حاتم سليمان: مصر هيأت الظروف السياسية والاقتصادية وتستعيد مكانتها ضمن الـ«10 الكبار» عالمياً فى تلقى التحويلات المالية

كتب: دبى - إسماعيل حماد

حاتم سليمان: مصر هيأت الظروف السياسية والاقتصادية وتستعيد مكانتها ضمن الـ«10 الكبار» عالمياً فى تلقى التحويلات المالية

حاتم سليمان: مصر هيأت الظروف السياسية والاقتصادية وتستعيد مكانتها ضمن الـ«10 الكبار» عالمياً فى تلقى التحويلات المالية

كشف حاتم سليمان، نائب الرئيس الإقليمى لشركة «ويسترن يونيون» فى منطقة الشرق الأوسط، عن أن مصر بدأت تستعيد مكانتها بين الدول الأكثر تلقياً لتحويل الأموال بعد عملية تحرير سعر الصرف التى جاءت فى إطار برنامج الإصلاح الاقتصادى، لافتاً إلى أن شركته قامت بتخفيض العمولات على تحويل الأموال إلى السوق المصرية.

{long_qoute_1}

وأوضح «سليمان»، فى حوار حصرى لـ«الوطن»، كشف فيه عن أهم تطورات حركة عمليات تحويل الأموال فى العالم، وتحديداً منطقة الشرق الأوسط، أن هناك تطوراً واضحاً فى استخدام القنوات والأدوات الرقمية فى تحويل الأموال حول العالم، وأن مصر تسير فى الطريق الصحيح بعد أن هيأت المناخ السياسى والاقتصادى والأمنى للانطلاق وبدأت فى تلقّى الاستثمارات.

فى البداية.. دعنا نلقى نظرة على الاقتصاد العربى والتطورات التى شهدها على مدار الـ7 سنوات الماضية، وكيف أثّر ذلك على حركة تدفق الأموال.

- لا شك أن عمليات تحويل الأموال بين الأسواق المختلفة من الأمور المتقلبة، حيث إنها تعتمد بشكل كلى على حركة نمو الاقتصاد، ويمكن الحديث أيضاً عن سعر النفط وحجم المشاريع واستقدام العمالة، أى إنها تتقلب بحسب التطورات والمتغيرات السوقية فى كل بلد على حدة. فى عام 2015 بلغت قدرة السوق العالمية لتحويل الأموال نحو 440 مليار دولار، ولكنها شهدت هبوطاً بنحو 2.4% خلال 2016، لتسجل 429 مليار دولار، ويمكن إرجاع ذلك لعاملين أساسيين، أحدهما يتمثل فى أسعار النفط، حيث إنه بنهاية عام 2015، حدث هبوط فى أسعار النفط من 140 دولاراً إلى 48 دولاراً، أى إنه فقد أكثر من 50% من قيمته، وفى تلك الفترة كانت الحكومات قد وضعت بالفعل ميزانياتها للعام المقبل، لذلك انتهجت بعض الحكومات مبدأ «شد الحزام» بالنسبة لصرف الأموال، حيث إنه لم يكن من الواضح لهم هل سيستمر سعر النفط فى الهبوط أو أنه سيتخذ الاتجاه التصاعدى مرة أخرى، لذلك يمكن القول إن عام 2016 كان عاماً متقلباً من ناحية الميزانيات، لأن الحكومات كان عليها وضع دراسات جدوى اقتصادية جديدة حتى يمكنهم وضع أولويات جدول الأعمال، وذلك أثّر بالتأكيد على حركة تحويل الأموال، لأنه إذا قامت أى دولة بإنشاء مشروع فسوف تحتاج إلى استقدام عمالة، والعمالة سوف تقوم بتحويل الأموال، والعكس صحيح فى حالة عدم إنشاء مشاريع جديدة، أما العامل الآخر فيتمثل فى العملة الهندية، حيث إنه فى نوفمبر 2016، أصدرت الحكومة الهندية عملة جديدة، فى محاولة منها لتحقيق مبدأ الشمول المالى، مما أثّر على حجم الكاش المتداول والذى أثّر بدوره على حركة تحويل الأموال، وذلك لأن الهند تُعد من أكبر الدول المستقطبة للتحويلات، وقد هبطت التحويلات للهند فى هذا العام من 70 مليار دولار إلى نحو 62 مليار دولار. ولكننا نتوقع أن الأرقام العالمية سوف تشهد تحسناً ملحوظاً خلال 2017، لتصل معدلات النمو لـ4.8%، لتسجل السوق العالمية لتحويلات الأموال نحو 450 مليار دولار.

نحن تحدثنا عن المنطقة العربية، ولكنى أود أن أسالك عن ترتيب أكبر 10 دول فى العالم من حيث تلقّى الأموال؟

- أكبر دولة متلقية للتحويلات فى العالم هى الهند، فهى تستقطب نحو 62 مليار دولار فى السنة كما تحدثنا مسبقاً، وتليها الصين، ومن ثم الفلبين، وتأتى المكسيك فى المرتبة الرابعة، ونيجيريا فى المرتبة الخامسة. أما بالنسبة لـمصر فهى كانت تحتل المرتبة الخامسة حتى عام 2015، ولكنها هبطت للمرتبة الثامنة خلال 2016، ويمكننا إرجاع ذلك إلى مشكلة سوق الصرف وإجراءات التضييق على العملة قبل ذلك، فقد هبطت التحويلات من نحو 18 مليار دولار إلى ما يقرب من 16.5 مليار دولار، أى بمعدل انخفاض يبلغ 9%، بحسب البنك الدولى، ولكن فى 2017 بدأت العملة المصرية تشهد استقراراً، وكشف البنك المركزى المصرى بالفعل عن ارتفاع تحويلات المصريين فى الخارج لتصل لـ24 مليار دولار، أى إنها شهدت ارتفاعاً بنحو 43%، ولكن ذلك خلال الفترة من نوفمبر 2016 وحتى نوفمبر 2017، وليس عاماً كاملاً يبدأ فى يناير وينتهى فى ديسمبر. {left_qoute_1}

هل هناك توقعات أن تصعد مصر لتحتل المرتبة الخامسة مرة أخرى؟

- بالتأكيد، فمصر تسير فى الاتجاه الصحيح من ناحية تحويل الأموال، وفى عام 2017 ستصل إلى نفس ترتيبها فى عام 2015.

وماذا عن توقعات تحويل الأموال مستقبلاً؟

- وفقاً لتوقعات البنك الدولى، السنوات المقبلة ستشهد ارتفاعاً ملحوظاً فى التحويلات، ويمكن إرجاع ذلك لعدة أسباب، أهمها على الإطلاق هو أعداد اللاجئين والمهاجرين، فاليوم يوجد نحو 250 مليون مهاجر، أى ما يمثل نحو 3.4% من العالم أجمع، وهذا الرقم دائماً ما يتخذ الاتجاه التصاعدى، نظراً لأن هناك دولاً متطلبة للعمالة بشكل دائم، ككندا وأوروبا، الذين يعانون من ارتفاع المتوسط العمرى، ودول الخليج، التى تحتاج دائماً عمالة للمشاريع المتعلقة بالنفط.

حسنا، تحدثنا عن أكبر 10 دول من حيث تلقّى الأموال، ما أكبر الدول من حيث تحويلها؟

- أكبر دولة مصدرة لتحويلات الأموال هى أمريكا، بنحو 60 مليار دولار، وتليها المملكة العربية السعودية، بنحو 38 مليار دولار، وكانت روسيا تحتل المركز الثالث قبل نشوب الأزمة الاقتصادية الروسية، ومن ثم يأتى الاتحاد الأوروبى، وألمانيا، وفرنسا. يمكننا تبسيط ذلك باختصار، بأن الدول المتقدمة هى التى تخرج منها تحويلات الأموال إلى الدول النامية.

إذاً من وجهة نظرك ما أهمية المنطقة العربية بالنسبة للشركات العاملة فى مجال تحويل الأموال؟

- السوق العالمية لتحويل الأموال سجلت نحو 429 مليار دولار، منها نحو 110 مليارات دولار فقط بدول الخليج، أى ما يقرب من 25%، فالسعودية تصدر تحويلات بنحو 38 مليار دولار، والإمارات بنحو 20 مليار دولار، أى إن هاتين الدولتين تستحوذان على أكثر من 50% من تحويلات الأموال الصادرة من دول الخليج. هنا يمكن القول بأن سوق الخليج واعدة بالنسبة لشركات تحويل الأموال، لذا تتنافس الشركات بشكل شرس فى تلك المنطقة، وهو بالتأكيد فى مصلحة العميل.

ماذا عن وجودكم بمصر؟

- لدينا 3 وكلاء فى مصر، وهم البنك العربى الأفريقى، وبنك الإسكندرية، ومجموعة «IBA».

بالنسبة للسياسيات المنظمة لعمليات تحويل الأموال، هل تتبع الشركة ضوابط البنوك المركزية فقط أم تتبع أى سياسات عالمية، بمعنى آخر، من الذى ينظم عمليات تحويل الأموال حول العالم؟

- نحن نتبع سياسات البنك المركزى الخاص بكل دولة نعمل بداخلها، فأحياناً نمتلك رخصة للتعامل مباشرة مع بعض البنوك المركزية والحكومات والخزانة الأمريكية، وفى هذه الحالات، وكالاؤنا يصبحون وكلاء فرعيين، وأحياناً نعمل من خلال الوكلاء المرخصين فقط كالبنوك وغير البنوك. «ويسترن يونيون» استطاعت على مدار السنوات الماضية أن تبنى شبكة قوية ومنصة تمكّنها من تحويل الأموال بأى طريقة، وتلك المنصة تستوعب نحو 31 حوالة فى الثانية، كما أننا نمتلك نظاماً قوياً يمكننا من فحص العميل إذا كان يوضع فى أحد القوائم السوداء العالمية أم لا؟.. كل ذلك يحدث فى جزء من الثانية للحوالة الواحدة، هذا بالإضافة إلى أننا نتعامل بأكثر من 130 عملة عالمية، وبالتأكيد لا نستطيع إخفاء دور التكنولوجيا، التى بدونها لن نستطيع القيام بتلك العمليات فى وقت قياسى وبجودة عالية.

ما الطرق التى توفرها «ويسترن يونيون» لتحويل الأموال؟

- نحن نوفر للعميل أكثر من طريقة للتعامل، فيمكنه تحويل الأموال عن طريق «الكاش» عبر نحو 550 ألف فرع حول العالم، كما يمكنه التعامل بالطرق الرقمية المختلفة، كالهاتف المحمول، أو الموقع الإلكترونى الخاص بالشركة، وغيرهما، وقمنا بإضافة خدمة التحويل عبر أجهزة الصراف الآلى الخاصة بالبنوك، فالعميل يمكنه وضع الكارت الخاص به فى جهاز الصراف الآلى وتحويل المبلغ الذى يريده والحصول على فاتورة بدون الدخول للفرع، وهذه الخدمة تم تفعيلها قبل أيام فى السعودية مع بنك البلاد، ولكنها ليست مفعّلة حتى الآن بمصر. ولكى نستطيع تقديم هذه الخدمات المتطورة، كان يجب أن نمتلك منصة قوية، ونحن نستثمر فى هذه المنصة نحو 200 مليون دولار، أى ما يتراوح بين 3% و4% من إيرادات «ويسترن يونيون» البالغة 5.6 مليار دولار.

هل ترتبط إيرادات الشركة بمعدل النمو الاقتصادى العالمى؟

- بالتأكيد، فنمو الاقتصاد العالمى بمعدل جيد يستقطب استثمارات، مما يؤدى إلى ارتفاع إيرادات الشركة، لأننا غير معزولين عن العالم، وخلال عام 2017، حققنا نسبة نمو تبلغ 2% من الإيرادات. وتستحوذ تعاملات التجزئة «Retail» على نحو 80% من العمليات تتم عن طريق الكاش، والـ20% المتبقية تتم عبر القنوات الرقمية، وذلك قد يرجع لتعاملنا مع أسواق نامية، وعلى الرغم من أن العمليات الرقمية لا تتعدى الـ7% من أرباح الشركة، نحو 500 مليون دولار، فإنها حققت نمواً بمعدل 22% العام الماضى.

ماذا عن توقعاتكم لمستقبل العمليات الرقمية خلال السنوات المقبلة؟

- القنوات الرقمية تنتشر اليوم فى 34 بلداً فقط، ونحن نستهدف، خلال خطة 2020، أن تنتشر التعاملات الرقمية فى الـ200 دولة التى نعمل بداخلها، كما تنتشر عمليات التجزئة «الكاش»، ولكن ذلك على حسب شروط البنوك المركزية فى كل دولة، فهناك دول ليست مجهزة تكنولوجياً لتقبل مثل هذه القنوات، فيجب أن تكون البنية التحتية فى الدولة مجهزة لاستقبالها، خاصة الدول التى تعانى من الحروب والشغب السياسى.

ماذا عن مكافحة عمليات تمويل الإرهاب.. هل رصدتم أى محاولات لعمليات مشتبه بها، وكيف تتصرف «ويسترن يونيون» فى تلك المواقف؟

- نحن نعمل من خلال وكلاء يزاولون النشاط بترخيص من الجهات الرقابية فى كل دولة، كما حدثتك من قبل، فإذا وجدت أى عمليات مشتبه فيها، يقوم الوكلاء بعرضها على البنك المركزى الخاص بالدولة، ويتم أخذ الإجراءات اللازمة، ونحن من خلال «ويسترن يونيون» لدينا الإمكانية لوقف أى عملية مشتبه فيها، فإذا وجدنا عميلاً موضوعاً فى إحدى القوائم السوداء، نؤجل عمليته لحين التحقق من نظافتها، وهناك عمليات تتوقف بالفعل نظراً للاشتباه فيها، فقد تخرج حوالة من دولة لأنها لا توجد مشكله فيها لكن على سبيل المثال قد تكون هناك مشكلة متعلقة بمتلقّى الحوالة بالنسبة للدولة الأخرى، هنا يأتى دورنا.

مصر بدأت مؤخراً بتبنّى برنامج إصلاح اقتصادى، فما رؤيتك لحركة تحويل الأموال للسوق المصرية خلال الفترة المقبلة؟

- عام 2017، هو خير دليل على أن مصر تسير فى الاتجاه الصحيح، فهى بدأت تستقطب استثمارات، وهيّأت جميع الأوضاع الأمنية والسياسة والاقتصادية. ومن الناحية الاقتصادية، استقر وضع الجنيه المصرى، ونحن نتوقع كـ«ويسترن يونيون» نمو التحويلات الواردة إلى مصر بنحو 22%، وهذا يُعد ارتفاعاً كبيراً بالنسبة للأرقام أحادية النمو التى شهدتها سوق التحويلات المصرية، ويرجع ذلك لعاملين، أحدهما هو قرار تحرير سعر صرف الجنيه، والآخر هو أننا قمنا بتخفيض تكلفة عمليات التحويل للسوق المصرية.

لماذا قامت «ويسترن يونيون» بتخفيض أسعارها بالنسبة للسوق المصرية؟

- كان ذلك بهدف تشجيع المصريين بالخارج لتحويل الأموال عبر القنوات الرسمية، لأن عام 2016 كان يشهد نشاطاً ضخماً للسوق السوداء التى تم القضاء عليها بقرار تحرير سعر صرف الجنيه المصرى.

مصر عملت على تفعيل خدمات تحويل الأموال عبر الهاتف المحمول، ما رؤيتك لتطور تلك الخدمات فى مصر، فى ظل تعامل شركتكم فى الخدمات الرقمية فى الأسواق الأخرى؟

- لقد اجتمعنا مع البنك المركزى المصرى منذ نحو شهر، لتطوير الخدمات الرقمية، ووجدنا توجهاً كبيراً من الحكومة المصرية والبنك المركزى لتحقيق الشمول المالى، وكذلك البنوك المصرية التى تعمل على بناء منصة إلكترونية ونمو المحافظ الإلكترونية الخاصة بها. أما مستقبلاً، فنحن نحاول أن نشجع الخدمات الرقمية الأخرى، كخدمات التحويل عبر أجهزة الصراف الآلى، والتحويل عبر الهاتف المحمول والمحافظ الإلكترونية عالمياً وليس محلياً فقط، فالبنك المركزى يدرس الأمر، مع وضع قيود خوفاً من العمليات المشبوهة، وأعتقد أنه سوف يصدر الترخيص بتلك العمليات خلال الشهور المقبلة.


مواضيع متعلقة