هانى شاكر: هناك حملة ممنهجة لتدمير أخلاق المصريين وأقول للمنتجين «حسبى الله ونعم الوكيل»
هانى شاكر
واجه الفنان هانى شاكر نقيب الموسيقيين، خلال الفترة الماضية، عدداً من المشكلات لا حصر لها، من أزمات لنجوم كبار فى الغناء، أمثال شيرين عبدالوهاب، وظهور كليبات خادشة للحياء من مطربتين تنتميان بالانتساب إلى نقابته التى يترأسها منذ قرابة الثلاثة أعوام، اللتين قرر ألا يتعامل معهما إلا بسلاح «الشطب»، للحفاظ على شكل ومكانة الأغنية المصرية. هانى شاكر يتحدث فى حواره لـ«الوطن» عن تفاصيل أزمة النقابة الأخيرة مع المطربة ليلى عامر، التى أطلقت أغنية «بص أمك»، ودور النقابة والدولة فى مواجهة هذا الفن الخادش للحياء، كما كشف عن زيارته المرتقبة إلى العاصمة اللبنانية بيروت، حيث ينوى الجلوس مع الفنانة اللبنانية نجوى كرم، لتقديم عمل غنائى يجمعهما معاً.
«الفضائيات» وراء انقراض الأغنية الشعبية.. ومشاهد الرقص والبلطجة أضاعت هيبة الفن
بداية.. كيف رأيت أزمة أغنية «بص أمك» للمطربة «ليلى عامر» التى تم طرحها عبر مواقع التواصل الاجتماعى للترويج للفيلم السينمائى «سلك عريان»؟
- ما حدث ليس فناً ولا يمت له بأى صلة، يمكننا أن نقول عليه تهريج وتسيب وإسفاف وأعمال خادشة للحياء، فأنا لم أصدق أن هناك منتجاً وسيدة يسمحان لنفسيهما بأن يروجا لفيلم سينمائى بكلمة مثل هذه عبر الإنترنت ووسائل الإعلام، فأنا أرى أن كل ما حدث عبارة عن حملة ممنهجة لتدمير أخلاق الشعب المصرى، كما أننى لا أفهم ما تريده السينما من الشباب المصرى، «هما عاوزين إىه من الشباب بالضبط؟»، ولماذا يقدم المنتجون على تقديم تلك النوعية من الأغنيات فى أعمالهم الفنية؟ فكل ما أستطيع قوله لهؤلاء المنتجين «حسبى الله ونعم الوكيل».
لا خلاف على صوت شيرين ولكن ليس من المقبول أن يخطئ فنان فى رموز بلده
هل ترى فى شطب ليلى عامر ومن قبلها شيما أحمد بسبب كليب «عندى ظروف» حلاً لإنهاء ظاهرة الكليبات الخادشة للحياء؟
- ليس الحل النهائى، ولكنه ما أستطيع أن أفعله من خلال منصبى كنقيب لنقابة المهن الموسيقية، هو أن أشطبها من سجلات النقابة ولا أجعلها تغنى مرة أخرى، وأعتقد أن ما فعله مجلس إدارة النقابة كان صحيحاً مع هاتين الحالتين، لأنهما قدمتا أعمالاً غير مشرفة وغير مقبولة، ونحن كمصريين لا نرضى أبداً أن تكون تلك الأعمال واجهة لمصر أمام الوطن العربى، حينما تعرض عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى.
لماذا لا توجد رقابة على الكلمات والأغنيات المصورة التى تبث عبر وسائل الإعلام والإنترنت؟
- من المفترض أن يكون هناك حد أدنى من الرقابة على تلك الأعمال، خصوصاً أننا أصبحنا فى عالم مفتوح، وبات كل فرد ينشر ويصور كل ما يريده دون احترام للآخر، وهذا الأمر جعلنا نقول جملاً وعبارات مثل تلك الجملة الخادشة للحياء من أجل الترويج لفيلم، فجهاز الرقابة على المصنفات الفنية دوره مراقبة تلك الأعمال، كما يجب على الناس التى تقدم هذا الفن أن يكون بداخلها ضمير وتراعى الله سبحانه وتعالى، ويكون لديها رقيب بداخلها لتقديم منتج فنى محترم يليق بالجمهور المصرى
أغنيات المهرجانات مخدرات سمعية.. وأكثر ما يحزننى استماع الملايين إليها
الحفلات الغنائية
ما رؤيتك لحل تلك الأزمة ومنع ظهور تلك الأغنيات التى تدعو للخروج على الآداب العامة؟
- الحل الرئيسى هو كثرة الحفلات الغنائية، مثلما كان فى الماضى حتى يلتف حولها الجمهور بفئاته كافة، وأيضاً عودة المنتجين مرة أخرى، وأن يمدوا أيديهم للشباب وينتجوا لهم الألبومات الغنائية، فأولادنا لو تركناهم دون مساعدة سيتجهون إلى تلك الطرق غير المشروعة، بالإضافة إلى عودة برامج الأطفال الغنائية التى ترسخ القيم والمبادئ للأطفال، فأنا ظهرت على الساحة الفنية بسبب برامج «أبلة فضيلة» و«ماما سميحة»، علاوة على ذلك لا بد من عودة حصة الموسيقى وتعليم التلاميذ الفنون الحقيقية والكلمات ورموزنا الغنائية، لكى ينتموا إلى مدرسة الفن الأصيل.
ما دور الدولة فى محاربة هذا الفساد؟
- ينبغى على الدولة أن تجعل الفن الحصن الآمن الذى يلجأ إليه الشباب، لكى يبتعدوا عن الأهواء الشاذة والإرهاب والتطرف والأفكار التى تأتى إلينا من الخارج، فحينما يكون الفن شيئاً مهماً ورئيسياً فى حياة الطفل منذ الصغر، بالتأكيد سيبتعد عن جميع الأفكار الهدامة، فلا بد أن تكون حصة الموسيقى شيئاً مقدساً فى المدارس، كما لا بد من مراقبة ما يبث فى القنوات التليفزيونية والأفلام والإعلانات، فكيف تريد طفلاً يحمى مجتمعه وبلده، وهو يقلد نجم الجيل الذى يظهر فى التليفزيون وهو عارى الجسد ويحمل فى يده سنجة ومطواة، فيجب محاسبة من يقدم تلك الأعمال التى تهدم جيلاً بأكمله، فالمنظومة ينبغى أن تتغير من أجل ظهور جيل قادر على حماية مصر.
حان الوقت لأعود للدراما التليفزيونية بعد سنوات من الغياب ويسعدنى تقديم ديو
ما ردك على انتقاد البعض للعقاب القاسى الذى فرضته النقابة على شيرين عبدالوهاب بعد سخريتها من مياه نهر النيل فى إحدى حفلاتها بدولة الإمارات؟
- شيرين صوت لا يختلف عليه أى شخص، ولكن فى النهاية ليس من المقبول إطلاقاً أن يخطئ فنان فى رمز من رموز بلده حتى لو كان هذا الأمر بشكل ساخر، فجميعنا سفراء لبلدنا مصر حينما نكون فى الخارج، فأنا حينما أقف على مسرح فى تونس أو الإمارات يقدموننى على أننى الفنان المصرى، فمن الواجب علىّ أن أمثل مصر بأفضل صورة، وأن أدافع عنها لو أخطأ شخص فى حقها، للأمانة ما من بلد سافرت إليه وغنيت فيه، ولم أجد فيه المئات يعشقون مصر وترابها.
هل أنت ضد تفاعل الفنان مع جماهيره على المسرح ومزاحه معهم؟
- إطلاقاً، أنا بشر وأحب الضحك والهزار، حين أقف على مسرح وأرى أن الجماهير الحاضرة متفاعلة معى ودمها خفيف، أبدأ فى إلقاء النكات والمزاح معهم، ولكن أفكر فى كل كلمة أقولها، وأكون فاهماً لما أقوله، فلا يوجد هزار فى الدين أو السياسة، لأننى فى النهاية فنان يمثل بلده، أى إننى أمثل 100 مليون مواطن مصرى، وأحمل جواز سفرهم فى أى بلد أغنى فيه، الخطأ أو الخروج عن النص غير مقبول.
ما رأى نقيب الموسيقيين هانى شاكر فى أغنيات المهرجانات التى أصبحت عنصراً رئيسياً فى الأغنية المصرية؟
- رأيى واحد منذ أن سمعت عنها لأول مرة ولم يتغير، هذه ليست أغنيات، بل عبارة عن «خبط ورقع» وصوت عال فى السماعة، وأحمد الله أننى لا أركز فى كلماتها، لأننى لو استمعت إليها بتمعن سأغضب بشدة من الألفاظ السوقية والخادشة للحياء التى تتضمنها، وأكثر ما يحزننى فى هذا الأمر هو أننى أصبحت أرى الملايين يحبون الاستماع إلى تلك الأغنيات، ويسعون إلى تحميلها، رغم أن الجميع يعلم أنها بلا رسالة، ولا تقدم منتجاً فنياً جيداً، بل هى عبارة عن مخدرات سمعية.
ولكن البعض يقارنها بالأغنيات الشعبية التى قدمها مطربون أمثال أحمد عدوية وآخرون فى السبعينات والثمانينات من القرن الماضى.
- لا يوجد وجه مقارنة بين تلك الأعمال والأغنيات الشعبية، فالمطربون الشعبيون كانوا يقدمون أغنيات خاصة لطبقات اجتماعية معينة، ربما كان يتم مهاجمتهم لأن الساحة كانت تضم فطاحل من المطربين، ورغم ذلك لم نسمع أو نر أغنية نجحت من أعمالهم كانت تتضمن كلمات خادشة للحياء أو تدعو للفسق والخروج على الآداب العامة، مثل التى نراها ونسمعها الآن، فأصحاب أغنيات المهرجانات يريدون إفساد الأغنيات الشعبية، وهم من يضعون أنفسهم فى مقارنة معها.
الشطب الحل الأمثل لمواجهة الكليبات الخادشة للحياء وأطالب بعودة حصة الموسيقى فى المدارس
هل ستستطيع الأغنية المصرية الصمود والحفاظ على مكانتها رغم كل التحديات التى تواجهها؟
- بكل تأكيد، فلن تقل هيبتها أو مكانتها أبداً، لأننا كشعب سيظل بداخلنا الميل إلى العمل الجيد والمحترم، ربما نلجأ فى بعض الأوقات إلى الأغنيات الرديئة، ولكن فى النهاية نذهب إلى العمل المحترم، وأتمنى فى المستقبل القريب أن يساعدنا المنتجون فى الحفاظ على الأغنية المصرية من خلال الدفع بأصوات شابة وواعدة جديدة.
لماذا انقرضت الأغنية الطربية وانتشرت الأغنيات المسيئة فى مصر بالتحديد؟
- السبب يعود إلى القنوات الفضائية الخاصة التى انتشرت خلال الفترة الأخيرة، حيث أصبحت تهتم بنشر تلك الفنون الفاضحة والمسيئة وابتعدت عن نشر الأعمال الفنية القيمة والهادفة والوطنية، فالفضائيات خلال شهر رمضان الكريم تتسابق فى طرح الأعمال الدرامية التى تنشر الفن الهابط، من مشاهد تحتوى على رقص وخمور ودعارة وتجارة مخدرات، وأصبحنا نرى مشاهد لم نرها من قبل عن رجال يرتدون قمصان نوم كأحد أنواع البلطجة، فتلك المشاهد أضاعت هيبة ومكانة الفن المصرى الراقى، الذى كان يتصارع عليه جميع القنوات العربية لشرائه.
كيف نواجه تلك الأزمة من وجهة نظرك؟
- الحل فى يد الحكومة والدولة أيضاً، فلماذا لا تعود الدولة إلى إنتاج وتقديم الأعمال الفنية مثلما كانت تفعل من قبل، فلو حدث ذلك سنعود لمشاهدة الأعمال الجميلة التى ما زلنا نتذكرها ونشاهدها حتى يومنا هذا، مثل الأعمال المخابراتية كرأفت الهجان للفنان الراحل محمود عبدالعزيز، وأيضاً مسلسل «دموع فى عيون وقحة» للفنان عادل إمام، ولكن للأسف التليفزيون أصبح مثل المشاهد لا ينتج إنما يشترى فقط، فالتليفزيون نقل كل الأعمال التى لا تليق بمجتمعنا، والأزمة أنه موجود فى بيت كل مواطن مصرى والجميع يشاهده.
كيف حافظ هانى شاكر على صوته ونجوميته حتى الآن؟
- الحمد لله، الصوت نعمة من الله عز وجل، وكل ما أفعله هو أننى أحافظ عليها، لأنها مصدر رزقى، فأنا لست مدخناً للسجائر ولا مدمناً للكحوليات، وهما أخطر شيئين مضرين للأحبال الصوتية، كما أننى لدىّ بعض الطقوس التى أفعلها قبل الغناء أو إحياء الحفلات، على سبيل المثال لا أحبذ الكلام يوم الحفل، وأجلس طوال الوقت فى استرخاء، وأفضل تناول المشروبات الساخنة.
لو سألتك عن أقرب أغنياتك إلى قلبك.. فما الذى ستّذكره منها على الفور؟
- أنا أمتلك مجموعة من الأغنيات الرائعة التى أدخلتنى فى قلوب المستمعين، أرى أنها هبة وميزة من الله سبحانه وتعالى، لأن امتلاكى لهذه الأغنيات جعلنى نجماً مشهوراً، من بينها أغنيات «على الضحكاية»، و«لو بتحب»، و«لسه بتسألى»، «نسيانك صعب أكيد»، «غلطة وندمان عليها»، و«كده برضه يا قمر»، و«يا ريت معايا»، و«بحبك أنا»، و«بيسموكى القمر».
هل تغضب بسبب حصرك من قبل البعض فى تقديم الأغنية الحزينة؟
- طوال مسيرتى الغنائية وأنا أقدم جميع الأشكال والألوان الموسيقية، ولكننى أعترف بخطئى فى تصوير الأغنيات الدرامية والحزينة، ما جعل البعض يأخذه علىّ كعيب، ولذلك قررت بالاتفاق مع مدير أعمالى تامر عبدالمنعم، أن نعمل خلال الفترة المقبلة على تقديم وتصوير الأغنيات السريعة والرومانسية، حتى يزول هذا الانطباع عن الجمهور، خصوصاً الجيل الجديد الذى ربما لم يتعرف على تاريخ هانى شاكر جيداً.
رغم رفض الفنانة اللبنانية نجوى كرم الدائم الغناء باللهجة المصرية، فإنها تمنت غناءها معك فى تغريدة لها.. فهل سيشهد عام 2018 عملاً مصرياً لنجوى كرم مع هانى شاكر؟
- خلال الأسابيع المقبلة سأزور العاصمة اللبنانية بيروت، وأتمنى خلال زيارتى أن ألتقيها، وأن أحضر معها جلسة عمل لكى نضع بذرة تلك الأغنية، فنجوى من الأصوات الرائعة فى وطننا العربى، ويسعدنى كثيراً أن أغنى معها، فمنذ سنوات طويلة لم أقدم أى ديوهات غنائية مع زميلاتى من الفنانات، وأحب أن يكون عملى المقبل مع صوت لبنانى رائع مثل نجوى كرم.
هل حان الوقت لعودتك مرة أخرى إلى الدراما؟
- أعتقد أن الوقت قد حان، ولكن للدراما التليفزيونية وليست السينمائية، فأنا ظهرت فى عدد من الأفلام لا بأس بها خلال بدايتى الفنية، حيث حققت نجاحاً جيداً، وأرى أننى قادر فى الوقت الحالى على المشاركة فى عمل درامى تليفزيونى، وهناك بالفعل عمل يعكف عليه الكاتب والسيناريست أيمن سلامة، ولكنه يدور فى فلك رجال الأعمال، ولم نضع اللمسات الأخيرة عليه حتى الآن، لكى نعلن عن تفاصيله وأبطاله.
هل تريد عرض العمل الدرامى خلال شهر رمضان الكريم؟
- إطلاقاً، لا أفكر بهذه الصورة، ولا أهتم بفكرة عرض أعمالى فى شهر رمضان الكريم، فالعمل الجيد والمحترم سيفرض نفسه فى أى وقت يطرح فيه، ولذلك لو عرض المسلسل خارج رمضان وكان عملاً جيداً سينجح، وربما العكس فى رمضان فسيكون هناك تزاحم فى الأعمال، وربما لا يلقى المسلسل متابعة جيدة، وفى كل الأحوال أنا لا أستعجل الأمور، وأترك كل شىء لوقته، فكل ما يشغلنى هو أن أقدم عملاً فنياً جيداً يحترم المشاهد الذى ينتظر عودتى للدراما بعد سنوات طويلة من الغياب.
هانى شاكر