بريد "الوطن"| من دفتر يوميات شاب عاطل

بريد "الوطن"| من دفتر يوميات شاب عاطل
للأيام حكمة تقول «الصبر مفتاح الفرج»، ولكن للبطالة حكمة أخرى تقول «الصبر مفتاح اليأس والاكتئاب». نظرة قاسية للعاطل فى المجتمع، فتصير حياته قهراً، ويدخل دائرة الحسرة والملل، اليوم الذى طال انتظاره كان أتعس يوم فى حياته، وهو يوم ظهور نتيجة البكالوريوس، لينطلق بعدها للعمل وكسب المال، ولكنه لا يدرك حكمة الأيام وغدر الزمن، يجمع أوراقه فى حافظة بلاستيكية، ويبدأ رحلة البحث الشاقة بين إعلانات الصحف المملة، وأبواب الشركات والفنادق السياحية، قد يهلك هذا الحافظ البلاستيكى من البحث والشمس ويجرى تبديله بآخر، أصبح له سيرة ذاتية يلقيها هنا وهناك، باللغتين العربية والإنجليزية، ولو أراد لجعلها بجميع لغات العالم. ما زال يمشى، ويمشى، حتى بلى الحذاء من المشاوير وسخونة الأسفلت، والسير به أياماً وشهوراً، يسعى برغم يأسه وانتهاء أمله، برغم ما يحمله من ألم وتعب لكنه يبتسم ويبتسم. يتعب من البحث وتنهار الأحلام ويتبدد الأمل، حتى يدرك أنه لا جدوى ولا فائدة. يقرر الاعتكاف فى هذه الغرفة التى شهدت أيام طفولته ومراهقته وجميع مراحل حياته، ليسترجع ذاته التى فقدها، سئم الجلوس مع الناس والأصدقاء، يجلس وحيداً يسترجع جميع الذكريات والأمانى، عقله لا يتوقف عن التفكير، حزن وفرح، أيام جميلة، ذكريات حزينة، يهرب منه ظله، يهرب من التفكير بالنوم، حتى هذا لا يخلو من الأحلام التى تسترجع ما يفكر فيه، كل شىء حوله أصبح صامتاً، أثاث الغرفة صامت وهاتفه صامت، بداخله صرخة صمت لا يسمعها أحد، الملل اللعين جعله يغير موضع الأريكة أكثر من مرة، أصبح رجلاً ميتاً فى غرفة سكنها كقبر له بلا حساب، تغيرت ملامح وجهه، فهناك عذاب نفسى يعانيه، الكذب يحيط به وبين وظائف خالية فى إعلانات الصحف اليومية، ووعود بتوفير وظيفة له.
عمرو أبوالعطا
يتشرف باب "نبض الشارع" باستقبال مشاركاتكم المتميزة للنشر، دون أي محاذير رقابية أو سياسية، آملين أن يجد فيه كل صاحب رأي أو موهبة متنفساً له تحمل صوته للملايين.. "الوطن" تتلقى مقالاتكم ومشاركاتكم على عنوان البريد التالي
bareed.elwatan@elwatannews.com