الشيخ عبدالعظيم زاهر.. خادم القرآن الكريم
الشيخ عبدالعظيم زاهر
إذا أردت أن تسلك أقصر الطرق للوصول إلى المعانى القرآنية وقمة روحانياتها فاستمع إليه، فعندما يبدأ فى قراءة القرآن يُشعرك بأنه يتلو من السماء، يستعصى على التقليد، ليس كغيره من القراء.. إنه الهادئ الخاشع الورع الشيخ عبدالعظيم زاهر.
حالة خاصة جداً يجسدها عبدالعظيم زاهر، الذى يعتبر الكثيرون قراءته لكتاب الله إحدى أقصر الطرق التى تقود المستمع إلى أجواء الجنة، خاصة عندما يقرأ من سورة الزمر. فى قرية مجول التابعة لمركز بنها بالقليوبية، كان المولد وكانت النشأة، فقبل عام واحد من وصول عبقرى التلاوة مصطفى إسماعيل، انضم إلى عالمنا الطفل عبدالعظيم زاهر عام 1904، الذى أتم حفظ القرآن قبل أن يبلغ العاشرة من عمره، ليصبح بعد سنوات أحد عمالقة القرآن الكريم.
سيقشعر جلدك حتماً عندما تستمع للشيخ عبدالعظيم فى سورة الزمر وهو يقرأ قوله تعالى: «وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ»، وبعدها مباشرة سيحدوك الأمل عندما يقرأ بصوته الخاشع: «وَيُنَجِّى اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ».
يتصاعد تجسيد الصور القرآنية لتدبر معانيها حتى يصل إلى الذروة، عندما يختتم الشيخ عبدالعظيم زاهر سورة الزمر، بالآيتين 73 و74 ويقرأ: «وَسِيقَ الَّذِينَ اتقَوْا رَبهم إِلَى الجَنةِ زُمرا حَتى إِذا جَاؤوهَا وفُتِحَت أَبوَابُهَا وَقَالَ لَهم خَزَنتهَا سلام عليكم طِبتم فَادخلوهَا خَالِدِينَ، وَقَالوا الحَمد لِله الذِى صَدَقَنَا وَعدَه وَأورَثنا الأَرضَ نَتَبَوَأُ مِنَ الجَنةِ حَيث نَشَاء فَنِعمَ أَجر العَامِلِينَ، وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِىَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ، وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ»، عندها سيرتقى أى مستمع لهذه التلاوة بقلبه إلى أعلى عليين متمنياً على الله، وليس على الله ببعيد، أن يكون من هؤلاء الذين يدخلون الجنة زمراً زمراً، ليستقبله خزنتها بالتحية والبشرى بالبقاء خالداً، ليحمد الله الذى صدق وعده وأورثه الجنة، فنعم جزاء العاملين، ثم يرتقى أكثر فأكثر ليتخيل هذا المشهد المهيب المرتجى، حيث الملائكة حافون من حول عرش الرحمن يسبحون بحمد ربهم، وقد فصل الخالق بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين. وهكذا استمرت رحلة الشيخ عبدالعظيم زاهر فى خدمة القرآن الكريم، ليترك لنا تسجيلات إذاعية وتليفزيونية رائعة، قبل أن يرحل عن دنيانا فى 5 يناير عام 1971.