النيل نجاشى
- أزمة سد النهضة
- أم كلثوم
- أمير الشعراء أحمد شوقى
- إثيوبيا م
- إثيوبيا والسودان
- التحكيم الدولى
- المرحلة الحالية
- حالة الغضب
- أراضي
- أزمة سد النهضة
- أم كلثوم
- أمير الشعراء أحمد شوقى
- إثيوبيا م
- إثيوبيا والسودان
- التحكيم الدولى
- المرحلة الحالية
- حالة الغضب
- أراضي
لم يغنّ شعب لنهر يجرى بين أراضيه كما غنى المصريون للنيل، ولم يغنّ أحد على النيل كما غنّينا. لعلك تذكر أغنية «النيل نجاشى» للموسيقار محمد عبدالوهاب، وتضم غزلاً رقيقاً كتبه أمير الشعراء أحمد شوقى فى النهر العظيم. كثيرون -غير «عبدالوهاب»- غنوا للنيل، كذلك فعلت أم كلثوم فى قصيدة «من أى عهد فى القرى تتدفق»، وأغنية «شمس الأصيل دهّبت خوص النخيل يا نيل»، وغنت نجاة «يا نيل يا أسمرانى»، وترنمت «شادية» بأغنية «على شط النيل». كثرة الغناء للنيل وعلى النيل تمنحك مؤشراً على رسوخ النهر فى أخاديد الوجدان المصرى. تاريخ الثراء فى مصر يرتبط بالنيل وخصبه، تماماً مثلما يرتبط تاريخ الجوع بالنهر وشحه.
وجد البعض خلال الأيام القليلة الماضية فى حالة الولع بالنيل مادة جيدة للهجوم على المطربة «شيرين»، واتهامها بالإساءة -قبل عام- إلى النيل، عندما طلب فرد من جمهورها غناء «مشربتش من نيلها»، فردت عليه قائلة: «ما بشربش م النيل عشان البلهارسيا». تزامنت حالة الغضب التى أبداها البعض ضد الفنانة «شيرين» مع البيان الصادر عن وزارة الرى، إعلاناً عن توقف المفاوضات الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا حول أزمة سد النهضة. ومن عجب أن البيان الخطير غرق فى نهر الغضب الذى لا تشرب منه «شيرين» خوفاً من «البلهارسيا»!. توقف المفاوضات نتيجة طبيعية، تأسيساً على ما سبق وأشرت له مراراً وتكراراً من أن إثيوبيا تعتمد سياسة المماطلة فى المفاوضات والتأجيل والتسويف بهدف كسب الوقت، وفرض الأمر الواقع، وهى مقدمات تفضى بالضرورة إلى هذه النتيجة، لكن الملفت أن نصل إلى هذه الحقيقة بعد أن فرغت إثيوبيا من بناء ما يزيد على نسبة 60% من السد. هل كنا نتعشم فى السودان؟. ظنى أن موقف السودان المعادى لحصة مصر التاريخية فى النيل كان واضحاً، وحرصها على مصالحها مع إثيوبيا كان أوضح، وبالتالى يصح أن نصف العشم فيها بالوهم.
الحديث عن الفائت نقصان حكمة، وحكى المحكى نقصان عقل. دعك مما حدث، المهم ما هو آت. سد النهضة يضعنا أمام تحدٍ وجودى خطير، فهل هناك سيناريو واضح للتعامل معه؟. تقديرى أن هذا هو السؤال الأهم فى اللحظة الحالية. ثمة أصوات تدعو إلى اللجوء إلى التحكيم الدولى، ويطالبون بالاعتماد فى هذا السياق على «إعلان المبادئ» الذى وقعته مصر وإثيوبيا والسودان عام 2015، ولست أدرى هل يمكن أن تخدم بنود هذا الإعلان الموقف المصرى أم لا؟، لكن الواضح أن لعبة التحكيم لن تكون مجدية بالصورة المطلوبة فى المرحلة الحالية، وقد يخدم إثيوبيا من زاوية توفير المزيد من الوقت لها حتى يكتمل بناء السد، ويبدأ الملء. ثمة أحاديث أيضاً عن جهود تبذلها الدولة من أجل تعظيم موارد مصر من مصادر المياه الأخرى، هذه الأحاديث تثير القلق أكثر مما تدفع إلى الاطمئنان، فلا معنى لأن تحل أزمة وقت وقوعها، هذه الجهود محمودة فى سياق النظر إلى المستقبل، وليس فى مدار التعامل مع مشكلات نقص المياه فى الحاضر. تُرى: هل هناك سيناريوهات أخرى ممكنة للتعامل مع الأزمة تحفظ لمصر حقوقها التى يريد «نجاشى الحبشة» السطو عليها؟.