صفية العمرى: أفلام البلطجة تشوه صورة مصر.. وجيل الممثلين الحالى بلا انتماء

كتب: خالد فرج

صفية العمرى: أفلام البلطجة تشوه صورة مصر.. وجيل الممثلين الحالى بلا انتماء

صفية العمرى: أفلام البلطجة تشوه صورة مصر.. وجيل الممثلين الحالى بلا انتماء

قالت الفنانة القديرة صفية العمرى إنها كانت تتمنى حضور أبنائها لحظة تكريمها من مهرجان «الإسكندرية السينمائى» فى دورته المنقضية، مضيفة أنها تأثرت من إصرار الفنان الكبير حسين فهمى على تسليمها درع التكريم بنفسه رغم وجود حلمى النمنم، وزير الثقافة، والأمير أباظة، رئيس المهرجان. «العمرى»، فى حوارها مع «الوطن»، أعلنت رفضها لأفلام البلطجة لأنها تسىء لصورة مصر، بحسب قولها، كما أعربت عن اندهاشها من تركيز الأعمال الفنية على سلبيات البلد، وأوضحت موقفها من تقديم قصة حياتها على الشاشة حال تلقيها عرضاً بذلك، وكشفت عن الجديد لديها من الأعمال الفنية.

{long_qoute_1}

كيف استقبلتِ نبأ تكريمك من مهرجان «الإسكندرية السينمائى»؟

- اعتذرت عن التكريم فى بادئ الأمر، نظراً لمرورى بحالة نفسية سيئة جرّاء وفاة شقيقتى فى ذاك التوقيت، وهنا أشكر الأستاذ الأمير أباظة، رئيس المهرجان، لأنه كان كريماً وصبوراً حين طلبت منه مهلة زمنية لاستعادة توازنى، حيث أمهلنى شهراً كاملاً ثم حدّثنى مجدداً، وحينها وجدت أنه لا يجوز أن أعتذر عن التكريم للمرة الثانية، خاصة أن «الإسكندرية السينمائى» يُعد ثانى أهم وأكبر المهرجانات السينمائية فى مصر بعد «القاهرة السينمائى» الذى نلت تكريماً منه فى إحدى دوراته.

ما الذكريات التى جالت بخاطرك لحظة التكريم؟ ومن كنتِ تتمنين وجوده معكِ آنذاك؟

- لا أدرى، بحكم شعورى بالارتباك وقت صعودى على المسرح، ومع ذلك ألقيت كلمة على الحضور لأول مرة فى مشوارى، لأننى لم أنبس ببنت شفة لحظة تكريمى من مهرجان القاهرة، حيث ظللت حينها أخطو خطوة للإمام وأخرى للوراء، ولكنى سعدت بتكريم «الإسكندرية السينمائى»، وشعرت أنها لحظة سعيدة فى حياتى، لما تحمله من تقدير لمشوارى الفنى، ودعوة صريحة للاستمرار فى العطاء، كما أن التكريم بشكل عام يثير حماسة الفنان، ويدفعه للسعى نحو تقديم أعمال أفضل لنيل تكريمات جديدة، أما عن الشق الثانى من سؤالك، فكنت أتمنى حضور أبنائى لحظة تكريمى، بحكم أنهم الأغلى فى حياتى، ولكن تعذّر وجودهم لأنهم مقيمون خارج مصر.

هل تضعك التكريمات فى مسئولية إزاء اختيار أدوارك التى تتلقين عروضاً بشأنها؟

- نعم، ولذلك رفضت أخيراً أدواراً لم تنل إعجابى، إذ وجدتها غير ملائمة للمكانة التى أحبنى الجمهور فيها، حيث أتمنى تقديم شخصيات فى السينما أتفوق فيها، وأطرح عبرها أحاسيس وقضايا معينة، وحينها قد يشارك هذا الفيلم فى أحد المهرجانات السينمائية وينال جائزة، وليس بالضرورى أن أحصل على جائزة عنه.

اعتذارك عن تلك الأدوار سببه طبيعتها ومضمونها أم مساحتها؟

- لا أقيس الأدوار بمساحاتها على الإطلاق، لإيمانى بأن مشهداً واحداً ربما يترك بصمة وتأثيراً عند المتلقى، بدليل دورى فى فيلم «تلك الأيام» الذى لم يكن كبير المساحة، ولكنه كان مفعماً بالتحدى والجرأة والشجاعة منى، بحكم تجسيدى لوالدة محمود حميدة، بحسب الأحداث، وانطلاقاً من هذا المثال، فأنا أحب هذا النوع من الفن الذى يمثل تحدياً لشخصى، ويُشكّل صدمة لمن يشاهدنى فى شخصية غير تقليدية، وهنا يكمن نجاح الفنان فى التلون عبر أدوار عديدة، ولكن اعتذارى عن تلك الأدوار سببه أننى لم أحبها ولم أجد نفسى فيها.

معنى كلامك أن هناك أزمة فى سيناريوهات الأعمال الفنية؟

- هناك أعمال لا أتمكن من قراءتها لنهايتها، إذ أطلع على أول صفحتين منها ولا أنجذب إليها، بحكم أن مؤلفها استهل كتابتها ببداية ساذجة، كاللون الفنى المنتشر حالياً الخاص بأفلام البلطجة والعنف، فتلك الأعمال لا تجذبنى ولا أحبها من الأساس.

ولكن تلك الأفلام تستمد مضمونها من الشارع المصرى، وبالتالى تقديمها أمر مقبول بما أن الفن مرآة للواقع؟

- بما أننى أعيش هذا الواقع وأشعر بالاشمئزاز منه، فلماذا نعرضه على الشاشة إذاً؟ لماذا الإلحاح الفنى على إبراز سلبيات مصر؟ أرفض تشويه بلادى رغم سلبياتها، وأتمنى أن نصدّر صورة جميلة عنها كما يفعل الغرب، ولنا فى تركيا خير مثال، بعدما أنعشت السياحة لديها بالدراما التى حين تعرض منزلاً فقيراً تُظهره فى أبهى صورة، ومع ذلك ورغم امتلاك مصر عوامل طبيعية وجغرافية عديدة، ولن أتحدث هنا عن الآثار المصرية، وإنما عن البحرين الأحمر والأبيض المتوسط والمساحات الصحراوية الشاسعة وأماكن التصوير الرائعة، فإن العالم أجمع «طفش» من مصر وتوجه للمغرب التى فتحت أسواقاً كبيرة جداً، بسبب البيروقراطية التى تعانى منها بلادنا، ومع ذلك أرفض إظهار سلبياتنا بالفجاجة المنتشرة حالياً.

وماذا عن موقفك من الألفاظ الخارجة التى تتضمنها بعض الأعمال الفنية أحياناً؟

- إذا كانت تلك الألفاظ منتشرة فى الشارع فلا بد من مراعاة سكان البيوت والأطفال ممن يشاهدون المسلسلات والأفلام عبر التليفزيون، حيث يجب احترام مشاعرهم بعدم تلفظ الأبطال بألفاظ جارحة وما شابه.

{long_qoute_2}

وما طبيعة الموضوعات التى تتمنين مشاهدتها على الشاشة؟

- هناك قصص كفاح عظيمة، وموضوعات وطنية واجتماعية يمكن تناولها، كما أن الواقع يتضمن إيجابيات عديدة، فلماذا لا نبرزها إذن؟ لماذا الإلحاح على تصدير السلبيات فى أعمالنا الفنية؟.

على ذكرك لقصص الكفاح.. ما موقفك إذا ما تلقيتِ عرضاً بتقديم قصة حياتك فى مسلسل تليفزيونى؟

- أرفض تقديم قصة حياتى على الشاشة، لأنها خالية من الإثارة فى كل مراحلها، والأمر ذاته بالنسبة لكتابة المذكرات أيضاً.

بالعودة إلى لحظة التكريم.. كيف استقبلتِ إصرار الفنان حسين فهمى على تسليمك الدرع رغم وجود وزير الثقافة ورئيس المهرجان؟

- كانت لحظة مؤثرة إلى أقصى درجة، ولم ألتفت إليها لحظة التكريم نفسه، وإنما انتبهت لها حينما حدّثنى أشقائى بشأنها، حيث وجدتها حركة «شيك» وإنسانية، وتنم عن الحميمية فى علاقة الزمالة والصداقة التى تربط جيلنا ببعضه، والتى باتت مفتقدة فى الجيل الحالى من الممثلين.

وما سبب افتقاد الجيل الحالى لتلك العلاقة، بحسب كلامك؟

- لا أدرى، ولكن هذا الجيل بلا انتماء فى رأيى ورأى الكثيرين، فلا تجده متواصلاً مع الأجيال السابقة، وحينما نوجد معاً فى مهرجانات سينمائية ينزوون جانباً، وبالتالى لا ألمس المشاعر التى كانت تربطنى بأبناء جيلى.

هل تغير مفهوم النجومية عما كان عليه فى فترات سابقة؟

- نعم، لأن الوصول للنجومية لم يكن سهلاً، وإنما كان يستلزم كفاحاً وحفراً فى الصخر ليثبت الفنان نفسه، أما حالياً فتجد الممثل يقدم عملاً واحداً فيصبح نجماً، وأضحك كثيراً حينما يتحدث «ابن امبارح» عن تاريخه الفنى، وأسأله: «انت لحقت تعمل تاريخ عشان اقراه؟».

كيف كانت ردة فعلك حينما علمتِ بنبأ اعتزال النجمين الكبيرين يوسف شعبان ومحمود الجندى؟

- «اتقهرت» عندما شاهدت فناناً كبيراً بحجم يوسف شعبان يتحدث فى مقابلة تليفزيونية معه قائلاً: «أنا ماعتزلتش ولكن هما اللى عزلونى»، وهنا أتساءل: «هل الأبطال فى الأفلام والمسلسلات بلا عائلة؟ أليس لديهم آباء وأمهات وخالات وأعمام... إلخ؟ وبعيداً عن هذه الجزئية، تجد نجم العمل أو النجمة يتقاضون ملايين الجنيهات، وفى المقابل يتقاضى الفنان صاحب التاريخ الطويل الفتات، وهذا يُحدث كسراً وشرخاً فى نفس الأخير، كما لا بد أن تُكتب أدوار للفنانين الكبار، بحيث يحدث مزج بينهم وبين النجوم الحاليين، لأن هذا المزج سيسهم فى مضاعفة قيمة العمل نفسه، وهنا لا بد أن نلقى نظرة على ما يحدث فى الخارج، حيث يكتب المؤلفون أعمالاً لكبار الفنانين، وأذكر هنا الفنانة الأمريكية ميريل ستريب، التى تحصل على جائزة الأوسكار سنوياً، «الست دى تعبت من كتر ما شالت الأوسكار»، حيث تُكتب لها أدوار أوصلتها لحالة من النضج الفنى، والسلاسة فى الأداء، والتنوع والاختلاف فى الشخصيات، ولكن الفنان فى مصر كلما يكبر فى العمر يقل أجره وقيمته فنياً، ويُحكم عليه بأن يظل مبتلعاً للمرار.

هل ترين أن نقابة المهن التمثيلية لا بد أن يكون لها دور فعال فى تشغيل كبار الفنانين؟

- سمعت أنهم كانوا بصدد تنفيذ ما جاء بسؤالك، ولكن هذا لم يحدث على أرض الواقع، ولكن دعنا نعترف أنه لم يعد هناك المنتج الفنان الذى كان يجمع نجوماً عديدة فى عمل واحد، بحيث تزداد أهمية وقيمة العمل من جانب، ويشعر المتلقى بالاستمتاع بكل هذه الشخصيات عند المشاهدة.

ما حقيقة ندمك على المشاركة فى الجزء السادس من مسلسل «ليالى الحلمية»؟

- أتحفظ عن الحديث عن هذا العمل.

وما رأيك فى ظاهرة إعادة تقديم المسلسلات والأفلام القديمة مجدداً بأبطال جدد؟

- أرفض تلك الظاهرة لأن مصيرها هو الفشل، سواء كانت تلك الأعمال داخل مصر أو خارجها، لأن الجمهور أحب العمل الأصلى بأبطاله وقصته وأحداثه.. إلخ، ومن ثم فإعادة تقديمها مجدداً لن ينال قبولاً لديه.

رفضك هذا كان قبل مشاركتك فى «ليالى الحلمية 6» أم بعدها؟

- «طول عمرى ده رأيى، مش بحب إن الأعمال يتعاد تقديمها تانى».

ولماذا وافقتِ إذاً على «ليالى الحلمية 6» بالمخالفة لرأيك؟

- لا أود الحديث عن هذا المسلسل مثلما أشرت سلفاً.

ما الجديد لديكِ خلال المرحلة المقبلة؟

- تلقيت عرضين أحدهما لفيلم والآخر لمسلسل، ولكنى لن أحسم قرارى حيالهما إلا بعد قراءة السيناريوهين، لأنى لست من الفنانين الذى يطلعون على أدوارهم فقط، وإنما لا بد أن أقرأ العمل كاملاً لحسم موقفى بشأنه.

 

صفية العمرى أثناء حوارها لـ«الوطن»


مواضيع متعلقة