بين استهداف "السواركة" و"الصوفية".. هل أصاب التكفيريين اليأس؟
مصابو تفجير مسجد الروضة بمستشفي قناة السويس الجامعي
بين "مخابراتي" و"قبلي"، تباينت رؤى وتحليلات الخبراء في شئون تيار الإسلام السياسي لحادث تفجير مسجد الروضة في مدينة بئر العبد بالعريش، ورأى بعضهم أنه استهداف للصوفية ويمكن أن يتوسع، ورأى آخرون أنه استهداف لمسجد تابع لقبيلة السواركة المتعاونة مع أجهزة الدولة، ما جعل المتطرفين يختارونه دون غيره، لكن الجميع اتفق على أن استهداف مصلين داخل المسجد تطور خطير وسقطة للجماعات والأفكار المتطرفة، ومؤشر على قرب زوالها، حيث فشلت في استهداف الأهداف المعتادة، بعد النجاحات الأمنية الكبرى خلال الفترة الأخيرة ما حملها على استهداف مواقع وأهداف سهلة في محاولة لإثبات وجودها.
"عيد": الحادث صادم والتحليل الديني والمنطقي يعجز عن تفسيره .. و"الزعفراني": نحن أمام تنظيم منهار يحاول إثبات وجودة بعمليات عنيفة
وقال سامح عيد، خبير الحركات الدينية، إن الأمر مثل صدمة للجميع، فالتحليل الديني والعقلي والمنطقي يعجز عن تفسير هذه الفعلة، ففكرة التترس بالمدنين والصائلة التي يستخدمونها ليس لهما وجود، أما البيانات الصادرة منهم، التي تؤكد أن القتل لكونهم صوفية "غريب"، فلم يحدث من قبل أن تم القتل على أساس التصوف هذا، فالاستهداف على الأغلب تم على أساس الهوية القبلية، وليس الطائفية، وهذا أهون تفسير للموقف، وعليه الاستهداف قبلي وليس طائفي لأن هناك آلاف المقامات الصوفية التي يمكن استهدافها وستكون في مرمى النيران إذا ما كان الاستهداف طائفي.
وأوضح "عيد"، قائلا: "انتقلنا إلى مرحلة خطرة، وأثق أن الدولة ستتدخل لمنع استخدام المدنين للسلاح حتى لا تصبح مصر عراق أخرى تشهد صراعات قبلية وطائفية، فالجماعة المارقة لها انتماء قبلي والشهداء من قبيلة أخرى والأمر سيء، واستخدام المدنين للسلاح مرفوض بشكل قطعي، ولابد من تفعيل القانون والعدالة الناجزة لتهدئة الغضب".
"حبيب": مستوى جديد من الاستهداف.. وعملية "بئر العبد" للانتقام من "السواركة"
من جهته، أوضح خالد الزعفراني، الخبير في شئون الحركات الإسلامية، أن العقائد لم تختلف كثيرا، فقتل المدنين بحجج دينية مختلفة وواهية وباطلة مازال موجودا، لكن المنفذين هم من اختلفوا، فمنفذي حادث مسجد الروضة لا شك قادمين من سوريا والعراق ومن فترة قريبة، لأن تفجير المساجد آلية وأداة معتاة في هذه البلدان، فقد تم اغتيال الشيخ الدكتور سعيد رمضان البوطي مفتي الشام وعلامة المسلمين بدمشق بتفجير في مسجده، وكذلك يتم تفجير الشيعة يوميا في العراق، فهذه طريقتهم في العمل والتطرف، فهم يستحلون الجيوش والمدنيين، وكل من لا يؤمن بفكرهم ولا يتبرأ من الحكام الحاليين، ويؤمنون بفكرة عدم العذر بالجهل، ويبيحون قتل الجميع، حتى السلفية.
"نحن أمام تنظيم ينهار بسرعة كبيرة ويحاول إثبات وجوده بأعمال شديدة العنف والصدمة، فالتنظيم انهار بالعراق وينهار بسوريا وفي أفريقيا وفي كل مكان"، حسبما أكد الخبير في شئون الحركات الإسلامية.
وقال الدكتور كمال حبيب، الخبير في شئون الجماعات الإسلامية، إن حادث الروضة تطور خطير، وانتقال لمستوى جديد من الاستهداف حيث استهداف المدنين وهو ما يحدث للمرة الأولى في مصر، موضحا أن الجماعات المتطرفة سبق أن استهدفت رموز دينية مثل الدكتور علي جمعة، والآن يقتلون مصلين، ما يوضح التطور في العنف، ويكشف أن الجماعات التكفيرية باتت تستهدف كل من يخالفهم في الاعتقاد حتى من المسلمين.
وقال الدكتور محمد حبيب، القيادي الإخواني السابق، إنه بعد توجيه الدولة المصرية لهؤلاء القتلة ضربات موجعة، وأصبح هناك تعامل حقيقي مؤلم لهم ونجاحات متعددة لأجهزة المعلومات وعمليات استباقية ناجحة، باتوا يبحثون عن هدف سهل، ولم يجدوا أسهل من مدنيين يصلون، مضيفا أن الإرهابيين هاجموا المسجد؛ لأنه تابع لقبيلة السواركة التي لها دور جيد وتعاون كبير مع الجيش والشرطة، ولأن الدواعش يكفرون الحكام والأنظمة والمتعاونيين معهم من مؤسسات أو إعلاميين أو قبائل جاء الانتقام من السواركة متمثلا في حادث تفجير "الروضة".
وتابع "حبيب": "المسجد مركز لمهاجمة الفكر الداعشي ويخوض حربا شرسة ضدهم ويحاول إصلاح عقول الشباب لذا تم مهاجمته، ومن الواضح أن العملية مدعومة دعما كاملا من مخابرات وأجهزة خارجية، فالتدريب واستخدام السلاح والتواصل المشترك بين المنفذين عالي المستوى، ولذلك لأبد من التأكيد أنها ليست عملية فردية أو جماعتيه محدودة وإنما هي عمل كبير ومدروس.
وأكد "حبيب"، أنه بعد سقوط داعش هرب الكثير من أنصارها ويحاولون إنشاء دولة جديدة في أي مكان سواء أفريقا أو أسيا ، مختتما "نحتاج لاستراتيجة كبرى للتعامل مع هذا الخطر المحدق".