الحوامدية العام: شكاوى بالجملة من سوء معاملة الممرضات للمرضى

كتب: سارة صلاح ومنة عبده

الحوامدية العام: شكاوى بالجملة من سوء معاملة الممرضات للمرضى

الحوامدية العام: شكاوى بالجملة من سوء معاملة الممرضات للمرضى

أمام عيادة «الجلدية» بمستشفى الحوامدية العام، وقفت العشرات من السيدات، فى انتظار وصول الطبيب الذى تأخر عن موعده أكثر من ساعة، تبدى «وفاء السيد»، 35 سنة، استياءها، تقول بنبرة غاضبة: «كان زمان الدكتور بييجى من 8 الصبح فى العيادة، لكن بقالى كذا مرة آجى أكشف لابنى ألاقى الدكاترة اتأخروا عن ميعادهم بالساعة والاتنين وده اللى بيخلى الدنيا زحمة لأنهم كل ما يتأخروا الكشوفات بتزيد»، تتابع السيدة الثلاثينية التى جاءت للكشف على طفلها «عمر» الذى لم يتجاوز عمره الـ5 سنوات: «حتى الممرض اللى بياخد مننا الكشوفات اتأخر عن ميعاده، والناس هى اللى بتنظم مين اللى هيدخل الأول، لأن لو حد خد مكان التانى بتحصل خناقات»، موضحة أنها تأتى إلى العيادة مرة أسبوعياً لمتابعة ابنها الذى يعانى من حساسية بالوجه.

وفى صالة الاستقبال والطوارئ، وقفت «آية محمد»، 16 سنة، تلتفت يميناً ويساراً بحثاً عن كرسى متحرك تنقل عليه جدتها لعيادة العظام نظراً لعدم قدرتها على السير على قدميها بعد إصابتها بكسر فى إحداهما، لكنها لم تعثر على واحد، مما دفعها لسؤال بعض الممرضات اللاتى يجلسن بجوار حجرة الكشف، جاءتها الإجابة: «شوفى تحت بير السلم، ولو مفيش استنى لما حد يخلص كشف وخدى الكرسى بتاعه».

{long_qoute_1}

تروى «آية» تفاصيل مأساة جدتها التى بدأت منذ أكثر من شهرين داخل المستشفى، موضحة أنها شعرت بآلام شديدة فى قدمها اليسرى بعد وقوعها عليها أثناء نزولها من على السلم فى منزلها، وحضرت على الفور إلى المستشفى وتم عمل «جبيرة» لها فى قسم الاستقبال دون إجراء أى أشعة، وبعد مرور أيام قليلة، بدأت الجدة تشعر بألم شديد وتورم فى قدميها، نقلت على أثره للمستشفى، فقام الطبيب بتجبيس قدمها بعدما طلب منها إجراء أشعتين خارج المستشفى كلفتاها 150 جنيهاً للواحدة: «لقينا أن عندها كسر مضاعف لأنها كبيرة فى السن والدكتور شخَّصها غلط الأول، وبقالها أكتر من شهرين متجبسة وبنيجى متابعة كل فترة بس للأسف مفيش هنا أى إمكانيات حتى الكرسى بدوخ عشان أجيبه لها، والدكتور بيكتفى أنه يبص عليها ويقول لنا لأ لسه خلى الجبس».

وفى الطابق الثانى من المبنى، تظهر بعض غرف الحجز فى حالة سيئة، حيث الأسرّة متهالكة وخاوية من المرضى مع وجود المراتب متراكمة فوق بعضها البعض، وغرف أخرى تم إغلاقها بالأقفال عدا غرفة واحدة بها سريران ترقد على أحدهما «عايدة جودة»، 60 عاماً، فى انتظار إجراء عملية فى قدمها، تقول إنه تم احتجازها منذ 4 أيام بالمستشفى لإجراء التحاليل والأشعة، لكنها لم تجد اهتماماً من قبل الأطباء أو الممرضات، الأمر الذى جعلها تخشى إجراء العملية بالمستشفى، بحسب كلامها: «مجرد ما الليل ييجى مش باسمع لحد منهم حس، وبالنهار كل فين وفين لما تعدى ممرضة لأن مفيش غيرنا فى الدور، ويا دوب تجيب لى الأكل وتقيس لى الضغط»، وتتابع: «لما جيت أول مرة كشف عليا دكتور صغير فى الاستقبال وكتب لى على مسكنات وقال لى تعالى بكرة الصبح عشان دكتور استشارى هو اللى يقدر يشخص حالتك، تانى يوم جيت طلب منى أشعة عملتها هنا بس دفعت 150 جنيه، ولما شافها قال لى لازم أتحجز»، لافتة إلى أنها منذ أن قامت إحدى الممرضات بربط قدميها لم يتم الكشف عليها أو حتى يطمئنها أحد على الوضع الحالى: «ماحدش كشف عليا من ساعتها حتى بحس ساعات أن رجلى وارمة لكن بقول من السكر، وخايفة أعمل العملية بس ما باليد الحيلة».

تلتقط ابنتها التى ترافقها بالمستشفى أطراف الحديث فتقول: «مفيش اهتمام هنا، لما باحتاج ممرضة بانزل أدوّر عليها، وبعد العشاء مش بلاقى ممرضات خالص»، مضيفة بنبرة غاضبة: «حتى الأدوية كلها بانزل أشتريها من بره لأنها مش متوفرة فى الصيدلية اللى هنا، والجناح لأنه فاضى بقى مأوى للقطط طول الليل لأنه أشبه بمكان مهجور».

وفى نهاية الطرقة من ناحية اليسار، يوجد باب خشبى لونه أبيض يقودك إلى طرقة ضيقة معتمة تخلو من أى لمبات إضاءة، ومنها إلى جناح الباطنة المخصص للرجال، حيث يوجد نحو ثلاث غرف، بعضها به سريران وأخرى بها 3 أسرّة تمتلئ بالمرضى، بينما يفترش أقاربهم الأرض لعدم وجود أماكن للجلوس فيها، ولم يختلف الوضع كثيراً بالنسبة لجناح السيدات اللاتى افترشن الأرض لعدم وجود مكان للمرافقين، وفى إحدى الحجرات، جلست «منال محمد»، 15 سنة، على طرف السرير مرتدية عباءة بيضاء فى انتظار والدها، الذى ذهب لإحضار سيارة خاصة تقوم بنقلها إلى مستشفى قصر العينى بعدما رفضت المستشفى علاجها، تقول والدتها: «رحنا قصر العينى من 3 أيام لأنها كانت تعانى من مغص شديد فى بطنها وقىء متواصل، وكتبوا ليها على مسكنات وقالوا لنا مفيش مكان خليها تيجى بكرة نعرضها على استشارى، لكنها تعبت مننا بالليل أوى وجينا هنا، وبقالنا يومين ماحدش سائل فينا رغم أنها بتتلوى من الوجع قدامهم، وكل اللى الدكتور قاله إنها متاكلش أى حاجة لأنها عندنا انسداد فى القولون، وبعد التعب ده كله والرمية دى حولونا لقصر العينى».

وأمام عنبر الأطفال، جلست «أم ملك» على أحد المقاعد الخشبية، محتضنة طفلتها الرضيعة التى لم ينقطع صوت بكائها، تشكو من سوء معاملة الممرضات لها وعدم توافر الأدوية اللازمة لعلاج ابنتها التى ستقوم بإجراء عملية قلب مفتوح بعد أيام قليلة بالمستشفى، الأمر الذى دفعها إلى شراء كافة الأدوية على نفقتها الخاصة، على حد قولها: «الدكتور قال لى مش هتعمل العملية إلا لما الحساسية اللى على صدرها تخف، وده أقرب مستشفى ليا، وبقالى 8 أيام محجوزة».

{long_qoute_2}

يقطع حديثها وصول الطبيب الذى يقوم بمتابعة الأطفال فى العنبر، لتنتفض «أم ملك» من مجلسها حاملة طفلتها التى لم يتعد عمرها الـ5 أشهر، لتدخل بها فى غرفة لا تحتوى على أى سرير، وإنما بها مكتب يجلس عليه بعض الممرضات، يكتفى الطبيب بالنظر إلى المريض دون الكشف عليه، تعود الشابة الثلاثينية إلى كلامها بعدما عادت إلى حجرتها قائلة: «زى ما شفتى الدكتور قال خليها محجوزة تانى مع أن بيتى اتخرب من كتر العلاج اللى باجيبه، كنت باشترى محلول بـ50 جنيه كل يوم لأنها مش بترضع، لحد ما الأمهات هنا قالوا لى حرام هاتى حقنة بـ10 جنيه تحطى نصها فى المحلول الصبح ونصها بالليل عشان يوفروا لى، ده غير حقن المضاد الحيوى اللى بتاخدها، حتى الجهاز بتاع جلسات البخار خلونى أشتريه مع أن عندهم كل ده متوفر، لكن الممرضات مش بيطلعوه إلا للناس المعرفة».

لم يكن شراء الأدوية على نفقتها وحده سبب «ضيق» الشابة الثلاثينية التى تسكن على بعد خطوات من المستشفى، إنما كان نقص هذه الأدوية فى الصيدليات الخارجية سبباً آخر جعلها تعبر عما فى داخلها بنبرة غاضبة، وتقول: «كان معايا حقنة وحطتها فى حجرة التمريض لحد ما أجيب بنتى رجعت مالقتهاش وبسأل الممرضة قالت لى ماعرفش مين خدها، وعشان أجيبها بلف الصيدليات اللى فى المنطقة كلها ومش بلاقيها خالص، والنهارده بعد ما دُخت سألت الستات اللى هنا لقيتها مع واحدة وعايزة تبيعها لى بـ25 جنيه، رغم أنها فى الصيدليات بـ10 بس، الكل بينتهز الفرصة».

وتقول أم أحمد: «الممرضات ادوا لابنى حقنتين.. ولما قلت للدكتور النهارده، قال لى احمدى ربنا أنه اتكتب ليه عمر جديد لأنه المفروض يتعمل ليه اختبار قبل ما ياخد الحقن، لكن الممرضة مش بتفهم وإدت له الاتنين ورا بعض».

 

سيدة تنتظر الكشف على طفلها

تكدس الأسرة فى إحدى طرقات المستشفى


مواضيع متعلقة