«حيازة الأسلحة» تشعل احتجاجات الأمريكيين بعد تكرار حوادث المدارس والجامعات

كتب: نادية الدكرورى

«حيازة الأسلحة» تشعل احتجاجات الأمريكيين بعد تكرار حوادث المدارس والجامعات

«حيازة الأسلحة» تشعل احتجاجات الأمريكيين بعد تكرار حوادث المدارس والجامعات

احتشد عشرات الآلاف فى أنحاء الولايات المتحدة للمشاركة فى مسيرة بعنوان «من أجل حياتنا» دعت لها حملة «كل مدينة.. من أجل استخدام آمن للسلاح»، للمطالبة بتشديد القوانين الأمريكية لحيازة الأسلحة، وهو ما يضع «الكونجرس» الأمريكى المقبل على انتخابات التجديد النصفى خلال أيام، أمام مأزق تشريعى يعرقل منذ وقت طويل تشديد القيود المفروضة على بيع الأسلحة فى بلد صارت فيه حوادث إطلاق النار العشوائى شائعة ومتكررة الحدوث فى المدارس والجامعات.

قاد مسيرة «واشنطن» ناجون من حادث إطلاق نار عشوائى وقع منتصف الشهر الماضى فى إحدى مدارس فلوريدا، والذى أشعل الغضب العام بشأن هذا النوع من الحوادث.

وتأتى المسيرة ضمن أكثر من 800 حدث من المقرر تنظيمها على مستوى البلاد، وفقاً لبيان الحملة المنشور على موقعها الإلكترونى، لافتة إلى أن هناك أكثر من 4 ملايين أعلنوا انضمامهم وتأييدهم لإنهاء العنف المسلح، وبناء مجتمع أمريكى آمن، كما أعلن عدد من مشاهير المجتمع الأمريكى دعم الحملة مالياً، أبرزهم الممثل جورج كلونى وزوجته أمل محامية حقوق الإنسان، بالتبرع بمبلغ 500 ألف دولار، والمذيعة أوبرا وينفرى والمخرج ستيفن سبيلبرج وآخرون بنحو مليونى دولار للحملة.

وأعلنت مجلة «تايم» الأمريكية أن غلاف عددها الصادر فى 2 أبريل المقبل يعرض خمسة من طلبة مدرسة مارجورى ستونمان دوجلاس الثانوية الذين ينظمون المسيرات.

وتشير الإحصاءات الفيدرالية إلى أن عمليات إطلاق النار الجماعى فى أمريكا تسببت فى 3% من الوفيات العام الماضى، وأن حوادث إطلاق نار جماعى تأتى بمعدل مرة واحدة على الأقل كل شهرين، فالأرقام الرسمية تقدر أن نحو 346 شخصاً لقوا مصرعهم فى جرائم إطلاق نار منذ مطلع العام الماضى، مقارنة مع 432 شخصاً عام 2016، أى أكثر من شخص واحد عن كل يوم من أيام السنة، وكل عام يلقى ما يقرب من 1300 طفل حتفهم من إطلاق النار عليهم، وفقاً للبيانات المنشورة فى يونيو الماضى فى المجلة الطبية الأمريكية «طب الأطفال».

ووقع أكبر إطلاق نار جماعى بالتاريخ الأمريكى فى ديسمبر 2012، وهو اليوم الذى شهد الحادث المأساوى بمدرسة ساندى هوك الابتدائية ببلدة «نيوتاون» وكان الجانى «آدم بيتر لانزا» قد قتل 26 شخصاً فى مدرسة ساندى ثم قتل نفسه، وعثر على والدته مقتولة فى منزلها.

{long_qoute_1}

«حظر بيع الأسلحة التى استخدمت فى مذبحة فلوريدا».. هذا ما تطالب به الحملة مع تشديد فحص بيانات مشترى الأسلحة، إلا أن المدافعين عن حيازة السلاح يستندون إلى ضمانات دستورية لتبرير الحق فى حمل السلاح. وبحسب نتائج استطلاع رأى لمركز «بيو» للأبحاث بـ«واشنطن» فى أبريل الماضى، فإن 47% من الأمريكيين يؤيدون حماية حقوق ملكية السلاح فى مقابل 51% مع السيطرة القانونية على حرية امتلاك الأسلحة، أى إن نسبة تقترب من نصف الأمريكيين لا يقبلون بفرض قيود على ملكية السلاح.

فى أبريل الماضى، أعلن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، أمام الجمعية الوطنية للبنادق والأسلحة الفردية، أنه «لا يعارض حرية امتلاك السلاح»، وأن حكومته لن تقوض حقوق الأمريكيين وحرياتهم فيما يخص استخدام السلاح. ووقع «ترامب» منذ أيام ميزانية إنفاق تقدر بنحو 1.3 تريليون دولار تشمل تعديلات طفيفة على فحوصات البيانات فى مبيعات السلاح وتكفل مساعدة المدارس فى التصدى للعنف المسلح.

بالتزامن مع الإعلان الأخير لمجلس النواب الأمريكى بزيادة نسبة الإنفاق العسكرى لتصل إلى 80 مليار دولار، وهى الأعلى خلال الـ15 عاماً الماضية، توقع عدد من الخبراء استجابة «الكونجرس» للضغوط الاجتماعية لفرض ضغوط على حيازة الأسلحة الصغيرة، كما ذكر السفير حسين هريدى مساعد وزير الخارجية الأسبق، لافتاً إلى أن الدستور الأمريكى يقدس حق الدفاع الشرعى عن النفس باستخدام السلاح، إلا أنه عقب المسيرات والاحتجاجات الغاضبة من الشعب الأمريكى، يتوقع أن يعقد «الكونجرس» جلسات استماع يمكن من خلالها تحقيق التوازن بين ممارسة المواطن الأمريكى لحقوقه، وتقنين عملية شراء السلاح.

وتوقع «هريدى»، فى تصريحات لـ«الوطن»، أن يلجأ «الكونجرس» لتعديلات تشريعية تقتضى فرض مزيد من القيود على امتلاك صغار السن (18-25 عاماً) للأسلحة، فى ظل اتخاذ خطوة أولى بهذا الصدد من خلال حظر فُرض حديثاً على الخزينة الإضافية للأسلحة التى يمكنها تحويل البنادق لرشاشات، وتأمين المدارس والجامعات سيطرح بقوة على الإدارة الأمريكية من خلال زيادة عدد أفراد الأمن بالمؤسسات التعليمية الأمريكية، أو تنفيذ مقترحات مثل استخدام حقائب ظهر شفافة للتلاميذ تسمح برؤية ما بداخلها.

«سهولة الوصول للأسلحة السبب الرئيسى فى انتشار العنف داخل المجتمع الأمريكى»، بحسب ما ذكره اللواء علاء عز الدين، المدير السابق لمركز الدراسات الاستراتيجية، متوقعاً أن تُفرض قيود وليس حظراً على هذا النوع من الأسلحة فى ظل تصاعد الاحتجاجات المجتمعية، لافتاً إلى أن «الكونجرس» الأمريكى يحرص على الظهور بمظهر المحافظ على الأمن الداخلى، وهو ما يجعل التفكير فى وضع قيود على إصدار تراخيص الأسلحة الصغيرة للمدنيين على رأس مناقشاته المقبلة.

فى تقرير لها العام الماضى، أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إلى أن المحرك الرئيسى لمبيعات الأسلحة بأمريكا يتمثل فى الحيازة الشخصية للأسلحة، التى تمثل قرابة ربع مليار قطعة سلاح مملوكة من قبل المدنيين فى أمريكا (320 مليون نسمة)، وفقاً لمسح عالمى لحيازة الأسلحة الصغيرة أعلنه تقرير أكتوبر الماضى للصحيفة البريطانية «ديلى تليجراف»، أى إن هناك 90 قطعة سلاح لكل 100 مواطن أمريكى. وتوضح بيانات مكتب التحقيقات الفيدرالى أن هناك 270 مليون عملية إصدار تراخيص لحمل الأسلحة النارية منذ نوفمبر 1998، وأن العدد يتزايد مع مرور الوقت.


مواضيع متعلقة