خطة الحكومة لـ«مكافحة الفساد»: هيكلة «الصناديق الخاصة» ومنع ظاهرة «مقاولى الباطن».. ومواجهة «غسيل الأموال»

كتب: ماهر هنداوى

خطة الحكومة لـ«مكافحة الفساد»: هيكلة «الصناديق الخاصة» ومنع ظاهرة «مقاولى الباطن».. ومواجهة «غسيل الأموال»

خطة الحكومة لـ«مكافحة الفساد»: هيكلة «الصناديق الخاصة» ومنع ظاهرة «مقاولى الباطن».. ومواجهة «غسيل الأموال»

كشفت مصادر حكومية مطلعة أن وزارة التنمية المحلية بدأت أولى خطواتها، على أرض الواقع بوضع خطة متكاملة لمكافحة الفساد وتفعيل نظام اللامركزية والحوكمة، التى أوصى بها مؤتمر «مكافحة الفساد والحوكمة» الذى عقدته فى سبتمبر الماضى، بالتنسيقية مع الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد الصادرة عن اللجنة الفرعية التنسيقة لمكافحة الفساد 2014-2018 قبل انتهاء العام المقبل، وكذلك تنفيذاً لتوصيات مجلس المحافظين الذى عقد فى الأسبوع الأخير من أغسطس الماضى، لخلق جهاز إدارى للدولة ومحليات خالية من الفساد، أو على الأقل تطهيرها.

وأكدت المصادر أن الحكومة ممثلة فى وزارات «التنمية المحلية، التخطيط، العدل» والهيئات والأجهزة المعنية، جادة وعازمة بكل قوة لتطهير الجهاز الإدارى للدولة، لمكافحة الفساد لإحداث نقلة نوعية بين موظفى الحكومة وفى تقديم الخدمات للمواطنين، موضحة أن خطة الوزارة المقترحة لمكافحة الفساد وتطبيق الحوكمة هى مزيج من الخطة الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، التى نشرها الموقع الإلكترونى الرسمى لهيئة الرقابة الإدارية، وبين خطة التنمية المحلية لتطهير المحليات بالمحافظات من الفساد وإرساء كل قواعد الشفافية والنزاهة، ومبادئ العدالة الاجتماعية.

{long_qoute_1}

وحصلت «الوطن» على أهم بنود وقواعد خطة مكافحة الفساد والحوكمة، وتتضمن إنشاء مراكز لمكافحة الفساد بالمحافظات، وتفعيل أصول اللامركزية باعتبارها إحدى الوسائل المهمة لمكافحة الفساد، وترتكز على نقل السلطة والمسئولية الإدارية رأساً من المستويات العليا (الأدنى أو أفقياً) إلى سلطات أخرى مساوية، وإيجاد أجهزة أو كيانات منفصلة بموجب القانون عن الحكومة المركزية ويكون لممثليها المحليين المنتخبين سلطة رسمية فى اتخاذ القرار فى عدد من المسائل العامة، وكذلك تحقيق الديمقراطية والحكم الرشيد، وزيادة فعالية توصيل وأداء الخدمات العامة، والسماح بزيادة المشاركة المجتمعية فى الشئون العامة، وزيادة درجة الشفافية والمحاسبة للبيروقراطية وللممثلين المنتخبين وللمؤسسات السياسية، وزيادة العدالة فى توزيع الموارد وزيادة التنمية المجتمعية.

كما تضمنت الخطة المتكاملة لمكافحة الفساد عدة إجراءات، أهمها فيما يتعلق بمكافحة الفساد عن طريق تفعيل اللامركزية، والحوكمة، ومنها توفير أدوات قوية لمحاربة الفساد وإيجاد المساءلة القانونية والمحاسبة على المستوى المحلى، وتقليل حرية الحكومة المركزية فى التصرف، باعتبار أن الإقلال من حرية البيروقراطية المركزية والتنفيذية فى التصرف، وتقوية الحكومات المحلية من شأنه تقليل الفساد خصوصاً إذا ما ارتبط بتوافر شروط ومواصفات معينة على المستوى المحلى، وتطبيق اللامركزية المالية بتوسع كبير فى وحدات الجهاز الإدارى للدولة، بمعنى أن كل موظف مسئول عن تصرفاته المالية، فى كل وحدة بالجهاز الإدارى للدولة، مما يجعل الدافع عنده لتحرى الدقة، وعدم مخالفة القانون، أقوى مما كان عليه الوضع، فى التحكم المركزى، فيما يخص الشئون والإجراءات المالية.

ونصت البنود أيضاً على ضرورة وضع نصوص تشريعية، بالتنسيق مع مجلس النواب لتحقيق العدالة الضريبية والحد من التهرب الجمركى، وزيادة ميزانية وموارد الأجهزة الرقابية، للحد من الظواهر السلبية والمخالفات المالية والقانونية مثل غسيل الأموال، والرشاوى بأشكالها المتعددة، مع تعزيز دور المواطنين فى المشاركة فى الإبلاغ عن مثل هذه المخالفات والجرائم، مع تفعيل دور وأهمية نظام الشباك الواحد، وفصل الموظف مقدم الخدمة عن المواطنين بشكل مباشر، بتعميم الميكنة فى كل وحدات الجهاز الإدارى للدولة. كما نصت بنود الخطة على تطهير الوحدات بالجهاز الإدارى بما فيها الوحدات المحلية، وتقليل نسب الفساد عن طريق مواجهة نقص الشفافية، والمحاسبة فى النظام الحكومى، وإعطاء السلطة للمسئولين المحليين فى تخصيص الموارد المحلية، وما يترتب على ذلك من استقلالية مالية للوحدات الصغرى بالجهاز الإدارى للدولة، فضلاً عن تشجيع ووضع برامج للمشاركة الشعبية، مما سيكون له دور كبير فى محاربة الفساد وتقليصه، وذلك عن طريق الإبلاغ عن حالات الفساد لموظفى الحكومة المتورطين كلما أمكن.

{long_qoute_2}

وأظهرت الخطة أن كل التقارير التى أعدتها وزارة التنمية المحلية، بالتنسيق مع لجان الشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد، أثبتت أن الإدارات الضعيفة فى تطبيق مبادرات اللامركزية تساعد دائماً فى مضاعفة الفساد فى الوظائف الحكومية، بكل مظاهره، وصوره المتنوعة.

وتضمنت ضرورة التوسع فى تطبيق قواعد المحاسبة والشفافية، التى يؤدى نقصها إلى إساءة استخدام الموارد العامة للدولة، مع الاستعانة فى بعض الحالات بالأجهزة المتخصصة فى مكافحة الفساد، وذلك لتشديد الرقابة على سلوك وأنشطة موظفى الحكم المحلى، موصية بضرورة إلغاء الازدواجية فى الإشراف على أجهزة الإدارة المحلية بين السلطة المركزية والقيادات المحلية، مما ساعد فى العقود السابقة على ظهور ثغرات يمكن أن ينطلق منها الفساد.

وأكدت الخطة ضرورة إعادة هيكلة الصناديق الخاصة فى المحافظات، والتى أثبتت التقارير أنها متعددة وتدار من خلال الصلاحيات الكبيرة للمحافظين، ولا يتم إدراج حصيلتها وميزانيتها فى الميزانية العامة للدولة، وهو ما يمثل خطراً كبيراً لارتكاب وقائع فساد، لا سيما أنها لا تخضع للقواعد المحاسبية المتعارف عليها، ما يتيح مجالاً واسعاً لارتكاب وقائع فساد، سواء مقننة أو غير مقننة. وأوصت الخطة بضرورة عرض ميزانيات وحصيلة «الصناديق الخاصة» على مجلس النواب، على الرغم من أنه يتعين خضوعها لمراجعة الجهات الرقابية مثل هيئة الرقابة الإدارية والجهاز المركزى للمحاسبات، خاصة أن القوانين التى أنشئت على أساسها الصناديق الخاصة، نصت على ألا تقتصر على سلطة رئيس الجمهورية فقط بل تمتد لتشمل المحافظين، ورؤساء المدن والمراكز والقرى، وهو ما أدى إلى التوسع بشكل كبير فى إنشائها وصعوبة حصرها، وإحكام الرقابة عليها، مما جعل الصناديق الخاصة مجالاً خصباً للفساد، وارتكاب جرائم تتعلق بها مع ضرورة التوسع فى إقرارات الذمة المالية لجميع موظفى الجهاز الإدارى للدولة، بما فيه موظفو المحليات.

كما تضمنت الخطة المتكاملة ضرورة وضع حد لاستمرار عدم الكفاءة فى التنفيذ نتيجة لتعدد مقاولى الباطن فى بعض المشروعات الخاصة ببعض الجهات الحكومية، مما يمثل إهداراً للمال العام، وهى ظاهرة منتشرة فى أكثر من جهة بالجهاز الإدارى للدولة.

كما وضعت الخطة بنوداً متعددة لمواجهة الفساد فى المحافظات، ومنها وضع حد أقصى لمدة عمل رؤساء المدن والمراكز، فى مناصبهم أياً كانت بحيث لا تزيد على ثلاث سنوات، وتدعيم سلطة المجالس المحلية فى مختلف مستوياتها إزاء الأجهزة التنفيذية الموازية لها، وزيادة قدراتها على الحساب والرقابة وسحب الثقة من القيادات التنفيذية التى تهمل فى أداء مهامها، وزيادة دور مؤسسات المجتمع المدنى والمنظمات الشعبية فى نشاط الإدارة والتنمية المحلية للاستفادة من أنشطتها وجهودها فى مكافحة الفساد، وتشجيع تولى موظفى الإدارة المحلية والذين يتمتعون بالكفاءة والمهارة اللازمة للمواقع القيادية المختلفة على المستوى المحلى، حتى لا تكون الغلبة فى تولى هذه المناصب لمن هم من خارج الإدارة المحلية، كما تضمنت الخطة المتكاملة التوصية بضرورة ضبط عملية الإنفاق فى الجهاز الإدارى للدولة خاصة فيما يتعلق بالمشتريات الحكومية، حيث أكدت تقارير الجهات الرقابية على هذه القطاعات بمؤسسات الجهاز الإدارى للدولة أن هناك مبالغة فى الإنفاق الحكومى، مما يؤدى إلى توجيه موارد الدولة توجيهاً خاطئاً.


مواضيع متعلقة