حليمة المرشدي.. قصة المرأة التي غيرت حياة العندليب وغنى بسببها "موعود"

كتب: صفية النجار

حليمة المرشدي.. قصة المرأة التي غيرت حياة العندليب وغنى بسببها "موعود"

حليمة المرشدي.. قصة المرأة التي غيرت حياة العندليب وغنى بسببها "موعود"

أثناء توجهه للإذاعة المصرية لتسجيل بعض أغانيه، التقى العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، بفتاة غيرت مجرى حياته بالكامل، وكانت هذه الفتاة هي حليمة المرشدى، طالبة بمعهد الموسيقى، الذى التقاها لأول مرة على باب الإذاعة، فقدمت له نفسها "حليمة عبد البارى المرشدى"، وكالعادة رد عليها عبد الحليم بمنتهى اللامبالاه قائلاً :"أيوه أى خدمة"، فردت حليمة دون أن تهاب :"هو أى حد يقرب منك يبقى عايز خدمة أنت معونة الشتا.. ولا سبيل السيدة".

فكانت كلمات حليمة جريئة وجارحة في نفس الوقت، لكنها أضاءت له لمبات الاستفزاز والتحدى، وذلك لان الأسماء اللامعة التى ارتبطت معه بقصص عاطفية كانت تنافقه وتشفق عليه، ولذلك لم يصدقهم حليم حتى وإن تظاهر بأنه يصدقهن، أما هذه الفتاة فقد أعطته الصدق والكبرياء.

كان حديث حليمه معه عن الشهرة والمجد الذى كاد ينسيه أصله وحب الناس له، فقالت له :"أنت تخليت عن الأرض اللى جيت منها.. بقيت فنان مصرى بالاسم فقط.. إزاى تطلع فى التليفزيون وتقول أنك بتفضل العلاج في مستشفيات لندن وتشترى هدومك جاهزة ومش ممكن تفصل في مصر.. راجع نفسك عشان احنا بنحبك وبنحترم فنك وبلاش السهر مع الأمراء هو انت محتاج يا أستاذ".

هذه الكلمات جعلت عبد الحليم يثير في وجهها قائلاً :"مرفوض التدخل في حياتى الشخصية يا مدموزيل"، فردت حليمة: "أسهر معاهم في بيتك، إنما مش في كازينو قمار"، فقال لها: "بلاش تشنيع أنت متسلطة عليا يا أنسة".. فردت: "ابن خالتى بيتشتغل في كازينو قمار الشيراتون، وشافك 3 مرات قاعد منتظر الأمرا يلعبوا ما تقدرش تنكر هه".

واستطرت حليمة "محديش ممكن يواجهك اللى حواليك حيجاملوك وانت ضعيف أمام المجاملة.. انت نص وزنك مجاملات ونفاق.. أوع تفتكر أنى من أنصار فريد الأطرش وجاية أهاجمك.. أنا مش محتاجة أى خدمة منك أنا طالبة فى المعهد العالى للموسيقى وصوتى لا يصلح للغناء ومعنديش أحلام شهرة.. أنا بحب المزيكا وعايزة اشتغل مدرسة موسيقى حتى لو كانت فى سوهاج عايزة أربى ذوق الأطفال من غير دوشة".

سمع عبد الحليم هذه العبارات فشعر أنه أمام شخصية جديرة بالاحترام، فستوقفته حليمة وتابعت توجيه لومها له: "أنت فنان ملك الناس ومن حقى أكلمك" فقال عبد الحليم "حقك تنتقدى فنى بس حياتى الشخصية لا" فقالت: "فنك وحياتك مش مفصولين عن بعض.. حياتك الشخصية لما تبقى حدوتة في بق الناس ما تبقاش ظريفة" ليرد عليها قائلاً :"كلام ناشف حجارة طوب مش معقول ده يصدر من بنت حساسة بتدرس مزيكا".

ويبدو أن عبد الحليم أعجب بها وبأسلوبها في الحديث، فطلب بأدب شديد عنوان بيت حليمة التى جعلته يتصبب عرقاً، وربما كان يواجه هذا النموذج لأول مرة في حياته وهو في أوجه شهرته، وقد جلس على عرش من القلوب اللوهانة به، وقد حصل على عنوانه ابالفعل، فذهب إليها فى تاكسى مخالفاً أوامر طبيبة الخاص وصعد سلم منزلها فى هدوء فدق على الباب ليفنح له الباب والد حليمة وجلس فى الصالون كتلميذ معاقب فى حجرة الناظر ينتظر حضور ولى أمره، وفقاً لما ذكره الكتاب الصحفى مفيد فوزى فى كتابه صديقى الموعود بالعذاب.

أخدت الأيام تمر وعبد الحليم في حالة لا مثيل لها من الوجد، ولا أحد يدرى ما يخفى بداخله وكان دائماً يردد فى نفسه "حليمة وتر صدق مشدود" وكانت عندما تغيب عن عيونه ولا يسمع صوتها كان يشعر أنه مذبوح بسيف الشوق وأن سمائه ملبده وسحبها داكنة.

وذات يوم تشجع عبد الحليم وسألها "خالية يا حليمة؟" فألقت فى وجهه قنبلة لم تتوقع الأثر الذى سوف تحدثه له فيما بعد لتجب على سؤالة :"مرتبطة بابن عمتى.. مهندس ديكور.. وهو من أنصارك وعاجباه أغانيك.. أصلى ابن عمتى ده ولد فنان وبيفهم بالإشارة.. عارف يا حليم تفضل الست ماشية فى جنينة لغاية ما تقف قدام وردة معينة أو شجرة معينة وتبقى عايزة تعيش تحت ضلها.. ابن عمتى ده شجرتى ووردتى ودنياى".

وبعد هذه التجربة المريرة التى أدمت عبد الحليم وهزت عرشه وهو فى أوجه شهرته غنى أغنية "موعود" وأغلق على روحه متاريس العزلة وعاد منكسراً مهزوماً وكأنه يعرف أن نموذج حليمة لن يزحزحة 100 حليم، وظل حليمة هى وزوجها أصدقاء أوفياء لعبد الحليم.


مواضيع متعلقة