خفايا بريد قراء مصطفى أمين.."حشيش وخصلة شعر وحجاب" وجيش يجول المحافظات

خفايا بريد قراء مصطفى أمين.."حشيش وخصلة شعر وحجاب" وجيش يجول المحافظات
- أخبار اليوم
- أم كلثوم
- العام الدراسى
- خصلة شعر
- طلب وظيفة
- طلبة الجامعات
- آلام
- مصطفى أمين
- مصطفى امين
- أخبار اليوم
- أم كلثوم
- العام الدراسى
- خصلة شعر
- طلب وظيفة
- طلبة الجامعات
- آلام
- مصطفى أمين
- مصطفى امين
نصير المرأة والفقراء، الكاتب الصحفي مصطفى أمين، صاحب أكبر بريد في مصر، الذى اعتبره القراء صديقا شخصيا لهم يخصونه بمشاكلهم اليومية والعاطفية، ويكتبون تعليقاتهم على كل ما يدور حولهم بصراحة وحرية تامة، فينتقدوا ويثرورا ويعترضوا ويمزحوا، حتى تحولت تلك الخطابات إلى عالم كامل ملئ بكل تفاصيله وأحداثه الحقيقة النابضة بالحياة، لذا كان للخطابات تاريخ حافل في حياة الكاتب الصحفي مصطفى أمين، الذي يوافق اليوم ذكرى ميلاده الـ104.
كانت الخطابات تحمل لمصطفى أمين، الجديد كل يوم في زمن كان من الصعب أن تجد فيه مواطن لا يبعث له برسالة، إما تعليقاً على ما يجرى من أحداث أو إبداء رأي في كتابته أو طلب وظيفة أو بث شكوى أو استفادة من أبواب الخير التي ابتكرها، فكانت خطابات من لحم ودم يستهلها أصحابها بكلمة يا رب ثم يشرعوا في كتابة أحلامهم، حتى استحق مصطفى أمين أن يطلق علبه صاحب أكبر بريد في مصر.
كثرت الجوابات التي كانت تأتي إليه عن طريق البريد حتى جعلت كل رجال البريد يعرفونه كما خصص له المكتب الرئيسي للبريد في العتبة حافظة بريدية وسيارة، وكانت أكثر الخطابات تأتي له في "ليلة القدر" لمساعدة الفقراء وفي "أسبوع الشفاء" لعلاج المرضى بالمجان في شهر فبراير ومساعدة المستشفيات التي كان يرصد لها مبلغ 5 ملايين جنيه سنويا، ومساعدة طلبة الجامعات التي تستمر طوال العام الدراسي حيث كان يقدم 50 جنيها لكل طالب إلى جانب بدلة وفستان الدراسة، فضلاً عن خطابات التهنئة في الأعياد والمناسبات وأكثرها كانت تصل إليه في عيد الأم الذي كان صاحب الفضل في الاحتفال به، والتي جعلته الرجل الوحيد الذي يتلقى تهنئة في هذا العيد، إلى جانب الخطابات التي يتسلمها باليد من المواطنين الذين قصدوه في دار أخبار اليوم في شبه مظاهرة في يد كل واحد منهم مجموعة من الجوابات الخاصة به وبجيرانه.
كان أسلوبه راقي وحميم في الرد فهو لا يكتفي بكلمات مقتضبة بل يوجه النصيحة ويحاول إقناع الآخر بوجه نظره ويعززها بتجار شخصية، فعندما كتب إليه صديق يطلب رأيه في الترشح للانتخابات رد عليه قائلا: "لقد كنت عضوا في مجلس الشعب وشعرت أن الكاتب الصحفي أقوى ألف مرة من النائب ففكرت في الاستقالة عدة مرات"، ورد أيضاً على شاب فقير موهوب يشكوا صعوبة الوصول إلى الشهرة قائلاً: "غير صحيح أن الفن يولد في القصور أو في القبور الفن يولد حيث وجد الفنان والصراع مع الحياة تصنع الفنان كما تنقى النار الذهب مما فيه من تراب وطين".
عام 1945 تلقت صحيفة أخبار اليوم من بريد ليلة القدر 360 ألف رسالة عكفت محررات أخبار اليوم على قرائتها وفلتراتها، وحقق منها حلم اثنين بسماع أم كلثوم وسدد القسط الأول لموتوسيكل وديون مدرس بلغت 78 جنيه، وتذكرة حج لمواطن وجهاز عروسة وبقرة، وفي العام التالي تلقى 40 ألف جنيه من بريد ليلة القدر فأخذ يعمل على تحقيق أماني المواطنين بتجنيد جيش من المحررين يجوبوا مصر من أقصاها إلى أدناها يجتازوا الصعاب للوصول إلى قرى ونجوع لا سبيل للوصول إليها إلا على ظهر حمار.
كان من بين الرسائل التي تلقها مصطفى أمين رسالة من والدته عام 1946 وهي على فراش المرض كتبت فيها له ولأخيه على: "يكفى أن تعلما أن جميع محاولات الأطباء لا تستطيع تخفيف آلامي، كما يخففها أن أمسك بيدي جريدتكم وأحس وأنا أقرأها بتنفسكما وأحلامكم وتنهداتكم وضحكاتهم".
ولم يخلوو بريد مصطفى أمين من رسالة ظريفة وأشياء غريبة كالرسالة المجهولة التي اشتكى صاحبها من نقيق الضفادع في الحديقة المجاورة لمنزله، وخصلة شعر كتذكار أو قطعة خبز داخلها مسمار أو حجاب أو حشرة لمنع الحسد وقطعة حشيش من مسطول، بالإضافة إلى الرسائل العاطفية التي شكلت رصيد لا يستهان به بصفته نصير المرأة، والغريب أن الرسائل ظلت تتوافد على منزله حتى بعد وفاته.