حمى «السناتر» تجتاح منظومة التعليم: نجاح وبيزنس.. و«بلاها مدارس»

كتب: شيماء البردينى

حمى «السناتر» تجتاح منظومة التعليم: نجاح وبيزنس.. و«بلاها مدارس»

حمى «السناتر» تجتاح منظومة التعليم: نجاح وبيزنس.. و«بلاها مدارس»

قرع هادئ على الباب، يبدو كإشارة متفق عليها، دقائق انتظار تمر، يدخل بعدها الطالب لينضم إلى عشرات آخرين، اعتادوا الحضور إلى المكان فى أوقات بعينها، ورغم الصخب الشديد بالداخل، فإن أياً من هذه الأصوات لا يُسمع خارج المكان، والفضل فى ذلك يعود لتلك الاحتياطات التى تم اتخاذها، وتركيب عازل على كل الجدران، حتى لا يثير الصخب والشكوك ولا يتسبب فى إزعاج الجيران، ولأن «كل شىء معمول حسابه بدقة»، فإن «رنة جرس الباب»، تشير إلى أن القادم غريب، لا يعرف قواعد المكان ولا اشتراطاته، ما يستلزم اللجوء للخطة (ب)، والقائمة على تشغيل الموسيقى العالية وإحضار تورتة جاهزة فى الثلاجة وتحويل التجمع إلى احتفال بعيد ميلاد. يبدو الإجراء أشبه بحيل صالات القمار قديماً للهروب من الشرطة، أو تلك الأماكن التى تبيح الأعمال المنافية للآداب.. لا يتصور عاقل أن كل هذا يتم من أجل حصة فيزياء أو كيمياء أو لغة عربية، فى أحد مراكز الدروس الخصوصية، التى تطلق على نفسها «سنتر»، وتتخذ من دور كامل فى عمارة سكنية مقراً لها، بحيث يتواطأ الطالب مع المدرس وأحياناً ولى الأمر لإنجاح العملية، دون مساءلة قانونية، أو بالمعنى الدارج «أبوها راضى وأنا راضى».

{long_qoute_1}

التفاصيل والحكايات لا تنتهى، تتشعب فى أكثر من اتجاه، يرويها الطلبة حيناً، والمدرسون أحياناً أخرى، ويضجر منها أولياء الأمور، الذين فوجئوا بوضع فرض نفسه منذ سنوات، بسبب مدرسين يرفضون الدروس المنزلية المكونة من مجموعات لا يزيد عدد الطلبة فيها عن 5، ويلجأون إلى نظام المراكز، حيث التعامل بالحصة أو الشهر حسب نظام المركز، والوقت المحدد لا يزيد على ساعة، وعدد الطلبة لا يقل عن 20.. لا تخلو العملية من تبريرات يسوقها المدرسون: «تعبنا من التخبيط على البيوت»، ومزايا يراها أولياء الأمور «حصة السنتر أرخص من درس البيت»، ورضا يسوقه الطالب «أهو أرحم من المدرسة وبنفهم فيه أكتر»، وغضب من مسئولى وزارة التربية والتعليم، ففى الوقت الذى تتجه فيه بكل تشريعاتها وإجراءاتها نحو تجريم الدروس الخصوصية ومحاربتها، تتجه الدروس ناحية التقنين عبر إعلانات تنتشر فى الشوارع وفى المواصلات عن ملوك الفيزياء والأحياء ووحوش الفلسفة والتاريخ وحيتان اللغة العربية وبروفيسور الإنجليزية والفرنسية، إعلانات لا تخفى المكان ولا الزمان ولا اسم المدرس، بل تناشد «سرعة الحجز»، على مرأى ومسمع من كل محاربى الدروس الخصوصية.

«الوطن» هنا ترصد الظاهرة، التى بدأت عبر مراكز الدروس الخصوصية الجامعية، وانسحبت للتعليم ما قبل الجامعى، وظهرت منها نسخ متعددة، من شقق صغيرة إلى عمارات تم تجهيزها للنشاط الذى صار تجارياً حتى لو كان مجرّماً فى نظر «التربية والتعليم»، لكنه يدر ربحاً على الأقل فى نظر وزارة المالية وأخواتها من محصلى الفواتير.


مواضيع متعلقة