حواديت الجبرتي| إرضاء الأمراء وغلال الحرمين..شرط تولي محمد علي حكم مصر

كتب: سلوى الزغبي

حواديت الجبرتي| إرضاء الأمراء وغلال الحرمين..شرط تولي محمد علي حكم مصر

حواديت الجبرتي| إرضاء الأمراء وغلال الحرمين..شرط تولي محمد علي حكم مصر

الانشغال بحال الرعية والنهوض بالبلاد، مهام رئيسية ينبغي تحققها فيمن يتولى حكم بلد ما، ويُعتقد أنها ما يجول في بال الحكام عند إسنادهم سلطة حكم منطقة أو بلد ما لأي شخص، غير أن مراسيم الولاية على مصر اشتملت على أمور أخرى لم يدر بها المصريون، ذكرها المؤرخ المصري عبدالرحمن الجبرتي في كتابه "عجائب الآثار في التراجم والأخبار"، ومنها ذلك الشرط الذي نص عليه المرسوم الرسمي الذي جاء من السلطة العثمانية لمحمد علي باشا لتجديد ولايته على مصر عام 1806، وكان "إرضاء خاطر الأمراء المصريين".

(المؤرخ عبدالرحمن الجبرتي)

في ليل الإثنين 9 رجب 1221 الموافق 22 سبتمبر 1806، وصل كتخدا القبودان "وكيل الوالي العثماني" إلى ساحل بولاق فضربوا لقدومه مدافع، وأُرسل له خيولًا بصحبة ابن محمد علي بابا الأكبر "طوسون"، ومعه أكابر الدولة، والأغا، والوالي، فركب في موكب عظيم ودخلوا به من باب النصر وشق من وسط المدينة، واجتمع عنده المشايخ المتصدرون، وقرأ لهم المرسوم الوارد، صحبة الكتخدا المذكور، بشأن تجديد ولاية محمد علي باشا.

أما مضمون المرسوم فكان "إبقاء محمد علي باشا واستمراره على ولاية مصر، حيث إن الخاصة والعامة راضية بأحكامه وعدله بشهادة العلماء وأشراف الناس، وقبلنا رجاءهم وشهادتهم، وأنه يقوم بالشروط التي منها طلوع الحج، ولوازم الحرمين، وإيصال العلائف والغلال لأربابها على النسق القديم، وليس له تعلق بثغر رشيد ولا دمياط ولإ إسكندرية، فإنه يكون إيرادها من الجمارك يضبط إلى الترسانة السلطانية بإسلامبول، ومن الشروط أيضا أن يرضي خواطر الأمراء المصريين، ويمتنع عن محاربتهم ويعطيهم جهات يتعيشون بها"، وكان هذا من قبيل "تحلية البضاعة" كما يصف الجبرتي، وانفض المجلس وضربوا مدافع كثيرة من القلعة والأزبكية وبولاق، وأشيع عمل زينة بالبلدة، وشرع الناس في أسبابها، ثم أطلقوا نيران الاحتفال لمدة ثلاثة أيام بليالها بالأزبكية.

وفي نوفمبر من نفس العام، وصل إلى ثغر بولاق مسؤول آخر وعلى يديه تقرير لمحمد علي باشا، بالاستمرار على ولاية مصر، فأركبوه من بولاق إلى الأزبكية في موكب حافل وشقوا به من وسط المدينة، وحضر المشايخ والأعيان ونصب الباشا مكانًا بحوش البيت للجمع والحضور، وقُرأت المرسومات وهما فرمانان، أحدهما يتضمن تقرير "الباشا" على ولاية مصر بقبول شفاعة أهل البلدة والمشايخ والأشراف، والثاني يتضمن "الأوامر السابقة" وبإجراء لوازم الحرمين وطلوع الحج، وإرسال غلال الحرمين، والوصية بالرعية، وفيه أيضًا الأمر بعدم التعرض للأمراء المصريين وراحتهم وعدم محاربتهم، لأنه تقدم العفو عنهم ونحو ذلك، وانفض المجلس وضربوا مدافع كثيرة من القلعة والأزبكية.


مواضيع متعلقة