واشنطن تحاول رسم تصوّر لـ"الوضع النهائي" في سوريا

كتب: وكالات

واشنطن تحاول رسم تصوّر لـ"الوضع النهائي" في سوريا

واشنطن تحاول رسم تصوّر لـ"الوضع النهائي" في سوريا

أكدت مصادر رسمية أمريكية وأخرى من المعارضة السورية، أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد تراجع حاليا سياسة الولايات المتحدة تجاه الأوضاع في سوريا وتحاول بذلك وضع تصوّر لـ"الوضع النهائي" هناك.

وأشارت مصادر "العربية.نت" إلى أن وزير الخارجية ريكس تيلرسون ومساعدوه في وزارة الخارجية يقومون بعمل أساسي في تحريك مسار المراجعة بين كل وكالات الدولة الامريكية، وقد طلب منها كلها، بما في ذلك وزارة الدفاع وأجهزة الاستخبارات، وضع خطط للوصول الى الاهداف السياسية والامنية في سوريا بما فيها عزل النفوذ الايراني.

الكلام الرسمي الذي يصدر عن الإدارة الآن يأتي بصيغة تكرّر ما قيل من قبل.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن سياستنا كانت وستبقى تقول إن مستقبل سوريا يقرره السوريون بما يتوافق مع قرار مجلس الامن الدولي 2254".

وأوضح المتحدث أن الإدارة الأمريكية تدعم مسار جنيف بقوة وتدعم "الجهود الساعية لمشاركة أكبر مجموعة من ممثلي السوريين في هذه المناقشات.

وذكرت "العربية.نت"، أن المعلومات تشير إلى أن المحصّلة الاولى التي وصلت إليها مجمل الوكالات الأمريكية إلى أن بشار الأسد يسيطر مع نظامه على مناطق واسعة من سوريا، ولا يجب أن تسمح الولايات المتحدة للنظام السوري بمدّ سيطرته على كامل أراضي سوريا، خصوصاً ان مدّ سيطرته الكاملة يعني قمع السوريين الذين انتفضوا على النظام الدكتاتوري في العام 2011 كما يعني تمدّد النفوذ الإيراني على كامل الأراضي السورية.

ويسعى المخططون الأمريكيون إلى تثبيت فكرة الحكم المحلّي في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية حالياً، مثل مناطق سيطرة الأكراد وقوات سوريا الديموقراطية والتي تمتد من الحدود الشمالية مع تركيا نزولاً إلى منبج والطبقة والرقا، وهي الآن تتجه إلى دير الزور والحدود مع العراق.

متحدث باسم وزارة الخارجية، من جهته، أكد أن "الولايات المتحدة مع دول التحالف والشركاء المحليين تعمل على الاستقرار في المناطق المحررة" أما المتابعين للاوضاع على الأرض فيلاحظون أن الولايات المتحدة سعت خلال الأشهر الماضية إلى مساعدة أهالي المدن إلى تشكيل مجالس محلية لتعنى بشؤونها بدون العودة إلى السلطة المركزية وهي تناقش الآن توسيع فكرة المجالس المحلية ليمتدّ أسلوب العمل إلى مناطق أوسع تشمل المدن واريافها.

ويرى المخططون الأمريكيون بالاساس أنه يجب توفير الأمن والدورة الاقتصادية في هذه المناطق لتتمكّن من إدارة شؤونها وتسعى واشنطن الى ضمان هذا الأمن من خلال التوافق مع روسيا على مناطق منع التوتر كما تريد ان تتلقّى هذه المناطق مساعدات مالية من دول مانحة مثل السعودية و الامارات و الكويت.

ويشدّد الامريكيون كثيراً على نزع الالغام خصوصاً ان تنظيم داعش زرع الكثير منها وستأخذخ وقتاً، ويقولون ايضاً ان جهود استعادة الاستقرار تشمل المساعدة على ضمان الخدمات الضرورية بما يسمح للسكان بالعودة الى منازلهم ويشمل هذا وصول المياه والعناية الطبية وحتى المساعدات الزراعية.

وتشمل الخطط الأمريكية لمنع تمدّد النفوذ الإيراني على الأراضي السورية، منع وصول قوات ايرانية والميليشيات الموالية لها الى جنوب سوريا، والتأكد من عدم دخولها ايضاً الى منطقة إدلب بعد القضاء على تنظيم النصرة، كما أن الأمريكيين يسعون بجهد الى وصول قوات حليفة لهم من العشائر العربية السنية الى الحدود مع العراق، لذلك يتمسكون منذ اشهر بقاعدة عسكرية وقوات من المعارضة في منطقة التنف السورية، ومثلث الحدود مع الاردن و ايران، ويريدون الوصول الى الحدود بين منطقة البوكمال العراقية ودير الزور.

وفي مقابل منع النفوذ الايراني، ترى الولايات المتحدة الآن ان الدول العربية، وبالاخص السعودية، تستطيع ان تقوم بدور كبير لترتيب الاوضاع في سوريا، فالدول العربية تستطيع مساعدة أهالي هذه المناطق غير الخاضعة للنظام سياسياً واقتصادياً، فهي من جهة تقدّم لهم بعداً عربياً سنّياً يواجه المدّ الايراني، كما تمنع وقوعهم في شعور القهر، وهو شعور يفتح الباب امام نموّ تنظيمات متطرفة مثل النصرة والقاعدة وداعش فتعود اليهم هذه التنظيمات باسماء مختلفة بعد اشهر او سنوات قليلة، كما حصل في العراق مرتين، عندما سقط نظام صدام حسين وبعدما انسحب الأمريكيون من العراق العام 2011.

ويواجه الأمريكيون أسئلة كبيرة حول من يتعاون مع من في سوريا، وتبدو الصورة الآن أكثر وضوحاً. فالامريكيون يرون تعاوناً واضحاً من قبل البريطانيين والفرنسيين سياسياً وأمنياً، ولديهم التزامات اقتصادية من قبل الحليفين الاوروبيين لمساعدة المناطق المحررة من داعش والنصرة. أما روسيا فهي غريم وشريك في الوقت ذاته.

فروسيا تريد أن ينتصر النظام لكنها لا تستطيع مساعدته على إعادة السيطرة إلى كل الأراضي السورية، كما أن روسيا ليست مرتاحة بالكامل إلى تمدّد النفوذ الايراني على كامل أراضي سوريا.

وردّاً على سؤال "للعربية.نت" قال متحدث باسم وزراة الخارجية الامريكية "اننا نتابع العمل مع روسيا، نعمل مع روسيا في مجال عدم الاحتكاك وفي مجال خفض التصعيد خصوصاً في منطقة جنوب غرب سوريا". ويرى الأمريكيون الآن ان بإستطاعتهم التعاون مع موسكو للوصول إلى تفاهم حول "الوضع النهائي" في سوريا، وهذا يعني بالنسبة للامريكيين خروج بشار الاسد من السلطة من خلال مسار جنيف والقرارات الدولية التي وافقت عليها روسيا.

اما الوصول الى هذا "الوضع النهائي" فيتطلّب اعادة هيكلة او اعادة بناء مجلس للمعارضة السورية تتمتع بتمثيل واسع على الارض، وتستطيع الدول الداعمة لسوريا ان تقدّم لها الدعم السياسي لتجلس الى الطاولة، وتتفاوض مع النظام السوري على آلية سياسية.

لا تبدو كل هذه الامور بعيدة المنال، فالاوضاع العسكرية على الارض قاربة خواتيمها في سوريا، تنظيم داعش بات محاصراً في رقعة لا تشكل أكثر من خمسة بالمئة من سوريا، وتنظيم النصرة يسيطر على منطقة اصغر من ذلك، ونظام التهدئة يكاد يعمّ المناطق السورية، وتوزيع الخريطة بين الاطراف، معارضة ونظام، بات متكاملاً، وربما يشهد الاسبوعان المقبلان وضع اللمسات الاخيرة على السياسة الامريكية في سوريا، حيث من المنتظر ان يجتمع الرئيس الامريكي دونالد ترامب مع مجلس الامن القومي ويكون وزيرالخارجية ريكس تيللرسون انهى جولته في المنطقة.

كما من المنتظر ان يبدأ العمل من جديد على اعادة تشكيل مجلس للمعارضة السورية وقد تأجّل اجتماعها لأخذ مزيد من الوقت وفي إطار السعي لجمع مجلس يمثّل السوريين ما يعني توافقاً بين اجنحة المعارضة السورية والدول الداعمة لها.


مواضيع متعلقة