نائب رئيس «حقوق الإنسان»: «محيى الدين» كان مؤمناً بالعمل المؤسسى وتداول السلطة.. واستقال من «التجمع» لتقدمه فى السن
عبدالغفار شكر نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان
قال عبدالغفار شكر، نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، وأحد مؤسسى حزب التجمع: إن الراحل خالد محيى الدين، عضو مجلس قيادة الثورة، مؤسس حزب التجمع، عاش حياته مؤمناً بمبادئ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ودفع ثمن ذلك فى أوقات كثيرة، وأضاف، فى حواره مع «الوطن»، أن الراحل لعب دوراً هاماً ومحورياً فى كسر العزلة عن مصر فى بداية حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك، الذى كانت تربطه به صداقة شخصية.. وإلى نص الحوار.
ما أول موقف جمعك بخالد محيى الدين؟
- كان أول لقاء بيننا عندما كان الراحل رئيساً لمجلس السلام المصرى، وأنا كنت أحد الناشطين بهذا المجلس، تقابلنا وأهدانى كتابه عن السلام، ونشأت بيننا علاقة قبل إنشاء الأحزاب، وكان له مكتب بمقر الاتحاد الاشتراكى، إلى أن تقرر إنشاء الأحزاب.
«شكر»: «محيى الدين» أسهم فى كسر عزلة العرب عن مصر فى أوائل حكم «مبارك»
وما كواليس خلافه مع الرئيس «عبدالناصر» فى الخمسينات ودور خالد محيى الدين وقتها؟
- كان لدى «محيى الدين» اتجاه منذ البداية، بأن مصر تكون دولة ديمقراطية، يتم تداول السلطة فيها، وهذا سبب أزمته مع الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وتصاعدت الأزمة عام 1954، وكانت نقطة تحوّل فى علاقته مع مجلس قيادة الثورة، وإصراره على أن تُعيد مصر برلمان «الوفد»، وأن يكون المجلس راعياً للتحول الديمقراطى، وأن يخرج من السلطة فتم إبعاده لسويسرا.
كيف ترى تأثيره فى مجال الصحافة بعد ترؤسه مجلس إدارة «أخبار اليوم»؟
- قبل ترؤسه «أخبار اليوم» اتصل به الرئيس جمال عبدالناصر وطلب منه العودة لمصر، وقال له: «أنا موافق إنك تُنشئ صحيفة مسائية»، وترك له الحرية أن يستكتب فيها مَن يشاء، فأسس «المساء»، وجلب مجموعة من الكتاب المبدعين والموهوبين، ورموز اليسار، فكانت الجريدة فى عهده صرحاً عظيماً، ثم انتقل بعد ذلك لإدارة «أخبار اليوم»، وهو مُعزز بخبرة إنشائه لجريدة المساء، واستعان بعدد من الكتاب والأدباء والفنانين الذين كانوا معه فى «المساء»، لكن التجربة لم تستمر طويلاً، لأن المناخ السياسى كان عتياً، وبعدها تولى رئاسة مجلس السلام المصرى، فالراحل وُجد فى الصورة دائماً، لكنه كان مستبعداً من موقع اتخاذ القرار.
دفع ثمن إيمانه بمبادئ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.. وطالب بعودة برلمان «الوفد» بعد ثورة 23 يوليو.. و«كامب ديفيد» أنهت علاقته بـ«السادات»
حدِّثنا عن دوره فى الحياة السياسية بعد تأسيس حزب التجمع؟
- الانطلاقة القوية للراحل كانت مع تأسيس حزب التجمع التقدمى الوحدوى عام 1976، وما ميز الرجل أنه كان حريصاً على إنشاء منبر يسارى مفتوح لكل المؤمنين بالعدالة والديمقراطية، أيّا كانت مواقفهم، سواء كانوا ماركسيين، أو اشتراكيين ناصريين، أو إسلاميين تنويريين، وكان الشيخ مصطفى عاصى، أمين الشئون الدينية فى الحزب، له قيمة كبيرة فى الحياة السياسية، وكان خريجاً للأزهر، كذلك المفكر الإسلامى المستنير خليل عبدالكريم، وبالتالى «التجمع» كان عبارة عن ملتقى لتوجهات مختلفة فى داخل اليسار، وما يربط جميع مَن فيه كانت الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وقد حرص «محيى الدين» على أن يكون للحزب طابع مؤسسى وليس نفوذاً فردياً.
وماذا عن خلافه مع الرئيس السادات؟
- صدام الرجل مع الرئيس السادات بدأ مبكراً حين أصدر الأخير قانوناً للاستثمار الأجنبى والعربى فى مصر، وكان الأمر إيذاناً بانتهاء الاشتراكية وعودة الرأسمالية بشدة، لأن التجمع بدأ من النشأة الأولى معارضاً للسادات، كذلك كان لتوجه السادات نحو أمريكا وكلامه عن أن 99% من أوراق اللعبة فى يدها وتسليمها زمام القضية الفلسطينية رغم معرفته بموقفهم المنحاز لإسرائيل، نقطة خلافية كبيرة. ثم جاءت اتفاقية كامب ديفيد التى أنهت أى نوع من العلاقة مع أنور السادات، وكانت نقطة تحول جوهرى أخرجت مصر من دائرة الصراع العربى - الإسرائيلى، وحرمت المواجهة الفلسطينية من الاستقواء بالجيش المصرى أكبر قوة عسكرية فى الشرق الأوسط وقتها، فاختل ميزان القوى لصالح إسرائيل، وفى نفس الوقت السادات لم يكن ديمقراطياً، وأنشأ التعددية الحزبية «المقيدة».
ماذا عن طبيعة علاقته بجماعة الإخوان المسلمين؟
- خالد محيى الدين لم يكن طرفاً أساسياً فى الصراع مع الإخوان، فصراعهم كان مع الدولة، وهو كان يؤمن بالإسلام الوسطى، وألّف كتاباً عن الوسطية فى الإسلام، لكن الإخوان تعمدوا ترشيح ممثل لهم فى دائرته لإخراجه من مجلس الشعب، ليقولو نحن هنا، ونحن المعارضة.
كيف كانت علاقة الراحل بالرئيس الأسبق حسنى مبارك؟
- أولا خالد محيى الدين لعب دوراً مهماً جداً فى بداية حكم مبارك، فقد طلب منه الأخير القيام بعدد من اللقاءات مع رؤساء الدول العربية لإعادة العلاقات مع مصر، فبدأ بالجزائر ثم المغرب وليبيا، واستطاع إعادة العلاقات وفك العزلة العربية عن مصر. وقد كانت تجمعه علاقة صداقة شخصية مع الرئيس الأسبق حسنى مبارك.
ولماذا استقال «محيى الدين» من رئاسة حزب التجمع؟
- التقدم فى السن كان السبب الثانى، أما السبب الأول فقد كان تبنيه لفكرة تداول المناصب داخل الأحزاب، واحترام نظام الفترتين، التى أخذتها كل الأحزاب بعد ذلك، ولم يتدخل في شئون الحزب إلا كوسيط للحل بين كل الأطراف في حالات الأزمات، فقد كان خالد محيى الدين إنساناً صادقاً مع نفسه، ومع الآخرين، واضحاً وصريحاً، لا يناور، وما يعتقده يعلنه، وكانت مسألة إيمانه بالعدالة الاجتماعية والديمقراطية مسألة مبدأ لم يتزعزع عنه أبداً.