جاره فى منفى «زينب الوكيل»: محمد نجيب رئيس جمهورية «المرج»
جاره فى منفى «زينب الوكيل»: محمد نجيب رئيس جمهورية «المرج»
بجلبابه البسيط يجلس مقرفصاً على الأرض، عيناه تتحركان يميناً ويساراً، يُخرج علبة سجائره ويلتقط «عمود دخان»، يُشعلها وينفث دخانها بعيداً عن أعين الناظرين، ويتذكر تلك السنوات التى تحوّل فيها من موظف بسيط يعيش فى عزبة «زينب الوكيل» بالمرج إلى جار لـ«محمد نجيب»، فمنذ أن تعرف عليه فى منفاه أصبح واسطته فى الحياة.
كان الضباب يملأ المساحة الشاسعة لتلك الأرض الزراعية المُحيطة بقصر «زينب الوكيل» بمنطقة المرج، السماء مُلبّدة بالغيوم، وبينما الحاج «أحمد عبدالله حجر» يجمع المحصول، انقشع الضباب وظهر صفاء السماء، فى الوقت الذى لمح فيه سيارة «شيفروليه» قادمة من بعيد مُحاطة بسيارات «لورى» بدا أنها تابعة للجيش، وقفت أمام القصر، ترجل منها رجل فى منتصف الثلاثينات يقتاده مجموعة من الضباط، أدخلوه القصر ثم فرضوا حراسة على الممشى المؤدى إليه.. المشهد يتذكره الرجل الخمسينى جيداً. وقتها ثارت بلبلة بين أهالى العزبة الذين كان عددهم قليلاً: «مين الراجل ده، هوّ مين؟».. ليأتيهم الرد فى اليوم التالى عندما استوقفه أحد الضباط خلال ذهابه إلى أرضه: «انت رايح فين يا عم؟! ممنوع». دارت بينهما محادثة قصيرة، وانتهت بمعرفة «حجر» بأن جاره الجديد هو «محمد نجيب».
الرئيس الأول الذى كان له دور فى توحيد صفوف المصريين بعد إسقاط الملك فاروق، أصبح همزة الوصل بين أهالى العزبة والعالم الخارجى، فذلك المكان كان خالياً من المدارس والمستشفيات وأى خدمات إنسانية، ولكن منذ أن وطئت قدم الرئيس المنسى منفاه؛ ذهب الخوف بعيداً عن قلوب أهاليها: «بعد ما فكُّوا عنه الحراسة كانوا مخصصين له حوالى 7 عساكر للخدمات». التليفون الوحيد الذى كان يرن فى المنطقة هو الموجود داخل القصر.. «مرة واحد من الأهالى أصيب بالزايدة، رحنا للريس، ساعدنا وطلب لنا الإسعاف اللى جت فى ثوانى. كان راجل طيب، والناس بتحبه، وبالنسبة له «الواسطة» لا تجوز إلا فى المرض».
ذات مرة، وبينما يجلس الجار الفقير إلى جوار الرئيس، سأله عن كواليس الثورة، فرد «نجيب»: «لما قامت الثورة قلت للظباط الأحرار يدخلوا السينما ويفتعلوا خناقة ويحرروا محضر، عشان لو فشلت الثورة يبقوا فى الأمان».. ويروى عم «أحمد حجر» أسرار الأحاديث داخل المنفى: «السادات أول ما مسك الحكم كان بيتصل بيه على طول.. وكنت حاسس إن الرئيس المؤمن بيستشير نجيب فى بعض القرارات العسكرية اللى كانت قبل حرب 73».. ويؤكد الرجل المُسن أن «نجيب» حذر «السادات» من خيانة حسنى مبارك له.. «الخيانة» تلك اللفظة التى أودت بحياة أول رئيس مصرى خلف أسوار قصر فى منطقة غير مأهولة بالسكان: «زملاؤه فى الجيش غدروا به واعتقلوه فاحتمى بالقطط والكلاب لأنها وفيّة».
اندلاع حرب 67 والنكسة فرضا الحزن على «نجيب»، يومها سقطت دموعه وعلا صوته بالبكاء، ويُضيف جاره: «وقتها قرر التبرع بنصف راتبه الزهيد فى المجهود الحربى».
أخبار متعلقة:
الرجل الذي قاد الثورة واحتضن «الثوار» فظلمته الثورة وانقلب عليه «الثوار»
مديرة منزل محمد نجيب: «عيّط زى الأطفال لما ابنه اتقتل والكلب مات»
"عبد المعتمد": وقت ما كُنا بندفن "نجيب".. المخابرات طردت أهله في الشارع
مكرم سلامة: «عبدالناصر» ضرب «نجيب» و«الإخوان» بحجر واحد
«عبد العظيم» الـ«كتكوت» الذى تربى فى «حجر الرئيس»
«محمد» خال أحفاد نجيب: شاهد عبد الناصر فى التليفزيون اتنرفز وكسره