«التوربينات الألمانية».. تبث الحياة فى العاصمة الإدارية والبرلس وبنى سويف

كتب: رسالة ألمانيا - نادية الدكرورى

«التوربينات الألمانية».. تبث الحياة فى العاصمة الإدارية والبرلس وبنى سويف

«التوربينات الألمانية».. تبث الحياة فى العاصمة الإدارية والبرلس وبنى سويف

داخل مجموعة مبان يرجع تاريخ إنشائها لعام 1909، بدأت «الوطن» جولتها فى أروقة المصنع الألمانى المسئول عن تصنيع قلب محطات الكهرباء أو التوربينات الغازية فى مدينة برلين، وتابع لشركة «سيمنس»، المسئولة عن تنفيذ 3 أكبر محطات كهرباء بالعالم فى مصر، هى «البرلس والعاصمة الإدارية وبنى سويف»، حيث يجرى تصنيع توربينات تلك المحطات داخل هذا المصنع.

زيارة «الوطن» تتواكب مع اقتراب الذكرى الـ74 لتدمير مصنع التوربينات فى برلين، بعد قصفه بطائرات قوات التحالف بالحرب العالمية الثانية ليلة 4 سبتمبر عام 1943، ولم يتبق منه وقتها سوى الركام والدخان الأسود المتصاعد منه، إلا أن عمليات إعادة البناء بدأت مباشرة بعد انتهاء الحرب التى خرجت منها ألمانيا مهزومة ومقسمة على القوات المنتصرة «أمريكا وروسيا وبريطانيا»، بعد تدمير معظم المناطق الصناعية الألمانية، وفى 6 سبتمبر 1945، بدأت القوات البريطانية فى تسلم إدارة المصنع، وإعادة بنائه بمساعدة 725 من الموظفين باستخدام نفس مواد البناء للمصنع قبل تدميره، ليكتمل إعادة إنشائه عام 1950، ليبدأ المصنع فى إنتاج التوربينات الغازية للشركات عام 1968.

{long_qoute_1}

«كفاءة أعلى، وانبعاثات أقل»، هذا هو شعار مصنع التوربينات الألمانى الذى ينتج توربينات من نوع «إتش كلاس» المستخدمة فى محطات «سيمنس» الثلاث بمصر، المقرر الانتهاء من إنشائها منتصف العام المقبل، لتنضم المحطات المصرية ضمن 11 محطة عالمية تستخدم نفس نوع التوربينات الألمانية الصنع، فى أمريكا وبولندا وكوريا الجنوبية، وتعمل لأكثر من 200 ألف ساعة تشغيل، بقدرات حتى 450 ميجاوات، إلا أن مصر تعد أكثر الدول التى لديها 24 وحدة من توربينات الغاز الألمانية بين الدول العالمية الست عشرة، والوحيدة بمنطقة أفريقيا.

«برج إيفل»، هكذا وصفت «بيترا ميكاليك»، مهندسة ميكانيكية بالمصنع، شكل التصميم الداخلى لأحد مبانى مصنع التوربينات، الذى يتوافد على زيارته سنوياً نحو 200 شخصية سياسية وعامة لمشاهدة كيفية إنتاج توربينات تزن 455 طناً بارتفاع ستة أمتار يمكنها تحمل درجة حرارة تصل إلى مائة درجة.

{long_qoute_2}

«ريش التوربينات»، هى أكثر المكونات التى تحتاج لمراحل عديدة لتصنيعها وتجميعها بأحجام مختلفة، يمكنها تحمل الدوران 3600 مرة فى الدقيقة، ما يجعل تصميم الريش يحتاج لمراحل ليست جميعها آلية، بل يمكن سماع دقات أحد العاملين على طارة كبيرة يحاول تثبيت ريش التوربينات على أطرافها بعد استخدام مادة يمكن أن تسهل دخول الريشة فى مجرى مصمم لها، لتبدو جاهزة للتجميع النهائى قبل انتقالها لمرحلة الاختبارات النهائية قبل تسليمها للمحطة. وبداخل مبنى آخر، تبدأ مرحلة اختبارات التوربينات ومكوناتها للتأكد من تشغيلها بكفاءة عالية، يمكن من خلالها تسليم الوحدات للمحطات المتعاقد معها، من خلال أكثر من 12 ألف وسيلة لقياس كفاءة التوربينات داخل مركز الاختبارات، الذى يحاكى المحطة الكهربية المقرر تشغيل التوربينات بها، وبكفاءة تصل إلى أكثر من 61%، من المقرر أن تعمل التوربينات، كما ذكرت «بيترا»، بأقل نسبة ممكنة من الانبعاثات الكربونية، بتكنولوجيا ألمانية يمتد عدد سنوات خبرتها فى مجال صناعة التوربينات إلى 65 عاماً، يمكنها التأقلم مع درجات الحرارة المختلفة سواء فى بلاد الثلوج، باستخدام تقنيات يمكنها إذابة الثلوج على مكونات المحطة، أو فى بلاد ترتفع فيها درجات الحرارة بشكل ملحوظ مثلما بمنطقة الشرق الأوسط. «يمكننا تصنيع مكونات خلال 6 ساعات فقط»، قالها «أندريس كراتسير»، مهندس بمصنع التوربينات، فى إشارة لتكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد التى بدأ المصنع استخدامها حديثاً، لإنتاج مكونات للتوربينات بغرض إجراء اختبار عليها، وليس للغرض التجارى.

ومن خلال إدخال بيانات على حاسب آلى متصل بالطابعة يبدأ المهندس فى تحديد مواصفات المنتج المراد طباعته من خلال الطابعة ثلاثية الأبعاد التى تستخدم نوعاً مخصصاً من البودرة لإنتاج الوحدات خلال ساعات قليلة، باستخدام الليزر الذى يمكن مشاهدته يتراقص بداخل الطابعة فى محاولة لتكوين طبقات عديدة لتصنيع المكونات.

ولفت «أندريس» لـ«الوطن» أنه فى حال تصنيع منتج بأحجام كبيرة يستغرق 6 أسابيع، إلا أن هذه التقنية أسرع من الطرق التقليدية فى إنتاج الوحدات التجريبية التى كانت تستغرق شهوراً، بجانب استخدام تقنية تسمى «التذويب الليزرى» لتصليح قطع التوربينات الغازية الصناعية بسرعة أكبر بنحو 60%، مع حرية التصميم المناسب، وتسريع عملية تصنيع المكونات، وأضاف «أندريس» أن تقنية التصنيع باستخدام الطابعات ثلاثية الأبعاد تخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 30%، وتقلل استخدام الموارد فى عملية الإنتاج بنسبة 63%، وتوفر الوقت اللازم للتطوير بنسبة 75%، وتسرع عمليات الإصلاح بنسبة 60%، خاصة تصليح رؤوس الاحتراق فى بعض أنواع التوربينات بطريقة أسرع 10 مرات من إجراءات الإصلاح التقليدية، ويمكن تعديل المكونات وفقاً لأحدث تصميمات لرؤوس الاحتراق، أحد أهم مكونات التوربينات.

«تصنيع قطع غيار حسب الطلب»، هكذا تتيح تقنية التصنيع السريع للطابعة ثلاثية الأبعاد، كما ذكر «أندريس»، ما يعطى فرصاً جديدة لتحسين قطع الغيار وإضفاء طابع إقليمى على عمليات تصنيع وتصليح مكونات التوربينات الغازية.

وبداخل مركز خدمات الطاقة عن بعد، بدأت «الوطن» فى التعرف على أحدث التقنيات التى توصلت لها ألمانيا فى التعامل مع أعطال محطات الكهرباء، باستخدام تقنيات الواقع الافتراضى، وهى نماذج محاكاة تصمم خصيصاً لتصميم وصيانة محطات الكهرباء عن بعد، بمجرد اتصال جهاز الحاسب بنظارات الواقع الافتراضى، التى تمكن صاحبها من مشاهدة جميع مكونات المحطة والتعامل مع الأعطال المختلفة بها عن بعد قبل الذهاب لموقع العطل بالمحطة.

ومن المقرر أن تعمد شركة «سيمنس» لتدريب أكثر من 5 آلاف مهندس مصرى خلال الفترة المقبلة على هذه التقنية، تمهيداً للعمل فى المحطات الثلاث التى تنفذها الشركة الألمانية فى محطات «العاصمة الإدارية والبرلس وبنى سويف».


مواضيع متعلقة