استشهاد فلسطينيين وإصابة العشرات فى «جمعة الإرادة».. والعالم يرحب بتصويت «أمريكا الوحيدة»

كتب: نادية الدكرورى

استشهاد فلسطينيين وإصابة العشرات فى «جمعة الإرادة».. والعالم يرحب بتصويت «أمريكا الوحيدة»

استشهاد فلسطينيين وإصابة العشرات فى «جمعة الإرادة».. والعالم يرحب بتصويت «أمريكا الوحيدة»

اشتباكات عنيفة شهدتها جمعة الغضب الثالثة التى دعت إليها القوى الوطنية والإسلامية فى فلسطين، تحت عنوان «جمعة الإرادة»، رفضاً لقرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب باعتبار مدينة القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، أسفرت عن استشهاد شابين فلسطينيين برصاص جيش الاحتلال بقطاع غزة، وعشرات المصابين بالذخيرة الحية، وعشرات مثلهم ببلدة سعير، القريبة من الخليل، فى الضفة الغربية، بحسب الهلال الأحمر الفلسطينى.

وخرجت اليوم مسيرات جماهيرية حاشدة فى قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة والقدس، عقب صلاة الجمعة، سرعان ما تحولت لمواجهات شمال مدينة رام الله، قرب مستوطنة بيت إيل، حيث أغلق فلسطينيون الطريق الرئيسى بحاويات النفايات والإطارات المشتعلة، وألقوا الحجارة باتجاه قوات الاحتلال، التى ردت بإطلاق الغاز المسيل للدموع والأعيرة المطاطية.

{long_qoute_1}

وفى ساحات المسجد الأقصى، تظاهر المئات أمام مسجد «قبة الصخرة» تنديداً بقرار «ترامب»، وفى الضفة الغربية، أصيب شاب بالرصاص المطاطى خلال مواجهات على المدخل الشمالى لمدينة «بيت لحم»، بالإضافة لإصابة العشرات بالاختناق فى مناطق متفرقة ببيت لحم، كما اندلعت مواجهات بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال فى بلدة كفر قدوم، شرق قلقيلية، عقب مسيرة نصرة للقدس، حيث نصبت قوات الاحتلال حاجزاً على المدخل الشرقى للمدينة.

وفى «رام الله» استهدفت قوات الاحتلال الفلسطينيين بالرصاص الحى خلال المواجهات فى قرية «بدرس»، غرب «رام الله»، وفى نابلس اندلعت مواجهات فى بلدة بيتا، جنوب نابلس، وانطلقت فى مدينة رفح، جنوب قطاع غزة، مسيرات حاشدة بمشاركة الآلاف من الجماهير جابت شوارع المدينة.

تأتى هذه الجمعة بعد ما أثار اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل موجة إدانات عالمية توجت الخميس الماضى بصدور قرار بأغلبية واسعة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة يدين القرار، بينها عدد من حلفاء واشنطن، وأخرى تتلقى مساعدات كبيرة منها، القرار الذى يدين اعتراف «ترامب» بالقدس عاصمة لإسرائيل خلال التصويت الأخير للجمعية العامة للأمم المتحدة، ما أفضى لما وصفه البعض بـ«أمريكا الوحيدة».

ووصف مندوب فلسطين فى الأمم المتحدة، رياض منصور، فى تصريحات للوكالة الفرنسية، التصويت بـ128 صوتاً مقابل 9 أصوات بـ«الانتكاسة الكبيرة للولايات المتحدة الأمريكية»، خاصة بعد تصويت حلفاء لواشنطن مثل فرنسا وبريطانيا والسعودية ضد قرار «ترامب».

وأعلن أمس الرئيس الفلسطينى، محمود عباس، فى ختام لقائه مع نظيره الفرنسى، إيمانويل ماكرون، أنه لن يقبل أى خطة سلام من جانب الولايات المتحدة فى النزاع الإسرائيلى -الفلسطينى، معتبراً أن واشنطن لم تعد «وسيطاً نزيهاً» بعد اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل، فيما رفض «ماكرون»، الذى سيزور الشرق الأوسط فى 2018، قرار الرئيس الأمريكى بشأن القدس، مؤكداً تمسكه بالقانون الدولى وإرساء سلام عادل لا يمكن تحقيقه سوى عبر التفاوض، وأنه لا يوجد بديل عن حل الدولتين بموافقة طرفى النزاع، وأشار «ماكرون» إلى طلب فرنسا من إسرائيل وقف الاستيطان.

ورحب عدد كبير من الدول والمنظمات الدولية بتصويت الأمم المتحدة، وقالوا إن وضع القدس يجب أن يتم الاتفاق عليه من خلال المحادثات، ويجب ألا يكون الحل من الخارج، حيث زاد «قرار ترامب» من عزلة القرار الأمريكى. على الجانب الآخر، قلل دان شابيرو، سفير الولايات المتحدة السابق لدى إسرائيل، من أهمية التصويت ووصفه بـ«مهزلة مثيرة للشفقة للأمم المتحدة»، وحث واشنطن على إعادة التركيز على هدفها، وكتب على «تويتر»: «ما هى استراتيجية الولايات المتحدة لإنهاء النزاع؟ التوصل إلى دولتين، تجنب واقع قوميتين».

ومن أصل 193 دولة فى الجمعية العامة أيدت 128 منها القرار الذى يدين اعتراف «ترامب» بالقدس عاصمة لإسرائيل فى 6 ديسمبر الماضى، وفى مؤشر يؤكد أن ضغوط واشنطن وتهديداتها لم تمر مرور الكرام، امتنعت 35 دولة عن التصويت بينها كندا والمكسيك والأرجنتين وبولندا والمجر، وغابت عن الاجتماع 21 دولة أخرى، فى حين رفضته 9 دول هى الولايات المتحدة وإسرائيل وجواتيمالا وهندوراس وتوجو وميكروزينيا وناورو وبالاو وجزر مارشال.

«المفاجأة رفض وامتناع ثلاث دول إسلامية».. قالها السفير حازم أبوشنب، عضو المجلس الثورى لحركة فتح الفلسطينية، فى إشارة إلى البوسنة والهرسك، ذات الأغلبية المسلمة، التى امتنعت عن التصويت، وكذلك الكاميرون، عضو منظمة التعاون الإسلامى، فى حين رفضت القرار دولة ثالثة عضو بنفس المنظمة هى «توجو». وأرجع «أبوشنب»، فى تصريحات لـ«الوطن»، وجود الدول الإسلامية الثلاث فى قائمة الدول الممتنعة والرافضة بشأن القدس إلى الضغط الأمريكى والتهديدات التى سبقت عملية التصويت بالجمعية العامة، إلا أن هذه المواقف تعادل ما هو متعارف عليه بـ«الصفر الدبلوماسى»، حيث لا أثر لهذه الدول فى صناعة السياسة الدولية، مضيفاً: «ولكن يحزننا أن أشقاءنا يتخذون هذه المواقف»، لافتاً إلى أن فلسطين طالما وقفت مع هذه الدول للنضال ضد العبودية والمذابح التى ارتكبت سابقاً فى حقهم، وتابع: «نؤكد أننا سنواصل الوقوف بجانبهم فى المستقبل إن احتاجوا دعمنا، فالمبادئ لا تتجزأ.. وكما نريد الحرية لفلسطين نريدها للبوسنة وتوجو وأى دولة أخرى». وأوضح «أبوشنب» أن القرار الصادر من الجمعية العامة تحت بند «الاتحاد من أجل السلام» ملزم لكل الدول، ما يمنع توجه أى من الدول الرافضة أو الممتنعة عن القرار بنقل سفارتها للقدس، ومن يخالف ذلك يتحمل عقوبات دولية، ما يعد انتصاراً حقيقياً للفلسطينيين والعرب.

وأرجع الدكتور أيمن شبانة، أستاذ العلوم السياسية بمعهد الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، رفض دولة أفريقية، مثل توجو، التصويت، إلى مصالحها المتشابكة مع إسرائيل، لافتاً إلى أنها كانت ستستضيف أول قمة أفريقية إسرائيلية أكتوبر الماضى لولا الضغوط التى مورست عليها، وأضاف «شبانة» لـ«الوطن» أن عدداً من الدول الأفريقية تعلن صراحة تأييدها لإسرائيل مثل إثيوبيا، وأن الصوت يعنى لهم خدمات تأخذها الدول الأفريقية فى المقابل مثل بناء مستشفيات أو مدارس، وإن لم تدفع لن تحصل على الصوت فى المقابل.

وحذر «شبانة» من وجود ضغوط حقيقية لدخول إسرائيل كعضو مراقب فى الاتحاد الأفريقى، ما يتطلب تحركاً جماعياً توافقياً عربياً للوقوف أمام الزحف الإسرائيلى على دول أفريقيا، خاصة أن الجامعة العربية حتى الآن لا يوجد لها منسق للشئون الخارجية، ما يعكس ضعف التنسيق المشترك.

«مجموعة إجراءات» يرى عبدالحفيظ غوقة، الخبير القانونى، ضرورة اتخاذها عقب الانتصار فى انتزاع تصويت الجمعية العامة لصالح القدس، إلا أنها فى مجملها إجراءات سياسية وليست قانونية فى سبيل الضغط على أمريكا لإلغاء القانون الذى أصدرت بناء عليه القرار الأخير بتهويد القدس، لافتاً إلى أن إجراء التصويت فى الجمعية العامة تحت بند «الاتحاد من أجل السلام» يعطى له قوة، خاصة أن هذا البند هو أعلى سلطة داخل المنظومة الدولية، ويدفع بمواصلة مفاوضات السلام بشأن القضية الفلسطينية.


مواضيع متعلقة