نجح في آخرها شارون.. تفاصيل 11 محاولة من الموساد لاغتيال عرفات

كتب: محمد علي حسن

نجح في آخرها شارون.. تفاصيل 11 محاولة من الموساد لاغتيال عرفات

نجح في آخرها شارون.. تفاصيل 11 محاولة من الموساد لاغتيال عرفات

تفاخر الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، في أحد اللقاءات الصحفية معه بنجاته من أكثر من 40 محاولة اغتيال، إضافة إلى عشرات المرات التي نجا فيها من الموت المحقق سواء في أرض المعركة أو في حوادث، وهناك منطقا بالاعتقاد بأن هذا الرقم يحمل الكثير من المبالغة التي أراد فيها الرئيس إضفاء هالة كبيرة على شخصيته لكن ليس هناك أدنى شك بأن عرفات كان هدفا لعدد كبير جدا من محاولات الاغتيال ولسبب ما نجا منها دائما، "لعرفات الكثير من الأرواح مثل القطط"، قال ضابط استخبارات إسرائيلي رفيع واستمر هذا الوضع كما هو مفهوم حتى نوفمبر 2004 حيث وضع مرضا غامضا حدا لحياة ابو عمار.

كانت أول مرة تفكر إسرائيل في اغتيال عرفات عام 1964، حين كانت حركة فتح في بداية طريقها إذ راقب الموساد في تلك الفترة شقة سكنية بمدينة "دريمشتات" في ألمانيا الغربية لاحظ دخول وخروج قادة المستقبل الفلسطينيين منها وإليها لكن اسمين من هؤلاء القادة، أشعلا الضوء الأحمر في الموساد "خليل الوزير" الذي حمل لقب "أبو جهاد" وستطاله فيما بعد يد الاغتيال الإسرائيلية على الأرض التونسية وياسر عرفات.

شغل "رافي ايتان" في ذلك الوقت قيادة محطة "الموساد" في أوروبا وتوجه "إيتان" في يوليو 1964، إلى رئيس الموساد "مائير عاميت" وطلب منه إصدار أمر لقيساريا وهو الاسم الحركي لوحدة الاغتيال الإسرائيلية بالموساد حسب المصادر الاستخبارية الغربية الطلب منها اقتحام الشقة وقتل جميع من فيها وراسل ايتان رئيس الموساد بالاسم الحركي المعروف حينها وهو "ريمون" وقال له يوجد لدينا إمكانية لن تتكرر للوصول الى الهدف "المقصود به ياسر عرفات" يمكننا التنفيذ بسهولة.

كان عرفات عام 1965 في العاصمة السورية دمشق، فقامت وحدة 504 بتجنيد جاسوس وخطط لتفخيخ سيارته لكن العملية لم تنجح لأسباب ميدانية وتنفيذية، وفي وقت لاحق حين اعتقلت السلطات السورية ياسر عرفات وولدت فكرة تجنيد سجناء جنائيين وخارجين عن القانون لاغتيال عرفات داخل السجن السوري وأيضا هذه الخطة لم تخرج لحيز التنفيذ وأطلق سراح ياسر عرفات بعد ذلك فى سقطة أخرى للموساد.

وحينما جاءت نكسة يونيو 1967 أرغم ياسر عرفات، على القتال بشكل مفاجئ خلال جولة ميدانية في القدس الشرقية و لكنه سرعان ما هرب من قادة "الشاباك" أنفسهم.

أما بعد نكسة يونيو 1967، تحولت عمليات عرفات ورجاله من عمليات هواة إلى عمليات قاتلة ولكن "إسرائيل" ولمدة ستة أشهر لم تكن تعرف مكان وجوده حتى جاء العميل "جروتيوس" الاسم الحركي لأمد عناصر الشاباك الإسرائيلي والذي كان ينتمي لحركة فتح، إذ سلم لمسؤوليه في الشاباك معلومات أفادت بأن قيادة عرفات نقلت الى البلدة الأردنية الكرامة، حينها قرر الجيش التوغل في البلدة وتصفية عرفات ورجاله ولكن كما هو معروف تعقدت العملية وقتل فيها 28 جنديا إسرائيليا ونجح عرفات بالهرب من البلدة في الثواني الأخيرة.

فى عام 1968 بعد نجاح الجبهة الشعبية بقيادة عرفات في اختطاف طائرة شركة "العال" الإسرائيلية؛ فكر "الموساد والشاباك" معا في تصفية عرفات بطرق تعد أكثر غرابة فى التاريخ.

وكانت الخطة الأكثر غرابة هي محاولة اغتيال عرفات عن طريق التنويم المغناطيسي عن طريق طبيب نفسي فى سلاح البحرية الإسرائيلي يدعى "بنيامين شاليط" و على ما يبدو أن فكرة المراهنة على تنويم شخص ما وربط مصير عملية هامة بهذا الشخص أمرا غريبا ولكن هناك منظمات استخباراتية أكبر بكثير من الموساد مثل "السي أي ايه" و"الكي جي بي" أجرت في تلك الفترة تجارب عديدة على التنويم المغناطيسي.

وفى عام 1973 جاءت فرصة على طبق من فضة للموساد والجيش الإسرائيلي ليس لاغتيال ياسر عرفات فقط بل جميع قادة منظمة التحرير التي نظّمت في ذلك الوقت احتفالا كبيرا في بيروت وقبل الاحتفال بساعة تقريبا اجتمعت القيادة في مكتب قريب وهنا بدأت طائرات "الفانتوم" الإسرائيلية التدريب على قصف المكتب ولكن في يوم التنفيذ غطت سحابة كثيفة الهدف ومع هذا اتخذ سلاح الجو قرارا بإرسال الطائرة على أمل أن تفتح باب الفرصة حين يحين الوقت وتسمح الظروف للطائرة برؤية أفضل وكانت الأوامر للطيارين تؤكد عليهم تنفيذ القصف فقط في حالة مشاهدة الهدف لكن حانت الساعة الموعودة ولم تفتح نافذة الفرصة المرتقبة وهنا حاول الطيارون الهبوط أسفل الغيوم وحينها ترائى لهم الهدف واسقطوا قنابلهم لكن وبسبب إسقاط القنابل من ارتفاع منخفض لم يكن بالمقدور توجيهها فسقطت على سطح المبنى ولم يصب سوى سائق أبو جهاد الذي وقف خارج المبنى يدخن سيجارته ونجا عرفات "صاحب الألف روح"، على حد وصف الموساد، مرة أخرى.

وفى عام 1982 اصدر رئيس الوزراء الاسرائيلي "مناحم بيجين" أوامره بإلغاء خطة "واجد واجد" لاغتيال عرفات بسبب إمكانية إصابة أشخاص رفيعي المستوى الدبلوماسي العالمي فى هذه العملية.

وفى حرب لبنان الأولى كان عرفات أحد أهم أهداف هذه الحرب وفورا مع تقدم القوات الاسرائيلية نحو بيروت أقام رئيس أركان الاحتلال "رفائيل إيتان" قوة مهام خاصة أطلق عليها الاسم الرمزي "السمك المملح" مهمتها مساعدة رجال الموساد في تعقب وتحديد مكان عرفات وقتله و لكن جميع المحاولات التي استهدفت قتل عرفات فى هذه الحرب باءت بالفشل.

وتوالت محاولات اغتيال عرفات منذ عام 1984 و حتى عام 2001 و لكن تميزت تلك المحاولات بأنها ثأر من رئيس الوزراء الإسرائيلي "ارييل شارون" الذي واصل كراهية عرفات طيلة السنوات الماضية رأى به جزءا من المشكلة وليس من الحل وبدأت مع بداية عام 2001 النقاشات داخل إسرائيل والمتعلقة بالسؤال ماذا نفعل مع عرفات.

وأدت تخوفات "إسرائيل" فى هذه المرحلة من قتل عرفات إلى أن توصلوا لإقناع الدول الأوروبية بأن عرفات ليس الرئيس الشرعي للسلطة الفلسطينية.

واصل قادة الاحتلال التفكير طوال الوقت ماذا يفعلوا بعرفات وكان هناك انقساما في الآراء هناك من اعتقد بضرورة قتله علنا وهناك من اعتقد بقتله سرا بشكل لا يربط مقتله بإسرائيل وهناك من اعتقد بإبعاده وطرده.

وعلى مدار 13 يوما مكثها عرفات في مستشفى "بيرسي" الفرنسي حاول طاقم كبير من الأطباء والخبراء إنقاذ حياته ويتضح من التقرير الكبير الغريب الذي نشر لأول مرة في كتاب الحرب السابعة للكاتبين "عاموس هرئيل" و"آفي سخاروف" بأن الأطباء والخبراء وقفوا عاجزين أمام المرض الغريب الذي أصيب به ياسر عرفات.

وتشير التقارير إلى أنه وفي يوم 12 أكتوبر عام 2004 حين كان عرفات محاصرا وبعد أربع ساعات من تناوله لوجبة العشاء أصيب بأوجاع في البطن وإسهال وغثيان وحالة من القيء وإحساس عام بالسوء واستمرت الحالة وبعد عدة أيام ظهرت حالة من اليرقان وبعد فحص "الكتراساوند" لبطنه ولم يكتشف سببا محددا للمرض لكن لوحظ تدهور في وضعه وانخفاضا مستمرا في عدد الصفائح الدموية.

وخلال وجوده في المستشفى ثارت شكوك حول تعرضه لتسمم على يد جهات معينة فأجرى الأطباء سلسة واسعة من الفحوصات الدم والبول وفحوصات السموم الطبية وسموم المعادن الثقيلة، بما في ذلك فحص وجود عنصر السيزيوم والكروم والكوبلت وغيرها من العناصر إلى جانب مواد مشعة يمكنها تسبب حالة من التسمم الإشعاعي وجميع الفحوصات كانت سلبية لكن عنصر البولونيوم الذي سبب الوفاة حسب نتائج التحقيق الأخيرة لم يجري فحصه لكن لا يمكن اتهام الأطباء بهذا حيث وصلت المعلومات المتعلقة بإمكانية استخدام هذه المادة للقتل فقط عام 2006 بعد تسميم إلكسندر ايتفيتتكو العميل الروسي السابق الذي قرر توجيه الانتقادات العلنية للرئيس بوتين.


مواضيع متعلقة