«المنطقة الصناعية».. انقطاع «الكهرباء والمياه» وسوء حالة الطرق يغلق نصف المصانع
عمال الرخام يعملون رغم ضعف الإمكانات
طرق غير ممهدة، مياه مقطوعة معظم الوقت، والمصانع المغلقة أكثر من العاملة، ومستثمرون غاضبون وعمال غير راضين، وأراض شاسعة دون استغلال، هذا هو حال المنطقة الصناعية فى المنيا التى تبعد نحو 12 كم جنوب شرق كوبرى المنيا العلوى، وتضم نحو 60 مصنعاً، حيث تقع المنطقة بناحية المطاهرة، على مساحة 1516 فداناً، كما تبعد عن مدينة المنيا الجديدة بنحو 6 كم، حيث تشكل هذه المدينة الظهير العمرانى للمنطقة.
«أبوشاهين»: مصنعى لتجهيز الرخام يعمل وردية واحدة يومياً بسبب انقطاع التيار الكهربى لأكثر من 8 ساعات
وتقسم المنطقة الصناعية 4 قطاعات، تشمل 9 مجموعات صناعية، هى القطاع الصناعى الأول، الصناعات الغذائية، الموبيليا والأثاث والملابس الجاهزة والمنسوجات، ومواد بناء وحراريات والطباعة والنشر ومستلزمات طبية وصناعات هندسية تجميعية، والصناعات الكيماوية والجلدية وصناعات معدنية.
ممدوح أبوشاهين، أحد مستثمرى المنطقة الصناعية فى المنيا، أكد أن أكبر مشكلة تواجهه فى المنطقة الصناعية أن الكهرباء ضعيفة للغاية ما يتسبب فى توقف مصنعه الخاص بتقطيع وتجهيز الرخام لأوقات قد تصل إلى الـ8 ساعات يومياً: «الكهرباء بتقطع كل يوم نحو 8 ساعات، يعنى فيه وردية كاملة مابتشتغلش فى المصنع، المشكلة الأكبر أن الكهرباء بتيجى ضعيفة وفى أوقات تانية بتيجى قوية وده طبعاً بيحرق موتور الآلات والمعدات، واشتريت جهاز اسمه (ترانز) بـ17 ألف جنيه لكنه اتحرق بسبب شدة تيار الكهرباء».
130 متراً من الرخام إنتاج مصنع أبوشاهين يومياً، انخفض إلى 70 متراً فقط، بسبب مشاكل الكهرباء ما أسفر عن تسريح عدد من العمال، وقال «أبوشاهين»: «إنتاجى قل بنسبة نحو 50% بسبب الكهرباء، ومشيت عمال كتير، ومبقتش أكسب ويا دوب بجيب تكاليف الإنتاج»، ويطالب «أبوشاهين» بإنشاء محول لتغذية المنطقة وزيادة التيار الكهرباء بها، لخدمة العديد من المصانع المهددة بالإيقاف.
مدير مصنع أثاث: 70٪ من العمال يأتون من «غرب النيل» بواسطة مراكب متهالكة ونطالب بإنشاء «كوبرى» لربط القرى بالمركز
مشكلة أخرى يعانى منها «أبوشاهين» وجميع المستثمرين فى المنطقة الصناعية بالمنيا، وهى حسب قوله، ارتفاع الملوحة فى مياه الشرب بالمنطقة، التى يعتمد عليها جميع العاملين بالمنطقة الصناعية، إضافة إلى أن هذه المياه لا تتوافر بشكل يومى وغالباً يتم قطعها عن المنطقة لأوقات كثيرة قد تصل إلى 5 ساعات يومياً مما يؤثر على سير العمل.
وطالب أحمد إبراهيم، صاحب مصنع للأثاث، ببناء كوبرى أعلى النيل بالقرب من المنطقة الصناعية بالمنيا، خصوصاً أن 70% من العاملين فى المنطقة الصناعية من المراكز والقرى الموجودة غرب النيل مثل مركز أبوقرقاص وبنى حسن ويعتمدون على المراكب التى تعبر النيل فى الوصول إلى المنطقة الصناعية: «كل اللى بيشتغلوا فى المنطقة بييجوا من القرى والمراكز الموجودة غرب النيل فى بنى حسن وأبوقرقاص، العمال دول علشان يوصلوا للشغل بيركبوا مركب ممكن يغرق بيهم فى أى وقت، خصوصاً إن المركب متهالك وممكن يغرق، والعدد كبير جداً، يعنى نحو 70% من العاملين فى المنطقة ساكنين غرب النيل، علشان كده لازم يتم بناء كوبرى أمام المنطقة الصناعية يربطها بالقرى والمراكز فى غرب النيل، أو على الأقل إحلال وتجديد المعدية المتهالكة، بأسرع وقت ممكن لحين بناء الكوبرى الذى يعتبر بالنسبة للعاملين فى المنطقة الصناعية حياة جديدة لهم»، وتابع: «بسبب عدم وجود كبرى مابنلاقيش عمال تشتغل فى المنطقة الصناعية، وللأسف أسعار كل حاجة بقت غالية جداً، بما فى ذلك أجور العمال ارتفعت، ولو تم بناء الكوبرى هيكون فيه فرصة كبيرة لعدد من العمال للعمل بالمنطقة الصناعية اللى فيها مئات المصانع التى توقفت بسبب عدم وجود عمال».
فى قلب المنطقة الصناعية بالمنيا أقيم مصنع لتعبئة المياه المعدنية، على مساحة تزيد على 5 أفدنة، به كافة وسائل الإنتاج، ووصلت الاستثمارات فى هذا المصنع لعشرات الملايين من الجنيهات، متمثلة فى المبانى ووسائل نقل، وطلمبات رفع وزجاجات بلاستيك وفلاتر، وغيرها من مواد الإنتاج التى تم تركيبها وجاهزة على العمل، لكن هذا المصنع لم يعمل رغم جاهزيته منذ 4 سنوات، هكذا قال أحد أفراد الأمن الذين التقتهم «الوطن» داخل المنطقة الصناعية بالمنيا ورفض الإفصاح عن اسمه، وتابع: «مصنع كبير زى ده ليه مايشتغلش، واحنا مخلصين كل حاجة فى المصنع، آلات ومعدات جاهزة، والاستثمارات فى المصنع ضخمة جداً وللأسف ماشتغلش، ومنعرفش السبب، لازم يكون فيه تسهيلات أكتر مع المستثمرين والمساهمة فى حل مشكلاتهم علشان عدد أكبر من الناس تشتغل».
نحو 50% من المصانع داخل المنطقة الصناعية بالمنيا مغلقة لا تعمل، أحد أصحاب تلك المصانع، قال ذلك مؤكداً أنه أغلق مصنعه بسبب ارتفاع أجور العمال إضافة إلى ارتفاع أسعار خامات الإنتاج، وأضاف أن المنطقة الصناعية بالمنيا بها العديد من المشاكل أهمها مشكلة الشوارع غير المرصوفة، وهناك مساحات كبيرة من الأراضى فارغة ولم يتم البناء عليها حتى الآن، وهناك عدد من المستثمرين اشترى هذه الأراضى ولكنه لم يستغلها ببناء مصنع واستغلها فى (التسقيع) ليبيعها بضعف ثمنها».
حسنى صالح، مدير مصنع لإنتاج الدواجن المجمدة، قال إن مشكلته تتمثل فى أن العمال لا يرغبون فى العمل، وطول الوقت يطالبون بزيادة المرتبات، بالرغم من أنهم يحصلون على مرتبات مجزية مقابل ما يقدمونه من عمل، ويضيف: «العامل بييجى مش فاهم حاجة، صاحب المصنع يعلمه ويفهمه الشغلانة، يقعد شهرين أو تلاتة وبعد كده يطالب بمضاعفة أجره، ولو صاحب العمل رفض بيسيبه ويروح يشتغل فى مكان تانى، طيب أنا كمدير مصنع بواجه مشكلة كبيرة فى قلة العمالة، الشباب هنا بقت بتفضل إنها تشتغل على توكتوك أحسن من العمل فى مصنع، كل اللى يهمه إنه ياخد 70 جنيه آخر النهار علشان يروح يصرفهم على القهوة، ومبيفكرش فى المستقبل، طيب أنا علمته صنعة المفروض يحافظ عليها أحسن من إنه يسيب الشغل ويروح يركب توك توك».
مبنى ضخم، بنيت واجهاته من الزجاج، فى قلب المنطقة الصناعية، وضعت أعلاه لافتة مكتوب عليها «البنك الأهلى» ويظهر على المبنى من الخارج أنه حديث ولم يبدأ العمل بعد، عدد من العمال يخرج ويدخل إلى البنك، يحمل بعضهم فى يديه أدوات عمل المعمار مثل (المحارة- الكوريك - والماسترين) وأغلب العمال تظهر عليهم علامات التعب ما يؤكد أنهم ما زالوا يعملون فى المبنى الضخم.
استياء شديد من قبل عدد من المستثمرين بسبب عدم وجود بنك يعمل فى المنطقة الصناعية، صلاح أحمد، أحد أصحاب المصانع فى المنطقة الصناعية، يقول إن المنطقة تعانى من مشكلة عدم تشغيل البنك بها، خصوصاً أن هناك تعاملات مالية بينه وبين عملائه فيضطر إلى الذهاب إلى المدينة التى تبعد نحو 60 كيلو عن المنطقة الصناعية، ويوضح أن المنطقة تعد أولى المناطق الصناعية على مستوى الجمهورية، ولا يعقل أنه لا يوجد بها بنك لخدمة المستثمرين وأصحاب المصانع. ويشير إلى أنه عندما تقدم عدد من أصحاب المصانع بطلب لتشغيل البنك كان الرد أنه سيتم تشغيله بنهاية العام الحالى 2017، فلماذا التأخير؟
عدد من المدارس والجامعات الخاصة تم بناؤها بالقرب من المنطقة الصناعية فى المنيا، جميعها تحمل أسماء مدارس شهيرة، هذا ما أكده أحد المستثمرين، قائلاً: «الجامعات اللى تم بناؤها تعتبر استثماراً فى التعليم، لكن احنا محتاجين مركز تدريب للصنايعية علشان يتخرجوا يشتغلوا فى المصانع، ومحتاجين بناء مدارس فنى صناعى مش مدارس لغات ومدارس دولية، للأسف فيه مركز تدريب مهنى فى المنطقة مابيعملش أى حاجة ولا بيقدم أى خدمات للمستثمرين الموجودين فى المنطقة، شوارع المنطقة معظمها غير ممهد وده مش هيخلى مستثمر ييجى هنا فى المنطقة».
العمال يشكون أوجاعهم لـ«الوطن»