نواب يطالبون الحكومة بمحاصيل بديلة.. ومواجهة مافيا «مياه النيل» وتقديم دراسة دقيقة عن استهلاك المياه

كتب: هبة أمين

نواب يطالبون الحكومة بمحاصيل بديلة.. ومواجهة مافيا «مياه النيل» وتقديم دراسة دقيقة عن استهلاك المياه

نواب يطالبون الحكومة بمحاصيل بديلة.. ومواجهة مافيا «مياه النيل» وتقديم دراسة دقيقة عن استهلاك المياه

طالب أعضاء فى لجنة الزراعة والرى بمجلس النواب الحكومة بمواجهة مافيا سرقة «مياه النيل» وتقديم دراسة دقيقة عن كمية المياه المستهلكة فى زراعة المحاصيل الشرهة، وخصوصاً الأرز، وتقديمها للجنة، خصوصاً أن هناك مناطق وأراضى بعينها هى الأنسب لزراعة الأرز، لكن الأهالى يتوسعون فى زراعته بحثاً عن الربح، حتى فى محافظات تعتمد على المياه الجوفية مثل الوادى الجديد، ما يهدر المياه، خصوصاً أن زراعة فدان واحد بالأرز تستهلك ما يكفى لزراعة 3 أفدنة بالقمح والذرة. وأكد أعضاء اللجنة أن زراعة ما يزيد على مليون فدان بالأرز العام الماضى كارثة تتطلب وقفة حاسمة من الدولة والبحث عن زراعات بديلة للفلاحين، قبل وقف زراعته، لافتين إلى أن بعض النواب يتدخلون أحياناً بضغط من دوائرهم لدى الوزراء لزيادة رقعة الأراضى المزروعة بالأرز. وقال النائب السيد موسى، عضو لجنة الزراعة، لـ«الوطن»، إن الأرز من المحاصيل «الجشعة»، لاعتماده على كميات كبيرة جداً من المياه، الأمر الذى يتطلب قصر زراعته على أماكن بعينها، وربط الأمر بحجم الاستهلاك من هذا المحصول، ولو اقتضى الأمر استيراده، مضيفاً: «بدلاً من زراعة مليون و200 فدان أرز، علينا خفض هذه المساحة بأى شكل للحد من استهلاكها الكبير للمياه، حيث تستهلك نحو ثلاثة أضعاف ما يحتاجه القمح والذرة من المياه».

{long_qoute_1}

وأوضح «موسى» أن الأراضى الصالحة لزراعة الأرز معروفة بالموقع وفى محافظات بعينها، إلا أن بعض النواب يذهبون إلى الوزير المعنىّ ويطالبونه بزيادة المساحة المنزرعة فى دائرته، وهو ما يتطلب تغيير ثقافتنا للأفضل والنظر للمصلحة العامة، بعيداً عن النظرة الضيقة للمصالح الخاصة، حفاظاً على مخزون المياه لدينا وعدم إهدارها. وأكد على ضرورة أن توجد الحكومة زراعات بديلة بعيداً عن الأرز، والعمل بالزراعات التعاقدية لطمأنة المزارعين، فتوفير البدائل قبل حظر زراعة تلك المحاصيل الشرهة للمياه، أو تقليص مساحاتها، ضرورة للحد من الفوضى الزراعية التى نعانى منها، وإيجاد طرق حديثة للزراعة والرى. لافتاً إلى أن اللجنة ستدعو جميع الوزراء والمسئولين المعنيين بهذا الملف، لعقد جلسات استماع حول أزمة الأرز واستهلاكه للمياه، وآلية التعامل مع المحاصيل الشرهة، للخروج بأفضل النتائج الممكنة، ما يصب فى صالح المواطن والمزارع والدولة فى نفس الوقت.

وقال النائب إيهاب غطاطى، عضو لجنة الزراعة، إنه لا توجد دراسات دقيقة توضح حجم المياه المستخدمة فى زراعة الأرز، وإن وزارة الرى لم تقدم أى تقارير بشأن هذا الملف إلى البرلمان، فى حين أن استهلاك المياه من القضايا التى تمس الأمن القومى، ولا بد من إجراء دراسات استباقية للحفاظ على كل نقطة مياه، ووضع خطط سريعة لتفادى أزمة سوء الاستهلاك. وأضاف «غطاطى»: «فى العام الماضى تمت زراعة أكثر من مليون فدان أرز، وهو أمر كارثى، لا سيما أن الفدان الواحد يستهلك كميات مضاعفة من المياه، الأمر الذى يتطلب تدخل الحكومة لحظر زراعة الأرز إلا فى الأراضى التى تصلح لهذه النوعية من المحاصيل فقط، مع فرض غرامات مرتفعة على من يخالف هذا القرار لأننا نتحدث عن مستقبل دولة وأجيالها المقبلة وعن قضية أمن قومى، و(المسألة مش محتاجة منا نقف نتفرج وبس)».

وأشار «غطاطى» إلى أن محافظة الوادى الجديد تشهد زراعة مساحات كبيرة من الأرز، على الرغم من أن كميات المياه هناك لا تكفى للزراعة، فضلاً عن التأثير السلبى لتلك المحاصيل على المياه الجوفية، ما يؤدى إلى إهدارها، لافتاً إلى أن مقدّرات المياه المقررة لزراعة 10 أفدنة بالقمح على سبيل المثال لا تكفى إلا لزراعة 3 أفدنة فقط بالأرز، ما يعنى أن هناك 7 أفدنة تم إهدارها، وهو ما يؤدى فى النهاية إلى تآكل الرقعة الزراعية.

وحذّر «غطاطى» من أن زراعة الأرز تؤثر سلباً على مخزون المياه، وأن هذا النوع من المحاصيل الشرهة يتطلب تقنين زراعة الأرز، بحيث تكفى للاستهلاك المحلى، فى ظل أزمة ملف سد النهضة، ويجب على الجميع أن يساند الدولة، وعلى المزارعين التخلى عن زراعة المحاصيل التى تستهلك كميات غير مبررة من المياه. وطالب «غطاطى» الحكومة بضرورة التصدى لهذا الأمر والتقدم بقانون لتنظيم زراعة المحاصيل الزراعية، خصوصاً أن «كثيراً من النواب يبحثون عن الشعبية فى دوائرهم، ولن يستطيعوا المطالبة بمنع أو تقليص زراعة الأرز وغيره من المحاصيل الزراعية التى تتسبب فى إهدار المياه، كما أن علينا ترشيد استخدام المياه فى الزراعة، من خلال استخدام طرق رى حديثة».

وقال النائب رائف تمراز، وكيل لجنة الزراعة والرى بالبرلمان، إنه لا توجد حالياً مشكلة فى موارد المياه، ولكن الأزمة الحقيقية هى سوء إدارة هذه الموارد، حتى أصبح هناك ما يمكن تسميته «مافيا سرقة مياه النيل»، مُحمّلاً وزارة الرى مسئولية إهدار المياه، سواء من خلال المنتجات السياحية، أو المحاصيل الزراعية الشرهة التى تستهلك كميات كبيرة من المياه، فضلاً عن إهدار مخزوننا من المياه الجوفية كما هو الحال فى الوادى الجديد. وطالب «تمراز» الحكومة بقصر زراعة الأرز على أراضٍ بعينها، وعدم تعميمها حفاظاً على مخزون المياه، وفرض غرامات مالية على من يزرع أراضى خصبة بمحصول الأرز، مضيفاً: «بعض المحافظات تصلح لزراعة الأرز بسبب ارتفاع نسبة البخر والملوحة، مثل الشرقية، وكفر الشيخ، ودمياط، والدقهلية، أما من يزرعون الأرض الخصبة والرملية بمحاصيل مثل الأرز والموز، فهو نوع من العبث يجب إيقافه على الفور».

{long_qoute_2}

وأشار وكيل «الرى» إلى أن اللجنة ستدعو وزيرَى الزراعة والرى، إلى اجتماع طارئ، لمناقشتهما فى هذا الملف لأهميته القصوى فى هذه المرحلة، إضافة لوزير التموين باعتباره الجهة الشرائية للمحاصيل الزراعية، منتقداً عدم وجود قاعدة بيانات بشأن أنواع المحاصيل الزراعية وكميات المياه التى يستهلكها كل منها، وفى المقابل على الحكومة قبل أن تطالب الفلاح بوقف زراعة الأرز، وأن تجد الزراعات البديلة، لأن كل ما يهم المُزارع فى المقام الأول أن يكون لديه هامش ربح مناسب وهذا حقه، والمسألة هنا لا تتعلق بوجود قانون لضبط المنظومة الزراعية، والتركيز على زراعات بديلة للمحاصيل الشرهة للمياه التى تستهلك كميات كبيرة، وتتسبب فى إهدارها.

وأكد برديس سيف، عضو لجنة الزراعة والنائب عن الوادى الجديد، أنه سبق أن طالب الحكومة بضرورة استخدام طرق الرى الحديثة مع هذه النوعية من المحاصيل ولكن بلا جدوى، خصوصاً أن زراعات الأرز تستهلك كميات كبيرة من المياه، مضيفاً: «محافظة الوادى الجديد ذات طابع خاص فى زراعة محصول الأرز، لا سيما أنها تعمل بمواتير المياه ولساعات محددة، أى إن الأمر مقنن ولا يوجد أى إهدار للمياه».

وأشار «سيف» إلى أن محصول الأرز يمنح المزارعين إنتاجية كبيرة، وأنهم فى المحافظة مضطرون لزراعته، بالرغم من الغرامات التى تصدر بحقهم، لتهيئة الأرض لزرع محصول القمح بعد ذلك، وفى حالة زراعة القمح مباشرة لن تكون هناك أى إنتاجية، وسيخسر المزارع، متابعاً: «الناس فى الوادى الجديد لديهم الأرز مكون أساسى فى جميع الوجبات، ورفضنا منع زراعته لأن المواطن يخزن الأرز طول السنة عشان قوت ولاده، وبدل ما يقفلوا الأمر علينا يقولوا لنا إيه البديل، خصوصاً أننا نستخدم المياه الجوفية فى زراعته بشكل مقنن، وكثيراً ما طالبنا الحكومة بإيجاد البديل لزراعة الأرز، والاستفادة من مراكز البحوث الزراعية والصحراوية فى هذا الأمر، وأن تنزل الحكومة على أرض الواقع، لكن للأسف الحكومة لا تستمع لنا».

وطالب النائب بكر أبوغريب، عضو لجنة الزراعة، الحكومة بضرورة تسليم البرلمان خريطة بحجم الأرض المنزرعة بالأرز، وكميات المياه المستخدمة فى زراعتها، فضلاً عن تحديد الأرض التى تصلح لزراعة الأرز فقط، باعتباره من السلع الاستراتيجية التى يجب التعامل معها بشكل علمى بعيداً عن العشوائية الحالية التى تتسبب فى إهدار المياه، وضرورة تدريب المزارعين على استخدام وسائل حديثة للرى مضيفاً: «عايزين الميه تكفينا، مش عايزين سياسة المال السايب واستخدام المياه عمال على بطال». وانتقد «أبوغريب» عدم وجود ضوابط لتقنين زراعة المحاصيل الشرهة للمياه، وإيجاد زراعات بديلة يعتمد عليها الفلاح فى أكل عيشه، مؤكداً أنه سيطالب باستدعاء جميع المسئولين عن هذا الملف، للتدخل بشكل حاسم، لإنقاذ المنظومة الزراعية والحفاظ على المياه.


مواضيع متعلقة