ثروة 50 شخصاً فقط تتجاوز الناتج المحلى الإجمالى لكل دول الخليج ومصر

ثروة 50 شخصاً فقط تتجاوز الناتج المحلى الإجمالى لكل دول الخليج ومصر
- أسعار الأسهم
- أصحاب الشركات
- اتساع الفجوة
- اقتصاد السوق
- الأزمة المالية العالمية
- الأعلى دخلا
- الاستثمارات المالية
- التعاون الخليجى
- أسعار الأسهم
- أصحاب الشركات
- اتساع الفجوة
- اقتصاد السوق
- الأزمة المالية العالمية
- الأعلى دخلا
- الاستثمارات المالية
- التعاون الخليجى
تصدر مؤسسات مختلفة مثل فوربس وبلومبرج وكريدى سويس، قوائم دورية تقدر فيها حجم ثروات أغنى أغنياء العالم، وهناك تباين فى تقديرات هذه القوائم، حسب طريقة الحساب وتوقيته، لكنها فى النهاية تجمع على أن عدداً محدوداً جداً من أثرياء العالم يملكون أكثر من 80% من ثروات الكرة الأرضية، وعلى سبيل المثال فإن أغنى 30 شخصاً فى قائمة بلومبرج، وفقاً لتقديرات 15 فبراير الماضى، يملكون 1503.4 مليار دولار (أكثر من 1.5 تريليون دولار) وهو ما يعادل تقريباً إجمالى الناتج المحلى لكل دول مجلس التعاون الخليجى، الذى يبلغ 1529.1 وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولى فى أبريل 2017، وتتجاوز ثروة أغنى 50 شخصاً فى نفس القائمة (نحو 1.9 تريليون دولار) إجمالى الناتج المحلى لكل دول الخليج مضافاً إليها مصر، التى يقدر ناتجها الإجمالى بنحو 294 مليار دولار، فى المقابل فإن أكثر من 70% من سكان الأرض تتراوح مدخراتهم بين صفر و10 آلاف دولار، أى أقل من 180 ألف جنيه مصرى.
تُحلل مؤسسات دولية أخرى هذه القوائم، محذّرة من الاتساع الهائل للفجوة بين ثروات هؤلاء الأغنياء وباقى البشر على وجه الأرض.. أحدث هذه التقارير جاء من منظمة «أوكسفام» الشهر الماضى أكدت فيه أن 82% من الثروة التى تحقّقت خلال العام الماضى ذهبت إلى جيوب نسبة 1% من سكان الأرض.
ووفقاً للتقرير الصادم، فإن ثروة أغنى 42 شخصاً فى العالم تعادل كل ما يملكه 1٫5 سكان الأرض، فهؤلاء الأثرياء يملكون نحو 1.1 تريليون دولار، وهو ما يعادل إجمالى ممتلكات 3.7 مليار شخص، ولاحظ التقرير اتساع الفجوة بشكل مطرد، ففى العام الماضى كان 61 ثرياً هم من يملكون ما يعادل نصف ثروات العالم، وفى 2009 كان العدد 380 مليارديراً.
{long_qoute_1}
ومنذ 2010، ازدادت ثروة هذه «النخبة الاقتصادية» بمعدل 13% سنوياً، أى أكثر بست مرات من معدل ارتفاع أجور العمال فى الفترة نفسها، حسب «أوكسفام» التى تنشر تقريراً دورياً حول الفوارق وعدم المساواة فى توزيع الثروة على مستوى العالم، وشهدت الفترة بين مارس 2016 ومارس 2017 الارتفاع الأكبر فى التاريخ لعدد الأشخاص الذين تتجاوز ثرواتهم المليار دولار، بوتيرة «ملياردير جديد كل يومين»، وحذّرت المنظمة، فى تقريرها من أن «الاقتصاد يجب أن يعمل للجميع، وليس لصالح أقلية غنية فقط»، ودعت إلى تحديد أرباح المساهمين وأصحاب الشركات، وإلى سدّ «الفجوة فى الرواتب» بين الرجال والنساء، ومكافحة التهرّب الضريبى.
فى المقابل، دافع عدد من الاقتصاديين عن النظام الاقتصادى العالمى، المعروف باسم «الليبرالية الجديدة»، مشكّكين فى منهجية «أوكسفام» وغيرها من المنظمات التى تنتقد النظام. وقال الدكتور «سام دوميترو»، الباحث بمعهد «آدم سميث»، أحد المراكز البحثية المدافعة عن النظام القائم، إن كل يوم خلال السنوات الـ25 الماضية، تنتشل الرأسمالية 138000 شخص من الفقر المدقع.
وأضاف فى تصريحات لصحيفة «ديلى ميل» البريطانية: «تقرير أوكسفام مضلل بشكل استثنائى، إذ يجب أن نهتم برفاهية الفقراء، وليس ثروة الأغنياء». وتابع: «مع تبنّى الصين والهند وفيتنام إصلاحات الليبرالية الجديدة، مثل احترام حقوق الملكية، وخفض الضوابط على الأفراد وزيادة المنافسة، ارتفعت أجور أفقر الناس فى العالم ارتفاعاً هائلاً، مما أدى إلى توزيع أكثر عدالة للدخل، أما البلدان التى رفضت اقتصاد السوق الحرة، مثل فنزويلا، وطبّقت «الاشتراكية»، حيث يعيش أكثر من 75% من سكانها فى فقر وعجز عن شراء الاحتياجات الأساسية، مثل الغذاء والدواء، رغم وجود أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة فى العالم فى بلدهم.
لكن ما المشكلة فى أن يجتهد إنسان ويصنع ثروة، حتى إن كانت تعادل كل ما يملكه باقى العالم، ما دامت من حر عمله ولا شبهة فيها لنصب أو احتيال؟
هذا السؤال يجيب عنه أستاذ الاقتصاد السياسى بجامعة لانكستر «أندرو ساير»، الذى يؤكد أن «هذه الثروات جاءت نتيجة نظام اقتصادى غير عادل هيّأ المناخ والقوانين بحيث يضاعف هؤلاء الأثرياء من ثرواتهم على حساب الغالبية العظمى من فقراء العالم».
{long_qoute_2}
وفى كتابه «لماذا لا نستطيع تحمّل الأثرياء؟»، يقول «ساير»: «العقود الأربعة الماضية اتّسمت بانتقال الثروة ليس فقط من الفقراء إلى الأغنياء، بل من الأغنياء إلى الأغنياء جداً، وانتقلت الثروة من أولئك الذين يصنعون أموالهم من خلال إنتاج سلع أو خدمات جديدة، إلى أولئك الذين يصنعون أموالهم عن طريق التحكم فى الأصول القائمة بالفعل وحصاد الريع فى شكل إيجار أو الفوائد أو أرباح رأسمالية. بإيجاز، يشير «ساير» إلى أن أصحاب المصانع والمزارع يمكنهم أن يصنعوا ثروات صغيرة، لكنهم لا يمكن أن يصنعوا المليارات إلا عن طريق الاستثمارات المالية فى تجارة الأسهم وأدوات الدين المختلفة، وشراء المصانع الجاهزة والاستفادة منها، دون أن يقدّموا أى إضافة حقيقية للبشرية.
ويشرح «ساير» أن الاقتصاد هدفه توفير احتياجات الناس، وهذا يعنى إنتاج الغذاء والكساء وغيرهما من السلع والخدمات مثل الرعاية الصحية وتعليم الآخرين، ومن هذا المنظور، هناك فرق بين فائدة السلع أو الخدمات، (قيمة الاستخدام)، وسعر السوق، (قيمة التبادل)، وهناك فرق بين أداء العمل الذى يُحسّن حقاً حياة الناس، والدخل غير المنتج الناجم عن احتكار مورد نادر، وبالتالى فإن الدخل الذى يأتى من العمل الذى ينتج قيمة حقيقية فهو مستحَق أو مكتسَب، والدخل الذى يأتى دون عمل أو عن طريق عمل لا ينتج قيمة حقيقية غير مستحق أو غير مكتسب.
ويحاول «ساير» فى كتابه أن يُثبت أن كبار الأغنياء فى العالم اليوم كوّنوا معظم ثرواتهم من دخل غير مستحق، ويحدث هذا بعدد من الطرق المختلفة، أولاً يستمد الأغنياء جزءاً كبيراً من ثرواتهم من قدرتهم على احتكار الموارد الشحيحة، وأهم هذه الموارد هى الأراضى والعقارات، فكثير من الأغنياء صنعوا ثرواتهم من استثمارات ضخمة فى سوق العقارات، فالثروة المستمدة من هذه المصادر غير مثمرة، لأنها لا تخلق قيمة حقيقية، فهى مجرد إعادة ترتيب لحقوق الملكية تسمح لهم بالاستفادة من ملكيتهم للأصول الشحيحة، مثل أرض أو عقار، وصناديق التحوّط أو بنوك الاستثمار، التى عادة ما يُفضّل الأثرياء استثمار أموالهم من خلالها، تركز على المضاربات فى أسواق السلع، مثل البترول والذهب والقمح، حيث يستفيدون من فروق الأسعار من وقت إلى آخر، ومن مكان إلى مكان، أو تعطيش الأسواق لسلعة معينة، أو الاستثمار فى منتجات مالية، ومنها المشتقات المعقّدة التى كانت أحد أسباب الأزمة المالية العالمية فى 2007، وكلها وسائل لا تعود بنفع حقيقى يتمثّل فى إنتاج سلعة أو خدمة تُشبع حاجات الناس.
{long_qoute_3}
يناقش «ساير» مصدراً ثانياً للدخل غير المكتسب للأغنياء، وهو «الربا»، إذ يرى أن الفوائد المركّبة أحد أسباب تكدّس الثروة فى جيوب نسبة الـ1% الأعلى دخلاً فى العالم، التى هى المستفيد الأكبر من الفوائد العالية، لأن مدخراتهم أكثر من ديونهم، وإقراض المال مقابل الفائدة شكل آخر من أشكال الدخل غير المستحَق، لأن الأغنياء يستفيدون ببساطة من علاقة القوة غير المتكافئة مع الفئات الأقل دخلاً.
ويضيف ثالثاً أن دخل الأغنياء غير مكتسَب حتى لو استثمروا أموالهم فى شركات تخلق سلعاً أو خدمات مفيدة، لأن دور الشخص الثرى عادة يكاد يقتصر على شراء أسهم فى شركة ناجحة بهدف الاستفادة من عائد السهم حيناً، وانتظاراً لبيعه والاستفادة من فارق السعر بين الشراء والبيع أحياناً، وبالتالى لا يقوم بدور إيجابى فى إدارة الشركات التى يمتلكونها، فهم مشغولون عادة بتوقّع تحرّكات أسعار الأسهم، ونتيجة لذلك، فإن معظم الدخل الذى يحصل عليه المساهمون هو ببساطة نتيجة علاقات الملكية التى تسمح لهم بانتزاع الدخل المكتسب من العمال.