ضوابط «إتاوة» العمرة!!

أكثر من عامين قضاهما السيد وزير السياحة السابق فى موقعه دون أن يصدر منه أى فعل أو تصريح يدل على أنه يدرك أنه يعمل وزيراً للسياحة فى مصر من الأساس.. بل إن الكثيرين لم يعرفوا اسمه إلا بعد أن رحل.. وبعد أن بدأت سيادة الوزيرة الجديدة فى إثبات وجودها بقرار يعد الأغرب فى تاريخ السياحة المصرية عامة.. والدينية خاصة!.. حتى إن الكثيرين بدأوا فى الترحم على أيام سيادة الوزير السابق الذى لم يعرفه أحد حتى رحل!! لقد بدأت سيادة الوزيرة عملها بقرار أن يدفع المعتمرون المصريون الذين سبق لهم أداء العمرة من قبل مبلغ ألفى ريال سعودى للبنك المركزى المصرى إن رغبوا فى أداء العمرة هذا العام!! على أن يرتفع المبلغ إلى ثلاثة آلاف ريال إن تكررت العمرة فى الموسم الواحد!! القرار فى رأيى أغرب من أن تتم مناقشته بعقلانية الجادين.. فبمعزل عن إقرار مبلغ لا تعريف له سوى أنه «إتاوة» تجمعها الحكومة بلا سبب محدد.. وبصرف النظر عن حكم الدين فى أن يتم منع البعض من تأدية شعيرة دينية ينتظرونها من العام للعام.. ففكرة دفع المبلغ بعملة أجنبية للبنك المركزى تحمل روحاً تفتقد مفهوم الدولة نفسها.. فكيف أقوم بدفع مبلغ بالريال السعودى داخل حدود الدولة المصرية؟!! إن سيادة الوزيرة لا تعرف أن البعض لا يسافر للمصيف.. ولم يعرف طريق الساحل الشمالى من قبل.. إنه ينتظر من العام للعام لأداء العمرة فقط.. ويدخر المال المطلوب بشق الأنفس ليسافر بضعة أيام يغتسل فيها من كل الهموم التى يعيش فيها.. لا تعرف أن هناك من يدعو ربه ليمد فى عمره فقط ليزور النبى مرة أخرى فى العام المقبل..! لقد قررت وزارة السياحة أن توفر المبلغ المطلوب لتمويل المعتمرين للمرة الأولى من جيوب من يكررون العمرة كل عام!.. دون النظر لأى اعتبارات أو أضرار يمكن أن تنال قطاع السياحة الدينية نفسه.. الذى يعمل فيه مئات الآلاف من المصريين.. وينفق على آلاف البيوت المفتوحة.. فحجم السياحة الدينية هذا العام سيتأثر كثيراً بهذا القرار.. وبالتالى فإن المبلغ الذى سيتم جمعه بالريال السعودى سيخصم من دخل تلك الأسر لا شك!! الفكرة أن التبرير أقبح من الفعل.. وحجة الوزارة فى دفوعها عن القرار بأنها توفر الريالات التى يقوم المعتمرون بصرفها من البنوك قبيل السفر يمكن الرد عليها بكل سهولة أن يوقف البنك المركزى صرف تلك الريالات للمعتمرين من الأساس.. دون أن يفرض رسوماً إضافية على أحد فى ظروف اقتصادية لا تحتمل تلك الرسوم بأى حال من الأحوال!! الطريف أيضاً أن البعض يبرر القرار بأن المملكة السعودية قد فرضت مبلغاً مماثلاً على المعتمرين هذا العام.. ولكن رسوم المملكة ربما ستستخدمها فى تحسين الخدمات للمعتمرين والحجاج -وهو ما يحدث ونراه فى كل عام- أو حتى لأى سبب آخر.. فأى دولة يحق لها وضع الضوابط التى تراها مناسبة لظروفها عند قدوم أحد لها.. أما أن يتم وضع تلك الضوابط للسفر.. فهو أمر فريد من نوعه!! ربما ينبغى علينا أن نناشد القيادة السياسية أن تعيد النظر سريعاً فى ذلك القرار العجيب.. فقرار مثل هذا كفيل بأن يؤثر بالسلب على صورة النظام ككل.. فضلاً عن عدم دستوريته الواضحة.. فمصر دولة عريقة لم ولن يحدث أبداً أن تتكسب أو تتاجر بمواطنيها الراغبين فى أداء شعيرة دينية!!

أفيقوا يرحمكم الله!!