الموصل بعد "داعش".. الموسيقى أقوى من الرصاص.. والرسم يطمس آثار الحرب

الموصل بعد "داعش".. الموسيقى أقوى من الرصاص.. والرسم يطمس آثار الحرب
- الموصل
- العراق
- داعش
- مواهب
- دمار
- حرب
- تزين
- جيرافتي
- عزف
- موسيقى
- إرهاب
- خالد وليد
- منير مراد
- فريد بارام
- رسم
- الموصل
- العراق
- داعش
- مواهب
- دمار
- حرب
- تزين
- جيرافتي
- عزف
- موسيقى
- إرهاب
- خالد وليد
- منير مراد
- فريد بارام
- رسم
استيقظ من نومه في صباح يوم مشمس وعلى غير العادة لم تكن هناك أصوات الصواريخ وطلقات الرصاص والتفجيرات، لكن بدلًا منها كان العزف والضحكات، فتح نافذته متشوقا للنظر على مدينته التي باتت حرة.
تذكر سنين الرعب التي مرت بها خلال احتلال تنظيم "داعش" لها، ومشاهد تحريرها التي كانت بمثابة ولادتها للحياة من جديد، فأدرك أن الوقت حان للعمل وقرر استخراج مواهبة المكبوتة والمشاركة في حملات شباب بلده لإعادة الروح لها.
دمر الإرهاب الحياة الثقافية في الموصل فحارب المواهب وطمس الإبداع وقضى على الفن، وبعد تحريرها أخذ أهالي المدينة في العمل على تنظيفها من أثار المعارك والقذف الجوي وبدأت إبداعات مواهبها في بث الحياة والأمل فيها، فمنهم من استخدم الرسم لتزين جدرانها وأخر وجد في العزف والموسيقى بديلا جيدًا لصوت التفجيرات وطلقات الرصاص، ورصدت "الوطن" بعض تلك الحالات…
فضل "منير ماجد" أن يتوسط الدمار والخراب الذي خلفته الحرب ليزين ما تبقى من جدران المباني وسط شوارع المدينة المدمرة برسومات "الجيرافتي"، التي تشكل ألوانها الذاهية كل معاني الفرح بعودة الشمس إليها من جديد بعد سنين الظلام: "نعيد رسم ملامح مدينتنا التي دمرها الإرهاب".
وحصدت آلة القتل لدى تنظيم "داعش" التي كان "منير" شاهدًا عليها خلال فترة "الاحتلال" الآلاف من أرواح الأطفال والنساء والشباب، إضافة إلى "زرع الخوف" في النفوس، وفق ما يروي صاحب الـ17 ربيعًا أثناء حديثة لـ"الوطن": "الناس كانوا يعيشون في حالة رعب، يخافون من السجن والقصف الجوي المفاجئ".
ووسط كل ذلك لم يكن للرسم والتلوين مكانًا وفقًا لقوانين "داعش"، فكان منير يمارس هوايته المفضله سرًا في غرفته ويخبيء رسوماته أو يتخلص منها بشكل "أمن": "كانوا يهددون المخالفين لقوانينهم بالقتل أو الذبح أو الجلد في الشارع أمام الناس".
"منير ماجد"
الأوقات العصيبة التي عاشها منير أثناء تحرير المدينة تمده بالكثير من الحماس الشديد للحفاظ عليها وتجميلها: "سمعنا أصوات ما لم تسمعه أذننا من قبل ورأينا ما لم تره أعيننا من قبل كانت مرعبة جدا، لم أكن أتخيل أن الحياة ستعود في الموصل من جديد".
ورغم صغر سنه أدرك منير أن مدينته دخلت مرحلة جديدة، وعليها أن تطوي صفحة الماضي بكل ما يحمله من جرائم ورعب، أدرك أيضًا أن هذا لن يتحقق إلا بإعادة تشكيل شوارع المدينة مرة أخرى، ثقوب الرصاص تملأ الجدران والمنازل مهدمة، فيمسك ريشته ليرسم قلوبًا ولوحات أخرى تمحو، من وجهة نظره، ما تبقى من آثار لجرائم تنظيم "داعش".. "مشاهد الرعب لا تنسى فهي محفورة في القلوب لكن شوارعنا لابد أن تعود لبهجتها".
الموسيقى تمحو آثار الحرب النفسية
أخرج خالد وليد آلته الموسيقية والتي ادخر ثمنها الباهظ من عمله في الحلاقة من المكان الذي يخبئها فيه وخرج مسرعًا لمقابلة أعضاء فرقته ليروي شغفة وشوقة للهواية التي عشقها منذ طفولته: "قررنا أن ننطلق في المدينة ونفجر القوة التي كانت مخزونة داخلنا في أيام الحصار".
فيتجول هو وفرقته المكونة من أربع أفراد في كل ركن بالموصل، ثم يقفون وسط الجموع ممسكين آلاتهم الموسيقية ليعزفوا لهم أعذب الألحان وسط سكوت الناس بعد أن اتخذوا من الموسيقى وسيلة لبث الأمل فيهم: "نعزف الموسيقى في كل مكان لنمحي آثار الحرب النفسية ونضع مكانها الاطمئنان".
فكان الشاب العشريني وفرقته أيام احتلال "داعش" للمدينة يتقابلون سرًا ويتلصصون النظر من حولهم حتى لا يراهم أحد وكأنهم ذاهبون للسرقة خوفًا من بطش التنظيم الإرهابي، وتهديده المستمر بالإعدام والجلد لمن يخالف قوانينه والتي كانت تمنع الموسيقى أيضًا.
ويقول خالد أثناء حديثة لـ"الوطن": "كنا نعزف في المنزل بحذر خوفًا من أن يسمعنا أحد، ونقفل النوافذ والأبواب حتى ما يطلع الصوت خارج البيت".
وتحولت ميادين الموصل إلى ساحات لتنفيذ عقوبات تنظيم "داعش" ضد من يخالف قوانينه من المدنين فالذبح والقتل والتعذيب كانوا عرضا مخستمرا أمام الأهالي لبث الرعب والرهبة في نفوسهم، وصدم خالد حينما كان يعزف يومًا في أحد ميادين الموصل واخترق أحد الأهالي الحشد ليقف أمامه ويوجه له بعض الكلمات أوقفته عن العزف لفترة: "قال لي نفس المكان الذي تعزفون فيه الأن داعش ذبح فيه شخص من سنة.. يالها من صدفة".
وإلى جانب الرسم والموسيقى، نجح الشباب الآخرين في الموصل، في افتتاح المقاهي الثقافية مرة أخرى، إضافة إلى إقامة المهرجانات والمعارض الفنية، وظهرت الكتب لأول مرة على الأرصفة منذ سنوات وبات الاهتمام بالتشجر والترشيد الاستهلاك للطاقة وحث الناس على فعل كل ما هو جميل ما يشغل عقول العراقيين في المدينة التي باتت تتزين وتتجهز لتعود للعالم من جديد بوجهها الثقافي الجميل بفضل شبابها وأهلها اللذين أثبتوا أن "الحدباء" أرضهم ولن يتركوها.