صدام «صالح سليم» مع السلطة.. رحلت الأنظمة وبقى «المايسترو»

صدام «صالح سليم» مع السلطة.. رحلت الأنظمة وبقى «المايسترو»
ربما لم تكن مقولته الشهيرة بأن الأهلي فوق الجميع تعني فقط، أن ذلك الكيان يعلو مصلحة الأفراد، ولكنها بدت واضحة حينما أوقعته الظروف في صدامات متعددة مع السلطة باختلاف أنظمتها، دون أن يتغير موقفه في كل مناسبة، ليبعث للجميع برسالة واضحة مفادها أن رئيس النادي الأهلي لا يعلوها مسمى حتى وإن كان رئيس جمهورية مصر العربية ذاته.
كتاب «المايسترو وانا» الذي أصدره الكاتب الصحفي ياسر أيوب عن «صالح سليم» حوا صدامات عديدة مع السلطة، بدايتها كان وقوفه أمام شخص ترتعد لسيرته السرائر، فالرجل الثاني في جمهورية مصر العربية والقائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس اتحاد كرة القدم لم يخشه صالح سليم حينما امتنع في الستينيات عن الانضمام لمعسكر المنتخب الوطني الذي كان مقاما بـ«ليمان طرة»، تحت رعاية الجيش، ليفاجئ باستدعاء من المشير عبد الحكيم عامر لسؤاله عن سبب ذلك، فيأتي رده واثقا يفيد بأنه لا يقدر على الجمع بين وظيفته واللعب للمنتخب والنادي الأهلي وجامعة القاهرة في آن واحد، فما كان من المشير إلا وأن امتثل لمطلب «المايسترو» وأصدر قرارا بتعيينه في هيئة قناة السويس، فضلا عن راتب يتقاضاه كضابط معيّن في إدارة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة في مقابل انتظامه مع المنتخب المصري.
نظام الحكم تتبدل فيه الأسماء، والوزير هذه المرة، هو الدكتور عبد المنعم عمارة، رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة، الذي أصدر قرارا يمنع سيارة رؤساء الأندية من دخول إستاد القاهرة، إلا أن صالح سليم كان له رد شديد اللهجة بقراره عدم حضور أي مباراة كروية في ذلك الملعب لحين تراجع «عمارة» عن قراره، وكان مبرره في ذلك أن النادي المنظم للمباراة هو من يستضيف وزير الشباب والرياضة، والأخير هو مجرد ضيف لا يحق له فرض سلطته على صاحب البيت.
الوزراء ليسوا نهاية المطاف في الصدامات مع السلطة، فرئيس الجمهورية الأسبق، محمد حسني مبارك، كان له جولات عديدة مع "المايسترو" انتهت جميعها بانتصار «صالح سليم»، كانت أولها حينما فوجئ أعضاء النادي الأهلي بنبأ هبوط الطائرة الرئاسية داخل ملعب «مختار التيتش»، لينتظر الجميع خروج رئيس النادي الأهلي لاستقبال «مبارك»، ولكن مكوث قائد سفينة القلعة الحمراء في مكتبه كان مبرره أن الرئيس لم يأت في زيارة رسمية للنادي الأهلي، وتلك هي المناسبة الوحيدة التي تستدعي استقبال رئيس النادي له.
80 ألف متفرج حضروا إلى إستاد القاهرة لمؤازرة النادي الأهلي في مباراته النهائية بالبطولة العربية أمام الرجاء البيضاوي المغربي عام 1995، رئيس النادي يدخل ملعب اللقاء ليفاجئ بمقعده بالصف الثاني في المقصورة الرئيسية خلف رئيس الجمهورية، ليقرر «المايسترو» مغادرة الملعب في أجواء سادها التوتر، لتتدخل مؤسسة الرئاسة وتبلغه بتعديل مقعده وإجلاسه إلى جانب محمد حسني مبارك في الصف الأول بالمقصورة الرئيسية، ليعلو، وقتها، شعاره الأبدي: «الأهلي فوق الجميع».
الخلاف مع السلطة يصل إلى أوج احتدامه مع الأشهر الأخيرة في حياة «صالح»، فالدولة تريد أن تخفف من آلام المواطنين إثر حادث قطار العياط المروع الذي راح ضحيته مئات المصريين، فيأمر حسني مبارك، رئيس الجمهورية، بتنظيم مباراة ودية بين الأهلي والزمالك لصالح ضحايا الحادث، فإذا بـ«المايسترو» يمتنع عن تنفيذ الأمر لعدم الاتفاق معه على تفاصيل المباراة، ويعلي الصوت بمقولته الشهيرة: "لو مبارك رئيس مصر، فأنا رئيس الأهلي".