فوزى صدقى: بنواجه الإرهاب بزراعة الصحرا وفضلت قاعد شهرين من غير شغل قبل ما آجى هنا
فوزى صدقى
قبل مغيب الشمس على موقع مزرعة «وادى ميعر» بمدينة الطور، التى تبعد كيلومترات من مزرعة «شباب الوادى»، كان الهواء يحرك خيام الصوب الزراعية التى تقف وحيدة فى الصحراء التى تحولت إلى مساحات خضراء واسعة، تهدأ أصوات عربات النقل والأوناش قليلاً التى من دورها نقل الصخور والرمال من الصحراء لتأهيل زراعتها، ويبدأ فوزى صدقى، 32 عاماً، الذى جاء من المنيا ليعمل فى المزرعة قبل عامين، الاستعداد للرجوع إلى غرفة العمال الصغيرة داخل المزرعة، لديه 3 أولاد وزوجة، يقول: «فضلت قاعد شهرين من غير شغل قبل ما آجى سينا، طلعت كذا شغل فى الفترة دى، لكن كانت حاجات بسيطة وتخلص بسرعة لأنى على باب الله ومفيش شغل دايم، لحد ما جيت هنا واشتغلت والحمد لله ربنا رزقنى من وسع وبقى عندى شغل ثابت بدل الشغل المرتبط بوقت ويخلص، ومن يوم ما جيت للمزرعة بعد رمى الطمى على الرمال وتنظيف الصحرا من الصخور وأنا مكمل لحد النهارده، والحمد لله فرحان بأنى بعمل حاجة حلوة تفيدنا كلنا».
المنظر اللى وصلنا له بقى حاجة تفرح وتشرح القلب
الشاب الثلاثينى واحد من بين عمال كثيرين تولوا أعمال زراعة صحراء مزرعة «وادى ميعر» بالطور: «بصراحة الشغل فوق المستوى المطلوب، عالى جداً ولا كأننا فى بلاد بره، أنا دورى فى الشغل إنى بشيل الصخر المكسر من الأرض باللودر عشان نؤهلها للزراعة، وبزرع أحياناً، تقريباً احنا كلنا واحد هنا وبنشتغل كل حاجة وبنكمل بعض»، حالة من السعادة تنتاب «صدقى» كلما جمع ثمار المزرعة التى زرعها فى قلب صحراء جنوب سيناء: «والله كلنا فرحنا بالمنظر اللى وصلنا له دلوقتى، حاجة تفرح وتشرح القلب، خاصة إن الجيش هو اللى بيشرف على المشروع بالتعاون مع جهاز تعمير سيناء، وإننا بقينا جزء منهم لتحويل الصحرا لمزارع منتجة بتطلع فاكهة وخضر وسمك كمان، وده أكبر رد على أهل الشر اللى عينيهم على سينا وبيخربوا فيها بإرهابهم».
لم يخش «صدقى» وزملاؤه بالمزرعة من العمليات الإرهابية التى يسمعون عنها فى سيناء، بل تزيدهم إصراراً وعزيمة، بحسب وصفه: «الإرهاب قاصد يدمر سينا عشان العين عليها، ويحسسنا إن البلد مبقاش فيها أمان، احنا عايشين وسط الصحرا وبنقضى مصالحنا بره المزرعة عادى وبنرجع وعايشين بسلام رغم إن مفيش حوالينا مساكن ولا أى حاجة، لكن أكيد طول ما احنا عايشين جوه الصحرا وبنزرعها وننميها، وده أكبر مواجهة للإرهاب بدل الدمار اللى بيعملوه فى سينا، وأنا وكل اللى معايا مستعدين لأى حاجة ممكن تحصل، لأنهم فى النهاية هما ناس جبانة، ومش خايفين منهم».
«صدقى»، الحاصل على بكالوريوس تجارة، تمر عليه الساعات داخل المزرعة بين تمهيد الصحراء وزراعتها ورعاية الأغنام والأسماك دون الشعور بالملل، حسب قوله: «رغم إنى متعلم وخريج كلية تجارة لكن كنت متبهدل سنين كتير ومش لاقى شغل، والحمد لله لما ربنا رزقنى بالشغل هنا بقى كل حياتى ومبقتش أحس بالوقت وأنا بشتغل، ومش زعلان إنى بشتغل مزارع وبعيد عن أهلى وأنا متعلم، لأن الشغل فى سينا ده فخر لأى حد ولو هشتغل فيها زبال»، متمنياً أن يقضى باقى حياته بالعمل داخل المزرعة فى سيناء: «نفسى طول عمرى أشتغل هنا، ويبقى فيه فرصة للشباب للشغل هنا عشان ميبقوش بيشتغلوا أى حاجة أو ميستسهلوش إنهم يشتغلوا أى شغل، ويحسوا بقيمة اللى بيعملوه».