صيد الصقور وطيور الصحراء.. هواية بالوراثة وتجارة بملايين الجنيهات

كتب: محمد بخات

صيد الصقور وطيور الصحراء.. هواية بالوراثة وتجارة بملايين الجنيهات

صيد الصقور وطيور الصحراء.. هواية بالوراثة وتجارة بملايين الجنيهات

لم تُعد ممارسة صيد الصقور و«الحبارى» و«الكروان» مجرد هواية، بل أصبحت عالماً من «البيزنس» يدر على أصحابه أرباحاً بملايين الجنيهات، ويتسابق فيه كثير من الصيادين والسماسرة، من أجل تحقيق مكاسب طائلة، خاصةً أن بضاعتهم عادةً ما تجد «زبوناً» يمكنه أن يدفع فيها ما يطلبه صيادو الصقور من مبالغ مالية ضخمة، فأغلب الزبائن أمراء وأثرياء دول الخليج، يتنافسون على شراء «الصيد الثمين»، لدرجة أن أحد الصقور تم بيعه مؤخراً بمبلغ 3 ملايين جنيه.

«أسامه باسط المعبدى»، من أهالى مطروح، قال لـ«الوطن» إن «اقتناء الصقور والشواهين هواية بالوراثة، فجدى كان يمتلك عدة صقور، ويهوى الصيد بها فى الصحراء، وكذلك والدى، كان يتاجر فيها، يبيع ويشترى، وأنا أهوى الصيد بالطيور الحرة»، مشيراً إلى أن لديه صقراً من نوع يسمى «كراك»، وهو ذكر الشاهين، ويُعد من أفضل أنواع الطيور الحرة، وأضاف أن «الطيور متداولة ومن يريد شراءها يمكنه الحصول عليها، وبأسعار متفاوتة»، مشيراً إلى أن هناك سماسرة متخصصين فى تقييم كل طائر ووضع سعر له، ليتم بعد ذلك عرضه للبيع، وعادةً ما يقبل أثرياء الخليج على شراء هذه الطيور، وأضاف أن هناك مزادات تُعقد فى بعض الدول الخليجية لبيع وشراء الصقور.

{long_qoute_1}

وعن موسم صيد الصقور، أوضح «المعبدى» أنه يبدأ فى منتصف شهر سبتمبر من كل عام، ويستمر حتى نهاية نوفمبر، ويعقبه موسم صيد طيور «الكروان» خلال شهرى ديسمبر ويناير، مشيراً إلى أنه تم مؤخراً بيع أحد أفراخ صقر «الشاهين» بمدينة «الضبعة»، واشتراه أحد الخليجيين بمبلغ مليون و100 ألف جنيه، باعتباره أحد أجود أنواع الطيور التى تم صيدها فى محافظة مطروح خلال الفترة الأخيرة، وأضاف أن ذلك المشترى قام ببيعه بما يعادل 3 ملايين جنيه، بأرباح تجاوزت 100%، إلى أحد الأثرياء بدولة خليجية، لاستخدامه فى صيد طيور «الحبارى»، التى تُعد لحومها من أطعم وأجود لحوم الطيور، وأشار إلى أن هواة الصيد يستخدمون الصقور أيضاً فى صيد طيور «الكروان»، ويستمر لعدة شهور، وبعدها يتم تقديم الطعام للصقور حتى إشباعها، ثم يتم إطلاقها فى الهواء، حيث تعود إلى موطنها الأصلى، سواء فى باكستان أو أفغانستان بوسط آسيا، أو فى شرق أوروبا، استعداداً لموسم التزاوج، للحفاظ على ذلك النوع من الطيور وحمايتها من الانقراض.

واعتبر عاصم رزق الفردى، من أبناء مطروح، أن العلاقة بين الصقر الحر وصاحبه تعتمد على الطعام، فإذا ما قام بإشباع الصقر وأطلقه فى الهواء، يهاجر الطائر ولا يعود إلى صاحبه مرة أخرى، مشيراً إلى أنه تتم تسمية الصقر بـ«الحر» لأنه يعتبر الحرية مبدأ أساسياً فى حياته، فإذا شعر بالمهانة، أو سقطت ريشة واحدة منه، أو تعرض أحد مخالبه للكسر، فإنه قد يموت بسبب ما يتميز به من «عزة نفس»، مؤكداً أن الصقور لديها «كبرياء» و«شموخ» لا يتوافران فى أى نوع آخر من الطيور، وأضاف أنه لا يمكن مشاهدة الصقور تحت الأشجار، مثل الحمام، أو فوق أغصانها، كالطيور الأخرى، إنما تأخذ من قمم الجبال مكاناً لها، لتراقب من خلالها الأماكن المحيطة بها، ببصرها الحاد، الذى يمكنه أن يغطى مسافة تمتد لعدة كيلومترات، وإذا ما شاهد الصقر فريسته ينقض عليها بقوة، حيث يحلق فوقها فى وقت قياسى، ويضربها بمخلبه الخلفى ضربة أقوى من السيف، فإذا ما ضرب إحدى طيور الأوز أو البط بذلك المخلب، فعادةً ما يسقط رأسها إلى جوارها، وبعد ذلك يلتزم «الأدب» ولا يقترب من فريسته حتى يأتى صاحبه، ويقدمها له ليأكلها بكل فخر وشموخ، حيث إنه لا يأكل الجيف أو الطيور الميتة، وعندما ينتهى من تناول طعامه، يقوم صاحبه بمسح منقاره من الدم، وإذا ما سقطت قطرة دم على جسده، يسارع بالطيران نحو البحر، ولا يأكل أو يصطاد حتى يغتسل.

{long_qoute_2}

أما ياسين طاهر إبراهيم، من شباب مطروح، فتحدث لـ«الوطن» عن اهتمام الشباب بالطيور الحرة واقتنائها، وتنظيم المسابقات بينها، قائلاً: «أذهب مع أصدقائى وأبناء عمومتى لمسافة 80 كيلومتراً فى عمق الصحراء، ومعنا الطيور لنتسابق ونعقد الرهان على الصقر الذى يمكنه صيد طائر الكروان فى أسرع وقت، والفائز ينال خروفاً»، وتابع بقوله: «نتوجه فى رحلات صيد طويلة إلى منطقة جنوب رأس الحكمة، ومعنا 4 سيارات دفع رباعى مجهزة لطبيعة الصحراء الوعرة، ونأخذ معنا خيمة ننصبها فى منطقة لا يوجد بها أى سكان، ومعنا الطيور من أنواع مختلفة، أحياناً يصل عددنا إلى 10 شباب، ونخيم هناك إقامة كاملة لعدة شهور، تبدأ من 25 سبتمبر وحتى 30 نوفمبر من كل عام، لنصطاد الطيور».

وأضاف: «الحمد لله تمكنت مؤخراً من صيد فرخ شاهين، ودربته، وحالياً أستخدمه فى صيد طيور الكروان»، لافتاً إلى أنه كان واحداً من أسرع الشبان الذين تمكنوا من صيد «كروان» فى مدة لا تتجاوز 5 دقائق، معتبراً أنه زمن قياسى، لأن المطاردة فى الهواء قد تمتد لمسافة 40 كيلومتراً، يحسمها الصقر الأكثر تدريباً وسرعة، لافتاً إلى أنهم يستخدمون الصقور أيضاً فى ما يطلقون عليه اسم «صيد الفكك»، عن طريق تدريب الصقر ألا يأكل اللحم إلا فى قدم صقر آخر، حيث يتم إطلاق «حمامة» فى الهواء ليصطادها أحد الصقور المهاجرة الغريبة، ثم يتم إطلاق الصقر المدرب ليأتى بذلك الصقر الغريب والحمامة بين قدميه، واستطرد بقوله: «إذا ما تركت الصقر المدرب يصطاد لك ما شئت، طالما أنك دربته على ذلك، ويعرف صاحبه، فنحن نترك الصقر فى أى مكان، وأذهب بالسيارة لمسافة تتجاوز 7 كيلومترات، فأجده يحلق فى السماء، ويطير ليهبط داخل كابينة السيارة من النافذة، وعندما أتعارك مع أحد، أجده يتحرك ويزوم ويشعر بى، وكأنه سيشتبك مع خصمى ليساندنى».


مواضيع متعلقة