سامي عبدالراضي يكتب: "على ناصية" آمال فهمي

سامي عبدالراضي يكتب: "على ناصية" آمال فهمي
- احمد فهمي
- اذان المغرب
- الاعلام المصري
- الرقم القياسي
- الشرق الاوسط
- الصحافة والاعلام
- تاريخ مصر
- تحويل مسار
- جريدة القاهرة
- صباح الخير
- آمال فهمي
- احمد فهمي
- اذان المغرب
- الاعلام المصري
- الرقم القياسي
- الشرق الاوسط
- الصحافة والاعلام
- تاريخ مصر
- تحويل مسار
- جريدة القاهرة
- صباح الخير
- آمال فهمي
اليوم الأحد 8 أبريل 2018، رحلت واحدة من أهم الإذاعيات في تاريخ مصر، غابت عن حياتنا عن عمر يناهز 92 عامًا، الإذاعية آمال فهمي -المولودة في عام 1926- صاحبة الكثير من الأرقام القياسية في عملها، رحلت وكانت رفيقة لـ"ميكرفون الإذاعة " حتى عام 2014، حين قارب عمرها الـ88 عامًا.
التقيت آمال فهمي في صيف 2000، كنت تخرجت من كلية الآداب قسم الصحافة، التقيتها بعد إلحاح مني، كان اللقاء في ماسبيرو، أجريت معها حوارًا صحفيًا لجريدة القاهرة، والتي كان يترأس تحريرها الراحل صلاح عيسى، وعقب الحوار قالت لي: "أنا باحب اللي يحاورني أحاوره"، وضحكت: "بكرة الساعة 10 صباحًا، نلتقي هنا"، وأشارت من الطابق الـ11 في ماسبيرو إلى حديقة بجوار برج الجزيرة.
وفي الموعد كنت وكانت هي بسيارة الإذاعة، وفي يدها "ميكرفون" برنامجها الشهير "على الناصية"، وقبل أن يبدأ الحوار قالت بـ"حرف الراء الشهير": "تعرف إني سجلت هنا مع عبدالحليم حافظ"، استرجعت مشهدها مع عبدالحليم وعبدالسلام النابلسي وأغنية "بحلم بيك".
وبدأ الحوار، قالت كملتها الشهيرة: "نتعرف عليك"، وهكذا استمر اللقاء قرابة 12 دقيقة، وحين وصلنا لخط النهاية قالت لي: "تحب تسمع إيه؟"، قلت: "فيه أغنية لعبدالحليم اسمها (مفيش مفيش)، قالت باستغراب: "أنا حافظة شغل عبدالحليم ومفيش أغنية بالاسم ده"، قلت لها: "غناها على العود، وبيقول فيها: (مفيش مفيش.. الحب زيه مفيش.. وعن حلاوته متقوليش مفيش.. ده الحب أحلى من حلاوته مفيش.. هو روحي.. هو حياتي، هو لولا الحب نعيش.. مفيش)"، المهم قالت: " هادور، ولو مكنش تسمع إيه؟"، قلت: "بحلم بيك".
في الحوار تحدثنا عن "الواسطة والكوسة"، وأنني كنت أتدرب في صحيفة قومية، وقالوا لي نصًا: "لو عايز تكمل معانا، لازم وزير يكلم رئيس التحرير، أو عضو مجلس شعب"، ويومها خاطبت السيدة العظيمة، صفوت الشريف وزير الإعلام وقتها للاستفادة من طاقتي كشاب، ولم يلق ما قالته أي استجابة، ولكنها في الحوار قالت لي كلمة جعلت مسار حياتي يتغير، قالت: "الصحافة والإعلام مش بالواسطة، والموهوب بيعدي وبينجح وبيكمل، اشتغل في اي مكان " والتزمت الصمت.
مر أسبوعان على الحوار، قلت لنفسي: "لماذا لا أصيغ حوارًا لآمال فهمي بنفس طريقتها التي تحاور بها ضيوفها، وأقدمه في مجلة الكاريكاتير للراحل الكبير مصطفى حسين"، وفعلت هذا، وكان الحوار مكتوبًا بطريقة: "صباح الخير.. نتعرف عليكِ؟ آمال أحمد فهمي"، "بتشتغلي إيه؟ بشتغل مذيعة من 50 سنة وقدمت كذا وكذا، وحاليا مرتبي ألف جنيه، في حين إن تلاميذ تلاميذي بياخدوا 20 ألف عشان ضاربين شعرهم أصفر وأحمر".
انتهى الحوار المكتوب بـ"بتحبي تسمعي إيه؟"، وأرسلت الحوار في خطاب بريدي لمجلة الكاريكاتير، وبعد يومين تلقيت اتصالًا من مدير تحرير المجلة الأستاذ محمد حلمي -رحمه الله، توفي في نوفمبر الماضي- وقال: "أنت سامي، قلت له: أيوة، قال: أنا فلان وحوارك وصل، والأستاذ مصطفى قال: الولد ده جوهرة، وقف طبع المجلة يومين، وخلوا حد يرسم آمال فهمي وهي واقفة وماسكة ميكرفون الإذاعة".
كانت المجلة شهرية، وكان ممنوعًا بها نشر الصور، وكان بها كبار الرسام ونُشر الحوار، وكدت أطير من الفرحة، وطرت أكثر عندما علمت بمكافأة مصطفى حسين لي: "خمسين جنيه ورقة واحدة"، وكان ذلك حدثًا بالنسبة لي، وأعطيت نسخة من المجلة للأستاذة آمال فهمي، وقالت: "مش قلت لك مفيش واسطة، شفت، يالا كمل".
استكملت مشواري، وكنت أتواصل تليفونيًا بين الحين والآخر معها، وفي نهايات الصيف الماضي، اتصلت بها، اشتكت من عدم اهتمام الإعلام بها، ووعدتها بإجراء حوار معها في جريدة "الوطن " على صفحة كاملة، وذهبت إليها زميلتي بقسم الفن إلهام زيدان، وأجرت معها حوارًا مطولًا، تحدثت فيه عن أشياء كثيرة، وحينما نُشر لم تتمكن لظروف حجزها في مستشفى المعادي العسكري أن تحصل على نسخة، وأرسلت إليها نسختين أو ثلاثة، وتحدثت إليها وشكرتني من قلبها، قلت لها: "عفوًا، أستاذة الأجيال، لا تشكريني، كنتِ يوما سببًا في تحويل مساري الصحفي والإعلامي، وشجعتيني دون قصد، قلتِ لي: لا تبحث عن واسطة واشتغل وصاحب الموهبة بيعدي، وشرحت لها ما أنا فيه وما وصلت إليه في العمل" ، ضحكت وقالت: "شفت بأة يا سيدي"، وضحكنا ووعدتها بزيارة، ولم يحدث.
وداعًا ملكة الكلام، وداعًا أول سيدة تتولي رئاسة إذاعة الشرق الأوسط عام 64، وداعًا صاحبة الرقم القياسي في الاستمرار ببرنامج واحد "على الناصية"؛ والذي قدمته على مدار 50 عامًا، وداعًا لمن أدخل فوازير رمضان للإذاعة المصرية، وكان ذلك حدثًا في العام 1955، كتبها بيرم التونسي ثم صلاح جاهين ثم بخيت بيومي ثم بهاء جاهين، واستمرت على هذا الحال سنوات طويلة، يحل صوتها مصاحبًا لموسيقى برنامجها بعد آذان المغرب في رمضان، وداعًا السيدة الصعيدية الرائعة التي شقت طريقها وفرضت اسمها بقوة وكتبت بأحرف من نور في تاريخ الإعلام المصري.