البلد لقيتهم مقيدين 7 أشخاص أنا أعرفهم من المنطقة وكاتبين كارتون معلق عليهم (قارمة) وتعنى مرتد مقاوم للخلافة الإسلامية، وبعدين أصبح الإعدام معتاداً يجيبوا أى شخص وينادوا فى الميكروفون يا مسلمين احضروا القصاص، ويعلقوا عليه التهمة والكل يجتمع وبعدين يذبحوه أمامهم»، مشيراً إلى أن الناس تجتمع بسرعة لأنها تريد أن تعرف من الضحية حتى إذا سأل عليه أهله يبلغونهم، وأن أبرز التهم كانت هى «التعاون مع التحالف الصليبى»، موضحاً أنه بعد أن ضاق عليه الأمر لجأ إلى الريف فى قرية «كوبس»، تبعد نحو 35 كم من الرقة، وظل يذهب إليها ويعود حتى تقدمت قوات سوريا الديمقراطية وظل أيضاً ذهاباً وإياباً عند ابن خاله ويدعى «فياض»، حيث كان يعرف طريقاً آمناً من بين الألغام، معلقاً: «ما كان حدا يعرف الممرات الآمنة اللى يخرج منها تهريب سوى 50 واحد بالرقة كنت أنا منهم كان الطريق تمشى فيه زجزاج».
وتابع أحد رواد الثورة السورية أنه لم يساعد أحداً على الهرب لأنه كان يخشى أن ينفجر أى لغم فيحمل ذنبه، واصفاً «داعش» بالتنظيم الـ«كتوم»: «إذا كشفت شخصاً ما تقبض عليه بل تتركه حتى تعرف بقية الأشخاص المتورطين معه، داعش مو هم وحوش كما يتخيل الناس فيهم ناس طيبين طالعين للدين ولوجه الله وناس شريرة أتت لمآربهم الشخصية، وابن عمتى كان أمير عندهم ولكن كشفهم بعد 3 شهور وإجه قالنا ديروا بالكم أنتم لا تدخلون، وداعش سمته أبوموسى الرقى وكان أمير فيهم مستلم القطاع الغربى فى الجرنية، واختفى فى عيد الأضحى 2016 ورُحنا سألنا عليه قالوا ما جه، وبعد شهر نزلوا فيه إصدار مسلخ الدير نحروه نحر هو و7 أشخاص آخرين لأنه كشف قادتهم».
وخلال الحديث كنا قد وصلنا إلى ملعب الرقة البلدى، ولكن سمى بعد دخول داعش وتعليق رايات سوداء عليه بـ«الملعب الأسود»، وكانت هذه آخر نقطة لداعش بعد حصارهم، وفيه أكبر الأنفاق التى كانوا يتخفون فيها من غارات التحالف وللهروب منها إلى الشوارع المجاورة للملعب، مشيراً إلى أن «داعش» فى الفترات الأخيرة أجبروا المدنيين على ارتداء اللب الشيشانى حتى يتخفوا فيهم من طائرات التحالف، وحتى يخرجوا وسط المدنيين فى الممرات، إلى جانب أنهم ارتدوا مثل شيخ العرب وأخفوا السلاح فى العباءة، وقال إن داعش تركت وراءها خراباً بنحو 90% من مبانى الرقة مهدمة تماماً بسبب الحرب ضدها.
{long_qoute_2}
وبسؤاله عن مصير المنازل التى قتل أهلها تحت أنقاضها وإن كانت ستعود ملكاً لمجلس الرقة أو أى جهة، نفى «العبدالله» أن يكون هناك منزل واحد من بين كل هذه المنازل توفى كل أفراد أسرته وملاكه، قائلاً: «أهل الرقة أذكياء ما يخلو العيلة كلها فى مكان واحد، ولكن يوزعوا أنفسهم على 3 أو 4 أماكن، حتى ما يموتوا كلهم وينقطع نسلهم».
أمام «الملعب الأسود» نقرر النزول إلى أكبر أنفاق المدينة التى استخدمت فى هروب الدواعش إلى الشوارع المحيطة، لندخل من البوابة الرئيسية وننزل إلى الطابق السفلى حتى نجد الغرفة المواجهة مباشرة مكتظة بأجولة الرمل وبجوارها مباشرة حفرة قطرها نحو مترين وبعمق نحو 10 أمتار، وإلى جوار هذه الغرف غرف أخرى استخدمت كمقر لقياداتهم وإمرائهم وسجوناً وغرف تحقيق كانت جميعها مخصصة للدواعش أنفسهم، حيث كتب عليها «سجن الإخوة» وفيها كتب المسجونون على الجدران عبارات مثل «الإسلام باق» و«الدولة الإسلامية لم تنهزم»، بدا واضحاً مهام هذه الغرف من خلال الكتابات التى كتبها الدواعش على مدخلها، فيما تنتشر فوارغ طلقات البنادق على الممر الكبير الذى يضم غرفاً كثيرة جداً، ليشير «العبدالله» إلى هذه الغرف ويقول كانت كلها غرفاً خاصة بالدواعش الذين اعترضوا على القتال وكل من أبدى تذمره كان يحبس فى هذه الغرف ويحقق معهم، وهذا الملعب استسلم فى نهاية الحرب.
وحول العبارات التى كانت تكتب، يقول: «هما كانوا يحرصون على شعاراتهم، فكانوا لا يقولون الدولة الإسلامية تتمدد لأن هذا المصطلح يعنى على مساحة جغرافية معينة، ولكن إنما كانوا يقولون تمتد أى إنها ستكون لا نهائية».
وفى أحد الميادين الشهيرة، يجلس مواطن داخل محل صرافة، رفض نشر اسمه، خشية تعقبه من قبل الدواعش، ويرى هذا الرجل أنه كان فى الدواعش أناس صالحون جاءوا لخدمة الله ولكن كانوا ينقادون تحت أهداف دولية كبيرة وغرر بهم، معلقاً: «أنا عاشرتهم وعشت معهم طوال وجودهم، وكانوا يأتون إلىّ ليغيروا رواتبهم التى كانوا يتقاضونها بالدولار، كانوا أمناء فى معاملاتهم»، موضحاً أنه كان هناك دواعش سيئو السمعة ويظلمون الناس وكانت تتم عمليات قنص وقطع رقاب بتهم لا أحد يتأكد إن كانت تمت أم لا، وأن أشهر التهم كانت «مخبر للتحالف»، قائلاً: «اليوم جايبين حرمة أو طفل، وكان كل يوم تقريباً يجرى ذبح فى الميادين والشوارع وتعلق التهمة ولكن ما نعرف يجوز كذب ويجوز صحيح، ومن جونا باسم الدين احنا ابتهجنا بيهم، وما تقدر تقول كلهم سيئين أم طيبين»، ويضيف «الصراف» أن هناك جنسيات كانت معروفة ببشاعتها فى التعامل وقتلها للناس لأبسط الأسباب، وأن الدواعش التوانسة كلهم بلا استثناء متطرفون وكانوا يمسكون الشخص ويقتلونه فى الشارع، قائلاً: «إجم مصرية على عينى وراسى ألمانى كازاخستانى بوذى، لكن التونسى يقتل سريع وكلمته سيف ما ينصحك، بل يقتلك»، موضحاً أنه كان يتعامل مع كل أصناف الدواعش من خلال تغيير عملاتهم ورواتبهم وأن متوسط رواتبهم كان 400 دولار، وأنهم لم يكونوا مبذرين بل مقتصدون فى إنفاقهم ويغيرون بالـ30 أو 50 دولاراً فقط، ما يغيروا كل العملة التى لديهم، عكس بقية المدنيين»، ويتابع: «إلهم مواقف كثيرة معى، لأن بيتى كان فى ميدان ويصير فيه القصاص يومياً وأيضاً المحل كما ترى أمام ميدان مأهول بالسكان كان يجرى فيه القصاص يومياً، يعنى ما يفوت يوم إلا وأشوف ذبح شخص أو أكثر، وكانوا يصلبون أشخاصاً يعنى يقطعون رجل ويد من خلاف، شفنا كل شىء قصاص وتهم الزنا واللواط، رموا رجل 50 عاماً فى تل أبيض من عمارة عالية، وكانوا يستخدمون صوامع الرقة لأنها أعلى بناية»، مشيراً إلى أن قسوتهم زادت بمرور الوقت وقصاصهم كذلك، حيث كانت المعاملة جيدة فى السنة الأولى لكن بعد ذلك سمى المواطنون بالعوام وبدأ الذبح بشكل كبير، وحتى الآن الناس تخشى خلاياهم الموجودة، معلقاً: «أنا أراهنك اخرج وتحدث مع 10 أشخاص حتى يكلموك عن داعش ما حداً يوافق.. الناس تخاف موت منهم، لأن شخصاً تحدث للإعلام قبل سابق وأحد الدواعش شافه فى الشارع وهو يتحدث عن داعش وأبلغ عنه وقتلوه فى الحال، داعش يدهم طويلة ما يعجزهم شىء، والخوف من الكلام عنهم هنا حق».
ويشير «فايز»، 28 عاماً، ويعمل موظفاً حكومياً، إلى تعجبه الشديد من خطاباتهم فى المساجد وإرهابهم للناس، قائلاً: «والله كنا متوقعين من خلال عباراتهم إنها باقية وتمتد، وكانوا يقسمون من على منبر المسجد ويقولون والله العظيم سوف نفتح الشام والأردن ويحلفوا بالله سوف يجتاحون آسيا، ويقنعك 100% أنها باقية وتمتد»، لافتاً إلى أن والده، الذى كان يتاجر فى الأغنام، كان يخشى عليه وإخوته الـ6 من الخروج من المنزل فكان يمنعهم من الخروج ليلاً.
هنا عاصمة داعش الأرض لا تزال تقاوم
عمال الإغاثة يتحدثون.. حين تكون مهمتك استخراج الجثث من أكبر مقبرة جماعية
محمد العبدالله