«الفلاح الفصيح».. قصة بدأها «فرعوني» واستكملها «مناضل»

كتب: عبد الحميد جمعة

«الفلاح الفصيح».. قصة بدأها «فرعوني» واستكملها «مناضل»

«الفلاح الفصيح».. قصة بدأها «فرعوني» واستكملها «مناضل»

تحل اليوم ذكرى عيد الفلاح المصري، وهو اليوم الذي وقف فيه الزعيم أحمد عرابي الملقب بـ«زعيم الفلاحين" عام 1881م، أمام قصر عابدين يعرض مطالب الشعب على الخديوي توفيق، وصدر في هذا اليوم قانون الإصلاح الزراعي عقب ثورة يوليو عام 1952م.

الكثير لا يعرف قصة الفلاح الفصيح التي ترجع إلى التراث الفرعوني المصري القديم، وتروي حكاية فلاح مصري يدعى «خونانوب» كان يمر بأرض الملك «رينسي بن ميرو»، وتعثَّر فجأة ووقع من على حماره، فاتهمه المشرف على الأرض بإتلاف الزرع، وأن حماره أكل من الزرع، فاعتدى عليه وطرده من الأرض بعد أخذ الحمار منه.

وبعدها لم يصمت الفلاح، بل ذهب إلى النبيل ليشكو له ما حدث، وخاطبه بالفصحى، وطالبه النبيل بإحضاره شهود على صحة كلامه، ولم يكن الفلاح يملك شهودًا، وأعجب النبيل بفصاحة الفلاح وعرض الأمر على فرعون وأخبره عن بلاغة الفلاح، فأعجب الملك بالخطاب، وأمره بأن يقدم عريضة مكتوبة بشكواه.

ورحل الفلاح عن البلاد بعد عدم إنصافه وإشعاره بالتجاهل من قبل النبيل، إلا أن النبيل أرسل إليه من يأمره بالعودة، وبدل من أن يعاقبه على وقاحته، أنصفه وأمر برد الحمار له وأعجابًا منه بفصاحته عينه مشرفًا على أراضيه بدلاً من المشرف الظالم.

ومن أشهر أقوال الفلاح الشاعر للنبيل لمطالبته برفع الظلم عنه «أقم العدل أنت يا من مدحت، وارفع عني الظلم، انظر إلي فإنني أحمل أثقالا فوق أثقال، أجب إلى الصيحة التي ينطق بها فمي وحطم الظلم ورسخ الحق فإنه إرادة الإله أما الظلم فهو منفي من الأرض».

ولم تنتهِ قصة الفلاح الفصيح عند هذا الحد، بل أصبح لقبًا لأكثر من فلاح بعدها، نتيجة مساندتهم ودعمهم للفلاحين المستمر طوال حياتهم، وحبهم للأرض الزراعية والعمل على محاولة تحسين وضع الفلاح المصري وإنتاج أفضل المحاصيل.

«لن يكون القرار من رأسنا.. إلا إذا كان الأكل من فأسنا»، كلمات آمن بها عبدالمجيد الخولي الملقب بـ«الفلاح الفصيح»، والذي عمل على تحقيقها، لارتباطه وعشقه للأرض الزراعية، مشاركًا في العديد من المؤتمرات الدولية للوصول لأفضل طرق الزراعة.

وحارب «الخولي» الإقطاع الذي شرَّد مئات الفلاحين من أراضيهم، رغم نفيه من مسقط رأسه بقرية كمشيش التابعة لمركز تلا التابع لمحافظة المنوفية، من قبل الرئيس الراحل محمد أنور السادات.

ولم يتوقف «الفلاح الفصيح» عن مساندته للفلاحين، حيث حارب خلال التعديلات الدستورية من أجل الإبقاء على نسبة الـ50% عمال وفلاحين لدورتين برلمانيتين مقبلتين حتى تتسنى لهم الفرصة لتشكيل أحزاب ونقابات فلاحية مستقلة تناضل من أجل فلاحيها.

وظل يناضل ويكافح من أجل الفلاح حتى وفاته في 3 مارس 2014، إثر صدام سيارة له، أثناء عبور الطريق أمام النصب التذكاري بمدينة نصر، تاركًا خلفه كثيرًا من النضال الفلاحي استمر لسنوات عديدة أملًا في مواصلة آخرين غيره هذا النضال.


مواضيع متعلقة