السيد بدير.. فن الشَغَب

كتب: صفية النجار

السيد بدير.. فن الشَغَب

السيد بدير.. فن الشَغَب

"أبوشنطة" كلمة جسدت رؤية المخرج والسيناريست السيد بدير للفن عمومًا والتمثيل بشكل خاص، هاجم بها المنتجين والممثلين ممن يبحثون عن الشهرة والمال، ظهر ذلك جليَا في أعماله الفنية التي لم تخرج عن طور المهنية، ليتحول قراره بترك الطب البيطري من أجل الفن إلى بصمة إبداعية، عرفه جمهوره مشاغبًا في آرائه وأعماله، ليقدم باقة من أفضل الأعمال التي لاقت قبولا ونجاحا لدى قطاع عريض من الجمهور.

ولد السيد بدير فى الـ11 يناير 1915، حصل على بكالوريوس الطب البيطري ثم اتجه إلى الفن الذي أحبه منذ صغره، فقد كان يشارك في الفرق التمثيلية خلال مراح دراسته، وبدأ مسيرته الفنية بدور صغير أُسند إليه في فيلم "تيتا وونج" عام 1936، وفيلم "شيء من لاشيء"، واكتشف المخرج صلاح أبوسيف موهبته في الكتابة فطلب منه كتابة سيناريو وحوار فيلم "دائمًا في قلبي"، وفي الخمسينات اتجه إلى الإخراج المسرحي.

قدم "بدير" نحو 250 سيناريو و3 آلاف تمثيلية إذاعية و45 مسرحية، كما أخرج 36 فيلمًا طويلًا، ورغم كثرة إنتاجه إلا أنه ندم على بعض أعماله الفنية التي قدمها في بداياته، إلا أنه كان يصرح دائمًا أنه تعلم منها الكثير، وعليه كان يعيب الأعمال الفنية المقدمة دون إعداد جيد.

"ساهمت فى الحرب بالميكرفون" هكذا علق السيناريست الراحل عن عمله الإذاعي خلال حرب 1948، بحسب حوار نادر عبر برنامج "ساعة زمان"، وحينها كان "بدير" يقدم تمثلية إذاعية يومية عبر موجات البرنامج العام تحمل طابعًا إخباريًا، يمليها عليه أحد قادة الجبهة، وكان تتضمن عملا بطوليًا يعكف أحد المؤلفين على كتابتها في اليوم ذاته.

عمل "بدير" مستشارًا في الإذاعة والتليفزيون، وتولى إدارة الهيئة العامة للسينما والمسرح، وكان شديد الإيمان بالتخصص، ويرى أن لكل لون من الفنون مكانه الذى يقدم فيه حفاظاً على المجتمع، وعليه لم يرفض عملًا فنيًا بذاته ولا لذاته بل كان يعترض على مكان عرضه.

عندما عرضت مسرحية "مدرسة المشاغبين" أثارت الجدل حول المحتوى الذي تضمنته الذي تمثل في التطاول على المدرس المثل والقدوة وكذلك الأب، إلا أن "بدير" لم ينساق وراء منتقديه، بل اعترض على عرضها في التليفزيون لأنه ليس بمكان لعرض هذا المحتوى أمام الاطفال "نعم المسرحية أسعدت المشاهد ولا تحتوي على توجيه أو عظة، وإنما هي للمتعة وليست للتقليد، فلابد أن يكون هناك رقابة من البيت لأن الإضحاك في الغالب ينطوى على تناقضات".

تنمية لذوق الفني ومراعاة الذوق الأخلاقي، معايير دافع عنها"بدير" خلال رحلته الفنية، آمن أن الإذاعة والتليفزيون تتسلل إلى بيت المشاهد كضيف زائر، على عكس السينما والمسرح الذي يتوجه الجمهور إليها قاصدا المحتوى الذي تقدمه أياً كان نوعه، وعليه فهما لايحتاجان إلى رقابة على محتواهما، وإنما الرقابة تكون في حالة عرض هذه الأفلام والمسلسلات والمسرحيات على شاشة التليفزيون.

"مسرحية زي مدرسة المشاغبين ما كانش ينفع تتعرض في التليفزيون، الطفل بياخد المواقف ويعيدها من غير إدراك، وهيكرر نفس المواقف مع مدرسته وأمه وأبوه، المسرحية دى مكان عرضها المسرح فقط، ولو فيه أب عايز أولاده الصغيرين يقولوا الكلام اللى فى المسرحية يدخلهم المسرح ويدفع لهم تذكرة"، دفاع "بدير" عن عمله الأشهر والذي سطر له نجاحا براقًا في تاريخه الفني.

دعوات "بدير" إلى "فلترة" المحتوى الذي يقدم عبر شاشات التليفزيون جاءت من منطلق الحرص على عدم تأثر الأطفال بالمحتويات الفنية غير المناسبة لأعمارهم "التليفزيون والراديو زي حنفية المية، المفروض الأب يشرب الأول يعرف المية فيها تسمم ولا لأ، وبعدين يقول لأولاده اشربوا ولا لأ، لازم يكون فيه فلترة على المحتوى اللي بيشوفه الطفل".


مواضيع متعلقة