الحياة على شريط سكة حديد: فوضى قضبان «تساع من الحبايب ألف»

الحياة على شريط سكة حديد: فوضى قضبان «تساع من الحبايب ألف»
- أهالى البدرشين
- الحمد لله
- شبين الكوم
- شريط السكة الحديد
- شريط القطار
- شريط سكة حديد
- أبنائها
- أحمد نبيل
- أرو
- أهالى البدرشين
- الحمد لله
- شبين الكوم
- شريط السكة الحديد
- شريط القطار
- شريط سكة حديد
- أبنائها
- أحمد نبيل
- أرو
شريطان متوازيان من الحديد، جرت العادة أن يحملا فوقهما قطارات تتنقل بركابها من بلد إلى آخر، قبل أن تقرر تغيير جلدها لتحمل سكاناً وبائعين وعالماً آخر، تم تشكيله بشكل عشوائى ليتلاءم مع إمكانية الحياة فوق قضبان القطار.
هنا «سوق الأحد» فى منشية ناصر، لا وجود لشريط القضبان بين زحام أقدام المارة، ولا صوت يعلو على صوت الباعة، سوى صوت صفير قطار مزعج مقبل من بعيد يقطع الزحام، وينبه الغريب بأن الموقع شريط سكة حديد، وليس سوقاً لم يبرحها الباعة وبضاعتهم منذ عشرات السنين، فهنا تباع جميع السلع من الملابس حتى الفسيخ، ليقطعك قول «عم عرفة محمود» بائع الحقائب المدرسية، يلخص المشهد «القضيب طويل ويساع من الحبايب ألف».
بعد نظرة بائسة من السيدة الأربعينية للسوق، عبرت «أم ياسين»، التى تسكن على شريط القطار، عن انزعاجها من وجوده: «مابنعرفش ننام، خناقات وشتايم.. ده غير المنظر البشع اللى قدام بيتنا»، فيما انفعلت حنان فودة، إحدى السكان: «ابنى الصغير بيتفزع من صوت القطر.. وباخاف أنزل من بيتى بسبب السوق».
{long_qoute_1}
الحال لا يختلف كثيراً فى قرية «البليدة» بمركز العياط فى الجيزة، فأمتار قليلة تفصل الأهالى عن الموت، بيوت متلاصقة بمحاذاة شريط السكة الحديد، ومثله قرى عديدة خطر القطارات يهددها، دون أن يسأل أحد فيهم، ليحصد الإهمال أرواح 7 أشخاص، ما دفع أحمد نبيل، أحد سكانها، للتقديم على سكن آخر «عايشين على كف عفريت». موعد آخر مع الخطر، حدده أهالى البدرشين مع القطار، فهنا تجلس «صبحية» وسط أوانٍ معدنية وضعت بداخلها بضاعتها من «الجبنة القريش، والقديمة»، يدق جرس برج الإشارة بين الحين والآخر، معلناً عن قدومه، وبالتزامن مع عجلات القطار، يأتى الزبائن إليها من كل صوب قاصدين جُبنها، «مليش مكان غير هنا آكل منه عيش».
يمر القطار بجانب الحاجة «صبحية» دون أن يهتز لها شعرة واحدة على الرغم من صوته المفزع، «حصلت حوادث كتيرة قريبة من القضيب، ودايماً بيكتبوها فى الجورنال، البدرشين عشان قريبة مننا»، لتروى لـ«الوطن» حكاية يمتد عمرها بطول القضبان، عندما اتخذتها محلاً للقمة العيش، بعد أن جاءت من المنوفية مع زوجها قبل 50 عاماً، وتبدأ رحلة شقاء من أجل أبنائها بعد سنوات من وفاة الزوج، ورعايتهم حتى تزوجوا، «إيجار فرشة فى السوق جوا، هياخدوا منى فلوس كتيرة وأنا معاييش»، لتجهش العجوز بالبكاء حزناً على ما تمر به من ظروف «بقبض معاش فلاحين 500 جنيه وراضية، الحمد لله»، فيما احتلت بائعة الليمون، الوجهة المقابلة لـ«صبحية» من شريط القطار، وعلى يمينها جلست صديقتها التى جاءت لتهون عليها الشقا، «بقالى سنة هنا، الناس بتيجى وجرس المزلقان بيرن، وهما بيستنوا القطر يعدى، يقوموا شاريين ليمون».
«منظر القطر جاى، وهما فارشين السوق على القضبان، دا لوحده مرعب»، كلمات حمدى شعبان أحد سكان محافظة المنوفية، يروى بها مشهداً طالما يراه أثناء سفره بالقطار من محافظة المنوفية مروراً بالقناطر وشبين الكوم ومنوف، مشيراً إلى أن قضيب القطار بمنطقة منوف تقام عليه سوق بها كل ما يبحث عنه المواطنون، «هو القطر بيكون بطىء شوية بس دا مايمنعش إنه خطر خاصة على الأطفال وكبار السن»، فكثير من الحوادث وقعت بسبب ذلك المشهد الفوضوى.