مفتي القدس: بعض المسلمين يساعدون على تحقيق مآرب المتربصين بهم

كتب: سعيد حجازي وعبدالوهاب عيسي

مفتي القدس: بعض المسلمين يساعدون على تحقيق مآرب المتربصين بهم

مفتي القدس: بعض المسلمين يساعدون على تحقيق مآرب المتربصين بهم

قدم الشيخ محمد أحمد حسين المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية بحث للأمانة العام لدور وهيئات الفتوي في العالم برئاسة الدكتور شوقي علام حول "من فوضى الإرهاب إلى فوضى الإسلاموفوبيا".

وقال "حسين"، في نص البحث: وصم الإسلام بالإرهاب والتطرف فيه غلو وظلم، وينبع من حقد لهذا الدين الحنيف وبغض له، وبعض المسلمين يساعدون على تحقيق مآرب المتربصين بهم وبإسلامهم، من خلال أعمالهم الفظة، ومواقفهم المتعنتة التي تشوه الدين، وتعطي صورة قاتمة عنه، ومن ذلك ما بات يعرف لدى كثير من الأوساط، وبخاصة الثقافية والإعلامية والسياسية بظاهرة (الإسلاموفوبيا) التي تعبر عن خوف من جبروت الإسلام وطغيانه، وهو من ذلك براء، فلا شك أن الأمة الإسلامية تمر بمحن عظيمة وإحن مدلهمة، ويتردى حالها من خطب إلى أشد منه، ولا يخفى على بصير ما تدور رحاه في ديار الإسلام، حيث عادت إليها فتن التكفير والإرهاب، وفكر الخوارج من جديد، وقد بلغت مبلغًا تطيش به العقول، من الهرج والسبي والدمار والتهجير واللجوء، ولا يكاد أوار هذه الفتنة يخبو حتى تعلو جذوته مجددًا، ولولا بشارة النبي صلى الله عليه وسلم بانقطاع هذه الفتنة وأفول نجمها، لخلص الإياس إلى القلوب، وأعمل الشر فيها، ثم لم تكد الأمة تصحو من وهدتها، حتى تجد نفسها ترزح في أتون حرب تستعر من عداء الإسلام، وكراهية المسلمين، نتيجة للإرهاب وعوامل أخرى؛ كالتعصب القومي، والتعصب الديني، والعنصرية البغضاء، وغير ذلك، فكان لا بد من الوقوف على أبعاد هذه الظاهرة ورصدها، وصولًا إلى وسائل مجابهتها ودفعها

وأضاف: « شاع في الآونة الأخيرة التعبير بهذا المصطلح عن ظاهرة الخوف من الإسلام، ومعاداة المسلمين والتمييز ضدهم، ورغم اختلاف الباحثين في التأريخ لأصل ظهور هذا المصطلح، إلا أنهم متفقون على أن نجمه سطع بعيد أحداث أيلول 2001م، حيث مثل هذا التاريخ انفجارًا عظيمًا لأزمتين هما: الإرهاب والإسلاموفوبيا، وقد تعاطى العالم مع هاتين الأزمتين بأسوأ الخيارات المتاحة، وعملوا على معالجة الآثار بدلًا من التنقيب عن المسببات، فازداد الأمر ضغثًا على إبالة، واستطار شرر الإسلاموفوبيا، وبلغ مبلغًا خطيرًا، فعلى سبيل المثال تشير إحصائية صادرة عن مركز الإحصاء الأمريكي Brookings عام 2015م إلى أن الإسلام والمسلمين مدعاة للخوف والقلق عند 61% من الأمريكيين([9]).

وقال مفتي القدس: تجلت الإسلاموفوبيا في مظاهر عدة، اجتاحت العالم الغربي، منها، الخطاب اليميني المتطرف الذي أذكى الشعور المناوئ للمسلمين، وأسهم في تكريس الخوف منهم، لا سيما إبان الحملات الانتخابية، والتحريض في وسائل الإعلام، من خلال التقارير الإخبارية المتحيزة والموضوعة في قالب عنصري، وسعي المؤسسات القانونية والرسمية إلى سن قوانين وتشريعات تحت تأثير مشاعر الكراهية والعداء المتنامية تجاه المسلمين، كان آخرها قرار محكمة العدل الأوروبية حول منع ارتداء الحجاب في أماكن العمل، كذلك الأعمال العدائية الإرهابية ضد المسلمين، والمساجد، والمقابر، والمراكز الإسلامية، والمظاهرات ضد هجرة المسلمين والشريعة الإسلامية، قال د. يوسف بن أحمد العثيمين - الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي: "المسلمون قد جرى ترهيبهم ومُورِسَ التمييزُ ضدهم، كما أُهِينَت رموز إسلامية مقدسة، واستهدفت جرائم الكراهية أناسًا يرتدون زيًّا إسلاميًّا، وأسيئت معاملة سيدات يرتدين الحجاب في الشوارع والأماكن العامة، كما حظرت بعض الحكومات الزي الإسلامي، أو فرضت قيودًا على المسلمين للحصول على مَرَافق لأداء الصلاة، وقام سياسيون يمينيون ووسائل إعلام بنشر صور سيئة عن الإسلام".

 وأوضح المفتي أن دوافع الإسلاموفوبيا عدة تسهم في إذكائها، ولا بد لمحاربتها من الوقوف عليها، واستبانة كيفية تأثيرها، للعمل على مواجهتها، ومن أبرز هذه الدوافع، الإرهاب، حيث شكلت عمليات الإرهاب والقتل التي اجتاحت العالم ودول الغرب المبرِّرَ الأول لمعاداة الإسلام والمسلمين، على اعتبار أن الإسلام هو الدافع وراء هذه الأعمال الإرهابية، فهناك من يسعي لتأصيل الحرب بين الإسلام والآخر، في مسعى لتبرير سياسات تنتهجها أنظمة تتميز بقدرتها على ليّ عنق الحقيقة للوصول إلى أهداف اقتصادية، أو إستراتيجية، أو حتى فرض هيمنة غير مسوّغة، كذلك  النزعة القومية الشعبوية، والتعصب الديني ومعاداة الإسلام ، والموروث القديم وتاريخ الصراع الطويل بين الشرق والغرب، واستغلال حرية الرأي والتعبير في تمرير العداء للإسلام وبثه، كذلك موجات اللجوء إلى أوروبا والغرب لكون هؤلاء اللاجئين ضحايا للإرهاب، فقد صاروا سببًا للإسلاموفوبيا، كذلك الخوف على الثقافة المحلية وفرضها على المهاجرين واللاجئين، والسبب الأخير هو  الإسلام الليبرالي.

 

وحدد المفتي كيفية  مواجهة الإسلاموفوبيا،من خلال محاربة الإرهاب على شتى الأصعدة، لا سيما الفكرية منها، ووضع خطة منهجية للقضاء على الإرهاب وتجفيف منابعه، مع ضرورة الاتفاق على ماهية الإرهاب، وإزالة الضبابية التي تكتنف تعريفه، منعًا لاستغلال مسمى الإرهاب في محاربة الإسلام، ودحضًا للازدواجية الغربية في محاربة الإرهاب، والانتقائية في توجيه الاتهامات بالإرهاب، والقيام بدور أكثر فاعلية في إيضاح صورة الإسلام لدى المرء الغربي، وفصل الصورة الحقيقية عن تلك المزيفة التي رسمتها الآلة الإعلامية التي تحركها الأهواء السياسية، والنزعات الدينية المتطرفة القائمة على الحقد والجهل والكراهية، ووضع خطة إعلامية واضحة المعالم لتحقيق ذلك، مع توفير الدعم اللازم لها، ودعم الاتجاهات المضادة لليمين المتطرف في الدول الغربية ببيانات موضحة للحقيقة، وشتى أنواع الدعم، كذلك متابعة شؤون الأقليات المسلمة، ورصد الانتهاكات ضدها، والضغط على الدول الغربية لحمايتها وصيانة حقوقها الدينية، والعمل على جعل الإسلاموفوبيا جريمة بمثابة لا تقل عن معاداة السامية عند الغرب، ومواجهة الاتجاهات الليبرالية في تفسير الإسلام، والتي يدعمها الغرب خوفًا من الإسلام الحقيقي، وضرورة إطفاء نار الحروب المستعرة في ديار المسلمين، والتي أفضت إلى جعل مواطن الحروب بمثابة عش الدبابير للإرهابيين، وأفضت إلى موجات لجوء ضخمة خسر المسلمون بسببها كثيرًا.

 

 


مواضيع متعلقة